بعيداً عن تلك الصورة التى كثيراً ما حفظناها فى مخيلاتنا عن المرأة القيادية فى أى منصب كبير ومهم، فهى فى الغالب صاحبة تكشيرة عريضة وتقاطيع حازمة متقدمة فى السن، أما الأناقة فهى آخر همها، والبحث عن الشياكة والموضة فى ملابسها ومكياجها وتسريحة شعرها هو ضرب من العبث، الذى تظن معه أنها قد تطيح بمنصبها ومركزها أمام الناس، أو تظن أنها قد تفقد مصداقيتها فى أنها سيدة تستطيع إدارة من ترأسهم من الرجال بقوة وحزم، لذا من السهل جداً أن ترتدى ملابسهم وتتشبه بهم!! نعم.. بعيداً عن هذه الصورة الغريبة التى طالما ألفناها «عن السيدة المهمة ذات المنصب»، تقف الدكتورة رانيا المشاط- وكيل محافظ البنك المركزى للسياسات النقدية - فى منطقة خاصة جداً- هى امرأة قدمت الكثير من الجهد والعمل الجاد، لم تصل إلى منصبها الحالى على جناح «واسطة»، وبالطبع لم تصل إلى منصبها عبر ملامحها الجميلة وابتسامتها الرائعة لأن الحكاية لدى المشاط تبدأ منذ الطفولة، هذا الحلم الجميل بأن تحصل على لقب «دكتورة» لم تعلم وقتها «دكتورة فى إيه»، ولكن هى تريد أن تكون دكتورة وخلاص كما كانت تقول لكل من حولها، بل كان للحلم شرط آخر هو حصولها على الدكتوراة فى سن الخامسة والعشرين، فكانت دكتورة رانيا المشاط أصغر دكتورة تخرجت فى «جامعة ميريلاند» بواشنطن لتترشح بجدارة لمنصب مهم بصندوق النقد الدولى، حيث عملت لسنوات كخبير اقتصادى فى عدة أقسام مختلفة، منها قسم الاستراتيجيات الاقتصادية والمراجعة وقسم أسيا والمحيط الهادى، حيث كانت ضمن فريق العمل المتابع لاقتصاديات الدول الناشئة فى شرق آسيا مثل الهند وفيتنام كما شغلت منصب نائب ومدير مشروع بمركز الإصلاح المؤسسى والقطاع غير الرسمى «IRis» فى جامعة ميريلاند بالولايات المتحدةالأمريكية، فكانت «وجه مصر المشرف فى جميع هذه المناصب الدولية». كذلك قامت بالتدريس كأستاذة اقتصاد غير متفرغة فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهى زميل باحث فى دوريات علمية ومؤتمرات عالمية حول سياسات الاقتصاد الكلى والسياسة النقدية، بالإضافة إلى شغلها منصب فيما يخص الإصلاح المؤسسى والإدارى فى مصر والدول الناشئة.. حصلت على جوائز تميز عديدة لمجهوداتها البحثية ولمساهمتها فى العمل العام والسياسات الاقتصادية والتنمية، حيث تم اختيارها كإحدى القيادات الدولية الشابة لمنتدى الاقتصاد الدولى بدافوس سنة 2014 كما اختيرت ضمن التصنيف السنوى لأبرز مائة شخصية قيادية شابة بأفريقيا فى سنة 2014، كما تم اختيارها ضمن قيادات المستقبل الشابة من قبل الحكومة الفرنسية فى عام 2013.. مثلت د.رانيا المشاط البنك المركزى فى اللجان المتخصصة فى البرلمان المصرى منذ عام 2005، كما شاركت فى الإعداد والتحدث فى الحوارات المجتمعية عن برنامج الإصلاح المالى والاقتصادى المصرى، كذلك هى تمثل جمهورية مصر العربية والسلطة النقدية المصرية فى المؤتمرات والندوات الاقتصادية المحلية والدولية، لأنها تشغل منصب وكيل محافظ البنك المركزى المصرى للسياسة النقدية، الذى تقوم فيه بتطوير استراتيجية السياسة النقدية الذى تم تدشينها فى عام 2005 ضمن برنامج الإصلاح المصرفى، كما تشرف على إعداد وعرض تقارير السياسة النقدية الذى يتضمن تحليلاً تقنيًا لتقييم الوضع الاقتصادى الذى تقرر على أساسه لجنة السياسة النقدية أسعار العائد الرئيسية للبنك المركزى، كما تشارك فى إدارة السياسة الاقتصادية الكلية للدولة من خلال تصميم إطار الاقتصاد الكلى بالتعاون مع الوزارات والجهات الاقتصادية المختصة لتحديد الفجوة التمويلية وتحديثها بشكل دورى ضمن مسئوليات المؤسسات الأخرى فى الدولة.. عملت د.رانيا المشاط بصندوق النقد والبنك الدوليين لمدة خمس سنوات، لتكتسب العديد من الخبرات الدولية، لأنها جمعت فى منصبها بين السياستين النقدية والمالية.. ودائماً تؤكد د.رانيا المشاط أنه لولا التطوير الذى لحق بالجهاز المصرفى طيلة عشر سنوات وتحديداً من 2004 وحتى قيام ثورة يناير لما استطاعت أن تواجه عدة أزمات لاسيما الأزمة الاقتصادية العالمية فى 2008. وأخيرا كرمتها الجمعية المصرية لشباب الأعمال فى يوم المرأة العالمى فى تكريم رموز المرأة ممن قمن بإسهامات فى مجالات مختلفة من العمل الوطنى •