ريشة - هبه عنايت كانت إجابتها مفاجأة لى عندما سألتها عن أمنياتها فى الحياة.. سيدة بسيطة تعمل فى سوبر ماركت تدعى إيمان فى الخامسة والأربعين من عمرها، ابتسامتها جذبتنى للحديث معها ولكن إجابتها عن سؤالى جعلتنى فى حيرة من أمرى، فإيمان لم تتمن منزلا جديدا أو ملابس جديدة أو وظيفة جديدة بل تمنت أن يعمل زوجها ويكتفى من الاستنطاع عليها وتكتفى هى بالبيت والأولاد.
إيمان تعمل فى السوبر ماركت منذ سنوات، تسكن فى حى شعبي بمنطقة إمبابة لديها ولد وبنت، تزوجت وهى فى الخامسة والعشرين من عمرها من زوجها عمار الرجل الذى يكبرها بعشر سنوات. عمار لم يكن يمتلك صنعة كان يعمل فى كل شىء لكنه لم يكن يتقن أيا منها. (أرزقى) عمل فى سوبر ماركت وكنقاش وبائع وسائق توك توك. وبعد سنة من الزواج بدأ يتذمر من مصروف البيت وطلب من إيمان أن تساعده فى المصروف، فاضطرت إيمان أن تعمل فى مدرسة كعاملة نظافة ولكن عمار زاد فى (نطاعته) على حد قولها ولم يعد يذهب للبحث عن العمل واضطرت إيمان إلى أن تعمل بعد المدرسة فى السوبر ماركت كوردية أخرى. إيمان نموذج للمرأة التى تعول أسرتها بالكامل فزوج إيمان يقضى أغلب وقته على القهوة، يدخن الشيشة والسجائر، بينما هى من تعمل صباحا ومساء. أم احمد خادمة، امرأة سمينة سمراء كانت تجلس أمام التليفزيون تشاهد المسلسلات خرجت «آه» حسرة منها، سألتها عن سبب «الآه» فأكدت أنها كانت تتمنى أن تصبح جميلة مثل جميلات السينما فلقد هجرها زوجها لأنها سمراء، وكان يعايرها بسمار بشرتها.. فأم أحمد من جنوب الصعيد من قرية جهينة بسوهاج تقول: هناك النساء كلهن سمراوات لكن لا أحد من أزواجهن يتركهن لكن الله رزقنى بزوج فى كل كبيرة وصغيرة يقول لى احمدى ربنا أنى تزوجتك، تضيف قائلة: كنت صغيرة عندما طلقنى أول مرة وذهبت إلى أهلى نصحتنى أمى بأن استسلم لقدرى وأن أعمل وأساعد فى مصروف البيت مادام زوجى لا يرانى جميلة فلن أنال أى قدر من التدليل، وعدت إليه وليتنى ما عدت من يومها وأنا أعمل خادمة داخل وخارج البيت وهو نائم فى الفراش يأخذ تعبى وعرقى وينفقه على مزاجه بل أنه تزوج على وهجرنى منذ سنوات قليلة ورضيت بما قسمه الله لى لكنى أحيانا أنظر إلى شقيقاتى وأجدهن أسعد حظا منّى على الرغم من أنهن سمراوات أيضا لكن العبرة فى الرجل. • صينية الجبن القريش «تقى» امرأة فى الثانية والعشرين من عمرها تجدها فى حى الدقى معروفة لدى سكان المنطقة تبيع جبن قريش.. حلمها أن تبتعد عن صينية الجبن و(تتستت فى البيت). تقى تزوجت منذ ثلاث سنوات وتعرض زوجها لحادث ألزمه السرير فى المستشفى عاما كاملا مما جعل صاحب العمل يستغنى عنه لكن المشكلة فى أن الزوج كما تقول تقى (خد على قعدة البيت) فبعد أن تحسنت صحته لم يبحث عن عمل وظلت صينية الجبن هى التى تصرف عليه وعليها وعلى ابنتيها.. تقى كل حلمها أن تعمل داخل المنزل ترعى طفلتيها وتستقر فى بلدتها ببنها ولا تحتاج أن تأتى للعمل من قريتها الصغيرة لشوارع القاهرة كى تبيع الجبن والبيض والخضروات، تحلم بعام جديد يعمل فيه الزوج كباقى الرجال يذهب للعمل صباحا وتظل هى فى المنزل تنظف وتطهو وترعى الطفلتين، تستقبله بجسد مستريح لا غبار عليه من الشارع تحلم بأن ترحم من شمس الصيف الحارقة ومن أمطار وبرودة الشتاء تحلم بشوى البطاطا فى منزلها والتهامها مع ابنتيها، وأن يكون الشارع مكانا لزوجها للعمل والعرق والكد وتنعم هى بهدوء البيت. تقى تؤكد أن الشارع يقسو على المرأة ولا يتعامل معها بإنسانية، موضحة أنها تعانى يوميا فى المواصلات حتى تأتى للقاهرة، وتعانى من نظرات الرجال لها، ومن سخرية الستات منها. • الزوج الهارب شيماء 28 عاما متزوجة وعندها ولد وبنت (فرشة الخضار هى أكل عيشها) زوج شيماء ذهب للعمل فى ليبيا نقاش قبل الثورة وبعد الثورة انقطعت أخباره، فاضطرت إلى أن تنزل للشارع لتعمل وتنفق على أولادها الثلاثة وبعد فترة عاد الزوج بلا عمل، شهور طويلة كانت شيماء هى من تعمل أيضا خلالها.. بعض جيرانه ساعدوه فى السفر للسعودية لكن الزوج لم يعد كما كان فلم يعد يرسل النقود وتنقطع أخباره بالشهور، الزوج قد هرب من مسئولياته كلها البيت والأولاد ووالدته المريضة ترك الحمل كله لها، وهى امرأة اعتادت ألا تهرب من مسئولياتها تصحو فى الصباح الباكر لتذهب للعمل ثم تعود بعد ساعات لتطهو وتنظف وتهتم بحماتها المريضة. شيماء تعمل طوال النهار وتصر على أن يتعلم الأولاد فى المدرسة، كى يكونوا أفضل حظا منها، مشيرة إلى أنها لو كانت تعلمت ما كانت ظلت تحت رحمة زوج أنانى. •