حالو ياحالو.. كل عام وأنتم بخير، رمضان على الأبواب، ومن أحد مظاهر حلول هذا الشهر الكريم فانوس رمضان، فمن منا لم يحظ بفانوس فى رمضان اختاره بنفسه وظل يلازمه طويلا، فحتى إن اختلفت وتنوعت أشكاله، واختفت هيئته الأصلية، ولو ارتفع سعره.. يبقى الفانوس هو أحد أهم مظاهر رمضان، ويظل رمزا خاصا بشهر رمضان خاصةً فى مصر. يعتبر سوق السيدة زينب من إحدى الأسواق المخصصة فى صناعة فوانيس رمضان، فبمجرد أن يهل الشهر الكريم يبدأ أصحاب المحال بفرش الفوانيس بأشكالها وأحجامها المتنوعة. نزلت سوق السيدة، ورأيت الفوانيس أشكالاَ وألواناً، وبالرغم من أن الشكل المعتاد للفانوس التقليدى أصبح قليلا، وحلت محله فوانيس على هيئة ألعاب للأطفال مع الاحتفاظ بأغنيات الزمن الجميل الخاصة برمضان.
∎ السيسى فانوسى
رأيت فوانيس على هيئة سبونش بوب، وبطوط وميكى وعم دهب، وفوانيس أخرى بأشكال متنوعة. لكن أكثر ما لفت نظرى هى الفوانيس التى اتخذت هيئة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورأيت الإقبال عليها كثيرا، وأيضا فوانيس الدبابات.
والجديد هذا العام هى فوانيس كأس العالم على شكل كرة ذهبية والتى يقف أمامها الكثير من الأولاد، ويشاهدونها.
أما عن الأسعار فهى تتراوح من خمسة وعشرين إلى مائة جنيه، وبالرغم من أن فانوسى السيسى وكأس العالم يتراوح ثمنهما بين 60 و 70 جنيها، لكن الإقبال عليهما شديد، وهما الأكثر مبيعا بالإضافة إلى سبونش بوب.
فى سوق السيدة زينب قابلت ناهد مصطفى - ربة منزل وأم لأربعة أطفال، وقالت لى:لقد اعتدت منذ أن كنت صغيرة أن أذهب مع أبى إلى السيدة زينب لنشترى فانوس رمضان، وحافظت على هذه العادة حتى كبرت وأصبح لى أطفال فأتيت معهم لأشترى الفوانيس.
وعن الفارق بين فوانيس زمان وفوانيس اليوم تقول ناهد: الفانوس هو الفانوس، فرمضان لا يصبح رمضان بدون شراء الفانوس للصغار أو حتى للكبار.
اختلف الأمر فقط فى شكل ونوع الفانوس، فزمان كان فانوس الشمعة فقط أما اليوم فقد أصبحت هناك أشكالا وأنواعا متعددة، وكل طفل يختار ما يستهويه.
وعن نفسى فقد اختارت ابنتى الكبرى فانوساً على هيئة عروسة، والأخرى سبونش بوب، أما الولدان فقد اختار الاثنان فانوس السيسى، أحدهما اختاره على هيئة ضابط، والآخر اختاره وهو يركب دبابة.
وبالرغم من أن الولدين كليهما أردا شراء الرئيس السيسى، لكنهما رفضا كلامى بتوفير النفقات وشراء واحد فقط لهما.
وبالطبع الأسعار مرتفعة جدا،وتحتاج لميزانية منفصلة، فضلا عن أسعار الياميش ولوازم رمضان، ومع ذلك أنا لا أستطيع ألا أشترى فوانيس.
∎ كله صينى
يقول عماد محمدى-تاجر فوانيس بالسيدة زينب: مهنتى الأساسية تجارة لعب الأطفال، لكن فى هذا الوقت من العام أتاجر فى الفوانيس، وأستوردها من الصين لأنها تباع هناك أرخص من أى دولة أخرى، كما أنهم يصنعون كل شىء حتى لعب الأطفال،فهم يعرفون متطلبات السوق المصرية لدرجة أنهم فاجأونا هذا العام بفوانيس الرئيس السيسى والتى لاقت إقبالا شديدا بالرغم من سعرها المرتفع مقارنة بالأشكال الأخرى.
نفس الأمر بالنسبة لفانوس كأس العالم الذى يجذب الأطفال الذكور ويشترونه بأى سعر. - وعن الأسعار هذا العام يقول محمدى إنها تتقارب كثيرا مع أسعار العام الماضى باستثناء الأشكال الجديدة فهى مرتفعة الثمن قليلا.
فمثلا الفانوس السيسى يتراوح ثمنه من خمسين إلى سبعين وثمانين جنيها حسب الحجم ونفس الأمر بالنسبة لفانوس كأس العالم.
وعن حجم الإقبال يؤكد التاجر أن الإقبال هذا العام مرتفع كثيرا عن العام الماضى بسبب استقرار البلد، فالعام الماضى لم تكن الأمور مستقرة، وهذا ترتب عليه ضعف إقبال الناس على شراء الفوانيس العام الماضى، أما هذا العام فالوضع مختلف.
∎ كلمة إغريقية
ولمن لا يعرف فكلمة الفانوس إغريقية تشير إلى إحدى وسائل الإضاءة، وفى بعض اللغات السامية يقال للفانوس فيها «فناس» ويذكر الفيروز أبادى مؤلف القاموس المحيط، أن المعنى الأصلى للفانوس هو «النمام» ويرجع صاحب القاموس تسميته بهذا الاسم إلى أنه يظهر حامله وسط الظلام.
وقد استخدم الفانوس فى صدر الإسلام فى الإضاءة ليلاً للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب.
وهناك أيضا العديد من القصص عن أصل الفانوس. إحدى هذه القصص أن الخليفة الفاطمى كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق، وكان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معاً بغناء بعض الأغانى الجميلة تعبيراً عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان.
هناك قصة أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين أنه أراد أن يضىء شوارع القاهرة طوال ليالى شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس تتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها.وتروى قصة ثالثة أنه خلال العصر الفاطمى، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا فى شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوساً لتنبيه الرجال بوجود سيدة فى الطريق لكى يبتعدوا. بهذا الشكل كانت النساء تستمتعن بالخروج وفى نفس الوقت لا يراهن الرجال. وبعد أن أصبح للسيدات حرية الخروج فى أى وقت، ظل الناس متمسكين بتقليد الفانوس حيث يحمل الأطفال الفوانيس ويمشون فى الشوارع ويغنون.
وأول من عرف فانوس رمضان هم المصريون.. وذلك يوم دخول المعز لدين الله الفاطمى مدينة القاهرة قادما من الغرب.. وكان ذلك فى يوم الخامس من رمضان عام 358 هجرية.. وخرج المصريون فى موكب كبير جدا اشترك فيه الرجال والنساء والأطفال على أطراف الصحراء الغربية من ناحية الجيزة للترحيب بالمعز الذى وصل ليلا.. وكانوا يحملون المشاعل والفوانيس الملونة والمزينة وذلك لإضاءة الطريق إليه.. وهكذا بقيت الفوانيس تضىء الشوارع حتى آخر شهر رمضان.. لتصبح عادة يلتزم بها كل سنة.. ويتحول الفانوس رمزا للفرحة وتقليدا محببا فى شهر رمضان.
بعدها انتقلت فكرة الفانوس المصرى إلى أغلب الدول العربية وأصبح جزءا من تقاليد شهر رمضان لاسيما فى دمشق وحلب والقدس وغزة وغيرها.