حزب النور والفلول إيد واحدة.. خلطة جديدة أعدها حزب النور السلفى يجمع فيها بين تراث الماضى السياسى «الحزب الوطنى» وبين حزبه الذى يدعى أنه حزب سياسى بعيدا عن وصفه أحد الأحزاب ذات الصبغة الدينية، فى محاولة منه للدخول عبر أبواب البرلمان إلى عالم السياسة الرحب بمباركة قيادات الحزب الوطنى المنحل الذين هم فى حاجة إلى من يختبئون فى عباءته ليعودوا بوجوه أكثر إطلالة إلى المشهد السياسى كذلك موقف النور الذى يرى فى نفسه المستقبل القادم لزعامة تيار الإسلام السياسى فى مصر. كانت البداية فى حوار تليفزيونى أكد فيه أشرف ثابت نائب رئيس حزب «النور» السلفى، أن الحزب يرحب بانضمام ما سماهم ب«شرفاء الحزب الوطنى» للانضمام على قوائمه فى الانتخابات البرلمانية المقبلة. وأضاف ثابت: إن حزب النور يرحب بانضمام أعضاء محترمة من الحزب الوطنى لم يشاركوا فى أى جرائم جنائية أو فساد سياسى، وأن حزب النور لا يريد أن يقصى حزبا أو أفرادا مع رفضه لمبدأ العقوبة الجماعية لأعضاء الحزب الوطنى المنحل ويرحب بالشرفاء منهم. موقف قد نتعجب له خاصة أن حزب النور هو من طالب بتطبيق العزل السياسى على قيادات الحزب الوطنى فى البرلمان الذى جاء بعد ثورة 25 يناير.
وكان ذلك تحت رعاية المحامى طلعت مرزوق، عضو مجلس الشعب عن حزب النور، الذى تقدم بمشروع قانون للمجلس، يقضى بعزل رموز الحزب الوطنى عن الحياة السياسية لمدة عشرة أعوام.
فكيف بعد أن طالب بعزلهم فى السابق، يعلن الآن رغبته فى التحالف معهم، والإشادة فى كفاءتهم وهنا علق طلعت مرزوق عبر صفحته على الفيس بوك: إن مشروع ما يُعرف «بقانون العزل السياسى» تقدم به ثلاثة نواب هم الدكتور عمرو حمزاوى، والدكتور عصام سلطان، وممدوح إسماعيل، ولم يكن حزب النور من تقدم به. مضيفاً: وقد كنت رئيساً للجنة التى نظرت هذا الاقتراح بمشروع قانون، وتم التصويت عليه بالأغلبية فى اللجنة، والجلسة العامة لمجلس الشعب السابق.
هذا فى الوقت الذى رفض فيه الحزب بشكل قاطع الانضمام مع حزب الحرية والعدالة، رغم أنه كان ظهيره السياسى فى فترة توليه الحكم مما يجعلنا نرى فى مواقف حزب النور السياسية تخبطا واضحا وأنهم يلعبون على جميع الأوجه السياسة حتى وإن أجبرتهم على وضع يدهم بيد من قاموا بالانضمام فى الثورة عليه وهو نظام مبارك برجاله وحاشيته ليعودوا الآن للفصل بين الشريف منهم والسارق وفقا للأحكام القضائية، ولماذا إذا وافق مرزوق على قرار اللجنة بمشروع القانون الذى يدعو إلى عزل رجال الوطنى سياسيا ولم يقف هو إلى جانبهم وقتها ليدافع عن الشريف فيهم وذى الكفاءة.
∎ النور يبيع مبادئه
يحلل أحمد بان الباحث فى شئون الإسلام السياسى، أزمة حزب النور بأنها هى أزمة أحزاب الإسلام السياسى بشكل عام وهى المواءمة بين الدعوة والسياسة، وبالتالى تبدو أحيانا مواقفه متناقضة، فحزب النور يعانى من جدل الدعوة السياسية فهو الآن رافض بشكل تام أن يوصف بأنه حزب ذو مرجعية دينية للخوف من الحل وفقا للدستور. وفى نفس الوقت هو يرى أنه هو الوريث الشرعى للإخوان فى المرحلة السياسية القادمة.
أما عن رؤى التيار السلفى فتختلف تماماً عن رؤى الإخوان لذلك من المستحيل تحالفها لذلك فهم أقرب للتحالف مع الحزب الوطنى دون غيره، لأنه يحاول أن يعكس أنه حزب لديه قبول يريد أن يبقى فى المشهد السياسى.
∎ لا ثوابت فى السياسة
لعن الله السياسة.. هكذا علق الشيخ محمد حجازى رئيس الحزب الإسلامى- الذراع السياسية- لجماعة الجهاد- فى البداية على موقف حزب النور بشكل عام فى المشهد السياسى مؤكدا أن المبادئ والثوابت لا تتغير حتى وإن اعترضت مع مصالحه السياسية فكيف له بعد أن يطالب بعزل الفلول وتحديدا الحزب الوطنى وأن يرحب الآن بعودته وانضمامه بدعوى أنه لم يكن جميعهم مفسدين دون أن يعلق على أن الساكت فيهم على الحق كان شيطانا أخرس.
