أخيرا شارع المعز لدين الله الفاطمى يعود مرة أخرى ليكون متحفاً مفتوحاً لزائريه، ومن بعده شارع الجمالية بعد أن أصابهما بعد 25 يناير2011 من عمليات تخريب وسرقات وعشوائيات وقد تكلفت الدولة أموالاً كثيرة لإصلاح هذه الاعتداءت والسؤال الذى أوجهه لوزير الآثار ومحافظ القاهرة من يضمن للشارع الأمان والاستقرار بعد كل هذه الملايين التى دفعت من أجله هذا؟! شارع المعز لدين الله الفاطمى أقدم شارع فى العالم.. عمره من عمر القاهرة بناه جوهر الصقلى سنة 362 هجرية 972 ميلادية ليكون مكان عاصمة الدولة الفاطمية بمصر المحروسة وامتد الشارع من باب الشعرية من «باب النصر» للغورية عند «بوابة المتولى»، وبه 33 أثرا إسلاميا من أهم آثار العالم الإسلامية، ولذلك كان لابد من ترميمه وتجديده وإعادته مرة أخرى لبهائه القديم ليكون مزاراً سياحياً عالمياً.. وبمساعدة اليونسكو قامت وزارة الآثار ومحافظة القاهرة بهذه المهمة القومية وتكلف المشروع نحو 55 مليون جنيه للمرحلة الأولى وبدأ العمل فى المرحلة الثانية فى شارع الجمالية وامتداد المعز الذى قطعة شارع الأزهر ليصل للغورية ثم توقف المشروع نظراً لأحداث ثورة 25 يناير، بل تم تدميره.! فدمرت البوابات الإلكترونية التى كانت تمنع دخول السيارات بإلقاء «ماء نار» عليها فساحت موادها وتوقفت وأتلفت تماماً رغم تكلفتها العالية جداً، والشىء المؤسف أكثر أن تمت سرقة الكشافات الأرضية، التى تحيط بالمساجد الأثرية لإنارة الأثر بشكل لائق وإظهار قيمته وجماله وثمن «الكشاف الواحد7000 يورو»، والغريب أن السارق لا يستطيع الاستفادة من الكشاف ولا بيعه لأنه مخصص فقط لإنارة المناطق الآثرية.. وأما الإشغالات والتعديات فلا حصر لها تم بناء أكشاك وتعليق اللافتات وكتابات وإعلانات على الآثار والمساجد وانتشر الباعة الجائلون من كل صنف ولون بل جعلوا من المساجد الأثرية مخازن لبضائعهم ومخلفاتهم وأحاطت الزبالة الآثار وامتلأ المكان بأدخنة المقاهى والغرز التى أقيمت فى ساحات المساجد الأمامية وبجوار البيوت الأثرية، وغيرت معالم الشارع، وتحول لسوق كبيرة من الفوضى والقمامة والسيارات، والمثير للدهشة أنه تم خلع الجرانيت من أرضية الشارع.
وكل هذا حدث بتواطؤ من المسئولين بالمجلس المحلى للحى وبتراجع دور الأمن المسئول عن الحفاظ وحماية الشارع وأيضا بتخاذل من المشرفين على الآثار، وبالطبع لانغفل دور أهل الحى وأصحاب المحال التجارية ولجهل البعض منهم لقيمة وأهمية المكان الذى يعيشون فيه.
∎ غلق الأبواب
أطلق د. محمد إبراهيم وزير الآثار إشارة البدء إيذاناً بغلق شارع المعز أمام حركة السيارات فقط من خلال تفعيل عمل خمس بوابات إلكترونية تتحكم فى غلق المداخل الرئيسية المؤدية إلى الشارع من التاسعة صباحاً وحتى العاشرة مساءً يومياً، وذلك بعد أن تم التنسيق مع محافظة القاهرة وشرطة السياحة والآثار وقسم شرطة الجمالية بوضع أكشاك للحراسة لتأمين وتنظيم حركة دخول وخروج السيارات وفقاً للمواعيد المقررة، جاء ذلك أثناء جولة وزير الآثار بشارع المعز والتى رافقه خلالها د. جلال السعيد محافظ القاهرة. أوضح وزير الآثار أنه بإعادة تأهيل الخمس بوابات تتم إعادة غلق الشارع أمام حركة السيارات ليعود إلى طبيعته فيما قبل ثورة 25 يناير2011 باعتباره متحفًا مفتوحاً للمارة فقط بما يسمح للزائر أن يستمتع برحتله بطول الشارع متأملاً تفاصيله المعمارية ومعالمه الأثرية المنتشرة على جنباته مشيراً إلى أن إجمالى عدد البوابات الموجود بالشارع يبلغ 12 بوابة إلكترونية ستتم إعادة تأهيل المعطل منها تباعاً، والتى تم إتلافها إثر حالة الانفلات الأمنى التى شهدتها البلاد فى أعقاب ثورة يناير.
أضاف د. إبراهيم إن الوزارة تعمل على تنفيذ مشروع مماثل بشارع الجمالية يهدف إلى تحويله إلى متحف مفتوح على غرار شارع المعز، مشيراً إلى أنه جارى العمل على إعادة تأهيل منظومة الإضاءة بطول شارع المعز بعد أن تعرضت إلى عمليات من السرقات ومحاولات الإتلاف، لافتا إلى أن مساعى الوزارة لإعادة الشارع إلى ما كان عليه فيما قبل ثورة 25 من يناير ستستغرق 3 أشهر.. من جانبه قال محمد عبدالعزيز مدير مشروع القاهرة التاريخية، إن مشروع إعادة تأهيل منظومة الإضاءة يتم تنفيذه بالتعاون مع شركة الصوت والضوء حيث تقدر تكلفة مشروعى الإضاءة وإعادة تركيب البوابات بمليونى جنيه، يقوم على تنفيذها أياد مصرية مائة بالمائة كواحد من المشروعات التى تنفذها الوزارة على الرغم من انحسار مواردها المالية نظراً لانحسار حركة السياحة الوافدة إلى مصر.
∎ البشر قبل الآثر
تم بحمد الله إعادة الشارع وتم إصلاح ما دمر فيه على أيدى البشر «أهله وأصحابه»، وهذا الشىء المثير للدهشة يجعلنا نتوقف ونسأل أنتم أصلحتم الأثر وماذا عن البشر؟! فلابد من دعوة الأهالى «أطفال وشباب وسيدات بيوت ورجال وشيوخ»، لزيارة الآثار المحيطة بهم فى صحبة الأثريين وعمل ندوات توعية لأهمية الشارع وكيفية الحفاظ عليه ولتكن أمام ساحات المساجد أو داخل البيوت الأثرية وتنشأ جمعية من شباب الحى للحفاظ على آثارهم والوقوف أمام أى مسئول متواطئ على المخالفات والفساد سواء من الأمن أو من العاملين فى الآثار أو من المجلس المحلى حتى لا تكون الإصلاحات والافتتاحات والأموال أشياء مصيرها كمصير ماقبلها من دمار وضياع.