منذ ثلاث سنوات وعقب ثورة 25 أجريت حوارا صحفيا مع الدكتور قدرى حنفى سألته عن مستقبل مصر وما هى مواصفات الرئيس القادم لمصر وقد أجاب إجابة مختصرة بأن المصريين بعد أن كسروا حاجز الخوف فى 25 يناير فمن المستحيل أن يرضوا بأى رئيس وأن الضمانة الوحيدة هى الشعب والرقابة الشعبية وأن أى رئيس سيأتى سيكون معروفا تاريخه وخلفيته فكل شىء موثق على الإنترنت، وبعد توليه السلطة سوف يكون مراقبا من الشعب فمن الصعب أن يتمكن من خداع المواطنين الذين زادت نسبة وعيهم، وهو ما حدث بعد ذلك مع مرسى فكل ما فعله هو وأعوانه كانت الرقابة الشعبية لهم بالمرصاد بداية من الفكاهة والتندر ووصولا لكشف الخيانة وبيع البلد، كانت كل الحركات مرصودة، كل الكلمات فى الداخل والخارج تجد تحليلا عميقا وتفسيرا، لا شىء كان يمر مرور الكرام. فالرقابة الشعبية هى أقوى قوى مؤثرة حاليا الكل يهابها ومن الصعب تخطيها أو التعامل معها باستهانة أو استخفاف، وهو ما حدث الفترة الماضية حيث استهان الإعلامى باسم يوسف بالرقابة الشعبية إثر سرقته لمقال صحفى أمريكى يتبنى وجهة نظر صهيونية فى الصراع القائم بين أوكرانيا وروسيا، باسم سرق المقال بالحرف ولم يشر إلى مصدره، وعندما انكشف الأمر تعامل بعجرفة رافضا الاعتذار بشكل لائق مكتفيا بتبرير فعلته أنها غلطة غير مقصودة وأن آخر سطرين من المقال سقطا سهوا منه!
وكان من الممكن أن يكتفى بذلك لولا ثورة الفيس بوك عليه وغضب الكثير، حيث أجبرته الرقابة الشعبية على الاعتذار بشكل لائق وفى مقال كبير رضخ باسم للرقابة الشعبية مؤكدا أن ما حدث خطأ مهنى ولا يمكن تبريره وسيتوقف عن الكتابة لبعض الوقت، مشيرا إلى أنه فخور بأنه يعيش فى فترة تشكل فيها الرقابة الشعبية خط دفاع أول ضد أخطاء الإعلاميين.
أيضا حدث آخر يؤكد أن الرقابة الشعبية هى خط دفاع لحمى الوطن عندما أصدر الجيش بيانا بتفويض السيسى للترشح للرئاسة ثار الفيس بوك وثارت مواقع التواصل الاجتماعى وأكدوا أن الجيش مهمته الأساسية هى الحفاظ على أمن البلاد وسلامته وليس من صلاحياته أن يفوض مرشحا بعينه لرئاسة الجمهورية؛ لأنه ليس حزبا سياسيا وتفويضه سيكون إساءة للمرحلة الانتقالية وراجع الجيش عن التفويض طبقا للإرادة الشعبية.
والرقابة الشعبية لم تعد مجرد كلمة يلوكها الأفراد، بل أصبحت حقيقة، حيث يعتبر الكثير أن الثورتين اللتين قامت بهما مصر خلال ثلاث سنوات وقودهما هو الرقابة الشعبية فبكتابة الجملة على موقع الفيس بوك سيظهر لك العديد من الصفحات والجروبات التى تتخذ من الرقابة الشعبية منهاجا لها.
فمثلا توجد صفحة على الفيس بعنوان الرقابة الشعبية فى بور سعيد الصفحة تقوم بعمل المجالس المحلية تفضح أخطاء المسئولين وتحذر من الكوارث تنتقد غياب النظافة وغياب الأمن وتفضح المسئولين.
الرقابة الشعبية فى بور سعيد ليست الصفحة الوحيدة، بل كل محافظة تتخذ صفحة تفضح فيها المسئولين عنها وتقوم بدور المراقب وبدور منظمات المجتمع المدنى التى قد تكون غائبة فى المنطقة.
