هو الحصان الرابح فى عالم المسرح فما أن تسمع اسمه إلا وتتأكد أن هذا العرض يستحق المشاهدة، جميع عروضه ناجحة تستقطب عددا كبيرا من الجمهور، أبطاله معظمهم يقفون على المسرح لأول مرة ثم بعد ذلك يصبحون نجوما مطلوبين فى جميع الأعمال سواء التليفزيونية أو السينمائية، لا يبخل عليهم بأى شىء يدربهم على جميع الفنون منها التمثيل والإلقاء والوقوف على خشبة المسرح لكى يقدم نجوما محترفة لا ينقصهم أى شىء، إنه المبدع خالد جلال. حضرت «صباح الخير» عرضه الأخير بعد الليل والمكون من 33 ممثلاً وممثلة عرضوا اسكتشات لأهم المشاكل التى نمر بها مثل «التكنولوجيا» و«التطرف الدينى» و«القسوة» و«الإعلام» وطوال العرض تسأل أحد الممثلين سؤالا وهو «إيه إللى وصلنا لكدا».. عرض جدير بالمشاهدة والاستمتاع بنجوم مختلفة لها مستقبل باهر، تحدثنا مع البطل الرئيسى لهذا العمل وهو المخرج خالد جلال الذى تحدث عن العمل وعن فكرته. • إيه إللى وصلنا لكده؟ قال سؤال يطرح نفسه طوال العمل على لسان أحد الأبطال وهو «إيه إللى وصلنا لكده» أو بمعنى أدق ما الذى وصل المنطقة كلها إلى ذلك، باستثناء دول الخليج فجميعها انهارت، وهذا ليس وليد اللحظة ولكنه بدأ منذ عشرين عاما ونحن نعانى من حالات التفتيت للأخلاقيات والعادات والأديان والموروثات، وهذا لم يكن شيئا واضحا بل بدأ خفيا وتم تمريره من خلال الفنون والإعلام والنت والفضائيات التى جاءت من الخارج وجعلتنا ننسى عمدا تاريخنا القوى ويضيف جلال: إلى جانب مرورنا بمحاولة طمس تاريخنا، وفى رأيى الشخصى هو مخطط أن يكون العالم كله مثل قطع الشطرنج وكأنهم جندى واحد يرتدون نفس الملابس ويشاهدون نفس الشىء، ودليل على ذلك أن هناك أشياء نجحوا فيها مثل فورمات البرامج التى تصدر لنا فالجميع يشاهدها الآن إلى جانب الفيس بوك فنحن يمارس علينا لعبة غير محترمة منذ فترة طويلة. • فكرة بعد الليل ومازال الحديث لخالد جلال: أنا أعمل فى هذه العروض مخرجاً ومدرس تمثيل و«دراما تورج» بمعنى أن العروض الذى قدمتها فى أعمالى السابقة منها «قهوة سادة» وحاليا «بعد الليل» تم تنفيذهما بطريقة تعلمتها وأنا أدرس فى إيطاليا على يد مخرج «اسمه دانيلو كرموندى» كان يعمل بطريقة الارتجال وكيف أن ارتجال الممثل من خلال ما يتعرض له من مشاكل فى حياته الشخصية يمكن أن يصاغ ذلك فى عرض مسرحى واحد، وسأشرح لك المراحل التى يمر بها أى عمل أقوم به، فى البداية أنا بعمل بناء عام، وأحدد الأشياء التى سنعرضها أو بمعنى أدق أضع العناوين الرئيسية للموضوعات وأترك للممثل حرية الارتجال ونجمع ذلك كله، والسر هنا فى «حبكة الموضوع» وكيف أن تصنع من ألف مشهد أو أكثر «ساعة واحدة فقط» وأن أصوغ منها موضوعا له بداية ووسط ونهاية، وله إطار واحد يجمعه، ومن أكثر المشاكل التى عرضناها وأثرت فى هو مشهد المتطرفين والذى بين لنا ما وصلنا له وهو أن جميع الفئات أصبحت متطرفة، ومشهد آخر وهو المصور الفوتوغرافى الذى يتذكر الصور القديمة من أيام