وأخيرا عاد المسرح القومى للحياة واعادت أنفاسه تنشر الفن والثقافة من جديد بعد 6 سنوات من الحريق الهائل الذى التهم معظم محتوياته، انتهت أخيرا أعمال تطويره وترميمه، وافتتحه رئيس الوزراء إبراهيم محلب يرافقه وزير الثقافة جابر عصفور ورئيس البيت الفنى للمسرح فتوح أحمد وجموع من الفنانين. المسرح القومى هو أبو المسارح المصرية وحجر الأساس الذى شيدت عليه أعمدة فن المسرح. يعود تاريخ المسرح القومى إلى عام 1872 حينما أمر الخديو إسماعيل بتحويل بركة الأزبكية إلى حديقة غناء على غرار حديقة لوكسمبورج بباريس وعلى مقربة من الحديقة تم إنشاء المسرح الكوميدى - مبنى المطافى حاليا - ودار الأوبرا الملكية الإضافة إلى مسرح صغير وهو المسرح القومى حاليا وكان بمثابة أول مسرح وطنى يواجه مسرح الطبقة الأرستقراطية وقدمت على خشبته العديد من العروض كان أشهرها لفرق أوروبية تفد إلى مصر لتقدم عروضها للأجانب المقيمين فى مصر. بقرار من حافظ عفيفى وزير المعارف أسست أهم فرقه المسرحية فى تاريخ هذا الفن عام 1935، حيث كان يعانى المسرح من ترد شديد وسيطرة ما يسمى بالمسرح الهزلى وهذا ما لم يقبل به رواد الفن آنذاك، فكتب جورج أبيض مذكرة وافية ورفعها لوزير المعارف ليطلعه على تدهور وضع الفن المسرحى وتوقف معظم فرق التمثيل فى الثلاثينيات عن العمل وحينها اتخذ وزير المعارف قرارا بتأسيس فرقة مسرحية بإعانة حكومية وأطلق عليها «اتحاد الممثلين» عام 1934 التى أسست فيما بعد الفرقة القومية. جاء تأسيس الفرقة القومية بمثابة صحوة ثقافية ساهمت بشكل كبير فى وضع أسس فن المسرح، حيث شكلت ثلاث لجان تتولى الإشراف على الفرقة، وكان على رأس أعضائها د.طه حسين وشاعر القطرين الأديب خليل مطران الذى اقترح ترجمة روائع المسرح العالمى وتقديمها فى عروض تحمل طابع المزاج المصرى ،وكان من أشهر ممثليها أمينة رزق وجورج أبيض وفاخر فاخر وسيد بدير وزوزو حمدى وزكى رستم ومحمود المليجى ومحمود رضا ودولت أبيض وزينب صدقى وغيرهم من الفنانين، أما المخرجون فكان على رأسهم فتوح نشاطى وزكى طليمات ويوسف وهبى. وعلى الفور بدأت الفرقة بروفات ثلاثة عروض هى «أندروماك» لجان راسين، «مجرم» «لريتشارد فوس، «أهل الكهف» لتوفيق الحكيم التى كانت أول عرض تقدمه الفرقة القومية فى 12 ديسمبر 1935 وأخرجها زكى طليمات، وعرضت على مسرح الأوبرا، حيث كان مسرح حديقة الأزبكية يدار للعروض السينمائية بواسطة شركة مصر للتمثيل والسينما، وفى ديسمبر 1939 تم الاتفاق على أن تقوم الشركة بتأجير مسرح وسينما حديقة الأزبكية للفرقة القومية لمدة عام. استمر المسرح فى تقديم العروض من الأدب العالمى والمصرى وبفضله شهدت مصر والعالم العربى صحوة ثقافية حتى أواخر الستينيات حيث أخذ الخط البيانى لأنشطته فى الهبوط فلم يتجاوز ما كان يقدمه المسرح فى عقد كامل سوى مسرحيتين أو ثلاث يستثنى من ذلك موسم عام 1973 الذى مثلت فيه ثلاثة عروض إضافية عن حرب أكتوبر، وفى عام 1972 قدم المسرح 14 مسرحية منها ««قولوا لعين الشمس» و«أقوى من الزمن»، وكان من أبرز ممثلى الفرقة القومية فى هذا الوقت عبدالله غيث وكرم مطاوع وسناء جميل ومحمود ياسين وسميحة أيوب. وكان المسرح عبارة عن تصميم مصغر من دار الأوبرا، حيث كانت الصالة بيضاوية تتحلى بالزخارف العربية التى أعطت المسرح القومى طابعا من العراقة و التميز، ويرجع الفضل فى هذا إلى طلعت حرب الذى أنشأ بنك مصر على نفس الطراز العربى، أما تصميم المسرح وتنفيذه فقد قام به المهندس الإيطالى فيروتشى الذى كان يشغل منصب مدير عام المبانى السلطانية آنذاك. وظل المسرح القومى محتفظا بشكله حتى مع أعمال الترميم التى أجريت مؤخرا لم تغير من شكله بل أعادته لرونقه الذى كان عليه منذ نشأته.•