كما كان حزب النور فى الماضى يعيب على الإخوان مواءمتهم للظروف السياسية وهو الآن من يتصدر هذا الموقف رغم أن أغلى ما لدى الأحزاب الإسلامية ثباتهم على مبادئهم ولو استمر فى هذا النهج سيخسر قواعده الشعبية.
∎ لا للإخوان
أما عن رد حزب النور تجاه كل هذه التساؤلات فيقول سيد مصطفى خليفة: إن أشرف ثابت قال بالنسبة لحزب النور مستعد للتعاون مع أى حزب أو شخص فى الانتخابات البرلمانية القادمة.
وعندما سئل عن موقف النور من الحزب الوطنى قال ثابت «إن كل شخص انتسب إلى الحزب الوطنى سابقا وكان غير موصوم بالفساد المالى أو الإدارى أو السياسى مستعدين للتعامل معه».
وأضاف خليفة إنه من المعروف أن أشخاصًا كثيرين ممن كانوا ينتمون إلى الحزب الوطنى أو أعضاء مجلسى الشعب والشورى كانوا أناسًا محترمين وأدوا أداء جيدا وخدموا دوائرهم لذلك، فمن غير الصحيح تطبيق حكم العزل على كل من انتمى للحزب الوطنى لمجرد الانتماء لأن مبدأ الإقصاء والتهميش دون ثبوت فساده إلى أن يعمل ضد المصلحة الوطنية.
أما عن إمكانية تحالف النور مع الإخوان فيؤكد خليفة أن هذا الأمر شبه مستحيل حتى من جانبهم بعد أن أصبح النور عدوهم الأول من وجهة نظرهم كما تتضح رؤية تحالف دعم الشرعية.
ولو كنا من البداية متفقين فكرا ومنهجا مع الإخوان ما كنا أنشأنا حزب النور ولكننا أسسنا الحزب لأننا علمنا أن الآخرين اختياراتهم للإصلاح السياسى مختلفة عن اختيارنا، وبالتالى أنشأنا حزبا مختلفا ونقبل التعامل مع من لم يثبت إدانته ماديا أو إداريا أو سياسيا بالحزب الوطنى، وبسؤالى عن اتباع نفس الأمر مع من لم يثبت أدانتهم من جماعة الإخوان فيقول خليفة: من لم يثبت إدانته قضائيا سواء إخوان أو حزب وطنى أو أى مصرى، فنحن مستعدين للتعامل معه فمن صعد منصات رابعة وهدد وتوعد فالناس هى من ستعزلهم أما تحالفنا السياسى مع الحرية والعدالة فى الانتخابات البرلمانية القادمة فهذا غير ممكن تماما.
وبالحديث عن لقاء الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب بوزير الأوقاف لبحث قرار وقف اعتلاء المنابر لمن لا يحمل هوية أزهرية يصرح خليفة: إن الدكتور يونس لم يبحث النقاش حول موضوع دينى من اعتلاء السلفية للمنابر إنما يتحدث عن الأثر السياسى لقرار وزير الأوقاف بمعنى أن هناك بعض التيارات التكفيرية التى تلجأ للعنف، فيمكن لمثل هذا القرار أن يحرم بعض المنابر من أن تواجه هذا الفكر التكفيرى والعنيف بما هو قادر على مواجهته لأن من الممكن أن يكون خطباء وزارة الأوقاف لم يكون لديهم خبرة تجاه هذا الأمر لذلك فهو يتحدث فى الأثر السياسى وليس فى الشأن الدعوى ووزير الأوقاف مرحب بالتعاون بين أى من الأحزاب السياسية التى تراجع معه أى قرار وبالفعل الوزير وعد بأن يكون هناك لقاء مقبل فى حالة أن وجد هذا الكلام له محل من النظر.
وفى النهاية كانت رؤية خليفة تجاه مستقبل حزب النور فى الانتخابات البرلمانية القادمة فيقول: نأمل أن نحصل على النسبة التى حصلنا عليها فى البرلمان السابق وكانت نحو 20٪، إلا أن الظروف الصعبة التى أعقبت سقوط نظام الإخوان هى معاناة يواجهها التيار الإسلامى بسبب فشل الإخوان وتصرفاتهم الخاطئة، وما صدر منهم من عنف انعكس سلبا على شعبية التيار الإسلامى بشكل عام ونحن لن نتحمل أخطاء الإخوان، ونثق فى شعبية حزب النور، وأن قطاعا كبيرا من الشعب يؤيدنا، ويثق فى إخلاصه تجاهه وتجاه الوطن.