أم كلثوم وعبدالحليم وجمال عبدالناصر والممثل يحدث نفسه فى هذا المشهد ويقول إن كاميرته الخاصة لا تريد التصوير الآن لأن الواقع أصبح قبيحا. • تصدير الإحباط هذا المشهد لا يصدر لكم الإحباط بل بالعكس هذا يدعو إلى الفخر وليس الإحباط وأن الشباب لديهم عظماء مثل هؤلاء وسيظلون يتذكرونهم وهذا سيدفع كل شخص أن يكون علامة فى جيله مثل هؤلاء، وهذا المشهد بالفعل مؤلم ولكنه دافع وحافز كبير لهم. • نشاهد أنفسنا فى بعد الليل وللأسف الشديد نجحوا فى تحويلنا إلى كائنات مستهلكة بدلا من أن نكون كائنات مستمتعة بتاريخها، وأتذكر أننا فى يوم من الأيام كنا نشاهد حفلات السيدة أم كلثوم والأسرة بأكملها تجلس تستمع وتسهر طوال الليل تستمتع بهذا العمل الجميل فمع الوقت تحولنا إلى كائنات لا تستغنى عن الموبايل والإنترنت واستطاعوا أن يقنعونا أن هذه الأشياء لو اختفت حياتنا ستتوقف، هذه هى التكنولوجيا ولها إيجابيات وسلبيات ولكننا للأسف أخذنا الجزء الأخير منه، وقد استغلوا هذا الجزء لكى يسقطوا مجتمعات بأكملها، وقد عرضنا هذه المشكلة الخطيرة فى بعد الليل لدرجة أن الجمهور يقول لى أنه يشاهد نفسه داخل العرض من شدة تطابق العرض المسرحى مع واقعهم. • بدائل للأسف لا يوجد بدائل للمشاكل التى نمر بها لأنهم استغلوا صغائر الأمور وسأعطى لكم أدلة على كلامى ففى موضوع الفيس بوك هما استغلوا نقيصة بشرية توجد لدى كل الناس وهى الفضول والنميمة، وكل شخص يريد أن يعرف ماذا يفعل الآخر لذلك اخترعوا شيئا يجعل الجميع يحكون عن أنفسهم كل شىء ويقولون تحركاته، وأتذكر أنه فى الماضى كانوا يرسلون جواسيس يجلسون على المقاهى لكى ينقلوا نبض الشارع ويعرفوا من ضد ومن مع، فحاليا لا يحتاجون أن يفعلوا ذلك لأننا أصبحنا حاليا نحن المرشدون لهم وأصبحنا بكلمة منهم يمكن أن ينزلك الشارع وبكلمة يقدر يبقيك فى البيت. • بعد الليل سيأتى النهار أعتبر أن الوقت الحالى هو «بداية النجاة» وأننا البلد الوحيد فى الإعصار الذى حدث الذى وجد من ينقذه والرجل الذى استطاع أن يوقف ويرفض الذى يحدث وينبه الآخرين لخطورة الموقف واستطاع أن يكشف المخطط الذى كان يحدث لنا. • من السبب السبب فى حالة التسطيح الذى حدث لنا هما الدولة وأنفسنا، لو تنبهنا أن الموضوع حدث تدريجيا عندما بدأوا يلغون النشاط فى المدارس متمثلا ذلك فى حصص الرسم والمسرح فلغوا الحوش المدرسى والذى كان يطلع نجوم فى الرياضة وفى الشعر والرسم وجميع الفنون وعندما سمحت الدولة بذلك سطحت جيلا كاملا ونحن عرضنا ذلك فى «بعد الليل» فى مشهد المدرسة التى قبلت لأنها بالواسطة وتركوا المدرس الحقيقى ووقتها قلنا «نقرأ الفاتحة على الجيل كله». • الانتباه إذا لم تحل كل هذه المشاكل التى تكلبشنا سنكون مثل البلدان التى انهارت وإذا لم ننتبه إلى أننا وطن له تاريخ كبير وأن مصر هى أهم بلد فى الوطن العربى بسكانه وبموقعه التاريخى ومواقفه السياسية ولو فضلنا نخسر كل يوم شىء سنصبح مثلنا مثلهم فى أقرب وقت.•