أيضا توجد اللجنة الشعبية للدفاع عن الثورة بالمعادى والبساتين ودار السلام.
∎الرقابة الشعبية على المحليات
«السلطة للشعب» والتى تركز على الدور الشعبى المحورى فى دعم البنية الأساسية وإدارة المشروعات بطريقة صحيحة باعتبار الشعب هو مصدر التشريع والرقابة.. ومن خلال مساهمة المجالس الشعبية فى وضع السياسات.. وتحديد أولويات الصرف على المشروعات.. وأن يتم ذلك لامركزياً.. فاللامركزية هى المدخل الحقيقى للديمقراطية كما يتجه العالم المتقدم.
الموضوع شائك لأنه سلاح ذو حدين ما بين رقابة مفروضة من قبل المجتمع تحميه وتمنع التلاعب بأحلامه مرة أخرى وتقف بالمرصاد لأى انتهاكات قد تحدث من قبل أى شخص يستهين بالشعب المصرى وما بين رقابة قد تسبب فوضى وعرقلة لأى خطوة تنمية لأنها قوة غير منظمة وغير واضحة المعالم يتحكم فيها أفراد يختلفون فى درجات تعليمهم وثقافاتهم ووعيهم وتتضارب المصالح ويقودها المغرضون.
لذلك قد يرى الكثير أن الرقابة الشعبية لا يجوز أن تكون بهذه الفوضى وأنها يجب أن تكون وفق قنوات شرعية ومؤسسات وهيكل يحميها ويتم تقنينها والتجاوز والإسراف فيها هو مؤامرة قد تدمر البلد.
فى البداية تؤكد الدكتورة نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس أن الرقابة الشعبية قد تكون شيئا جيدا، ولكنها ليست مقياسا للرأى العام وليست علامة تحضر أو ديمقراطية ولا هى من نتائج الثورة فهى إيجابية تحتاج لوقت كبير للتخلص من تأثير الآخر فالجميع الآن «أبوالعريف» ويفتى فى كل شىء ويعرف كل شىء فنحن نفتقد لتحليل الموقف ونحتاج أن نفكر بوجهات نظر مختلفة.
عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى يرى أن الرقابة الشعبية يجب تحديد معناها وتختلف حسب طبيعتها والناس التى تمارسها وأنها يجب أن تمارس من خلال كيانات ومؤسسات كمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية والتى يمكنها أن تمارس الرقابة بدون أى خطر لأنها ستتعامل بآليات واضحة ومحددة، لكن الأمر يختلف بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعى فهى وسيلة مفتوحة ليست مصدرا للمعلومات وأى تسريبات أو يوتيوب هى أعمال مخالفة للقانون لأن الكيانات فقط هى المنوط بها الرقابة فلابد أن تتم المراقبة من خلال قنوات شرعية وحركات ومنظمات، لكن أى كيانات تنشأ بمبادرات غير جادة تكون بياناتها ليست موضع احترام وعمل مخالف للقانون وانتهاك لحرمة الحياة الشخصية.
وأضاف شكر: لم تقتصر الرقابة الشعبية على مساءلة المسئولين فقط، بل أصبحت نظاما مبرمجا لمتابعة الانتخابات، حيث بدأت الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان بإطلاق حملتها دشنتها من قبل بعنوان (راقب يا مصرى)، التى تضم أكثر من 70 منظمة حقوقية على مستوى الجمهورية.
فالجمعيات حاليا تلجأ للمراقبة الشعبية من خلال جمهور الناخبين الذى يحكى مشاهداته وملاحظاته على سير العملية الانتخابية، ومن خلال ذلك تدوين الملاحظات وإصدار التقارير، فالرقابة الشعبية تكون أكثر فاعلية، لأن الناخب هو من يرصد أى انتهاكات أو تجاوزات يشاهدها.
الروائى يوسف القعيد يرى أن الناس استيقظت بعد 25 يناير ولن ترجع كما كانت من قبل فتوجد حالة من الفوران الشعبى وحالة شعبية فريدة تفوق الرقابة الشعبية. وأوضح القعيد أن الرقابة الشعبية هى جزء من الفوضى العامة لكونها غير منظمة ليس لها شكل أو إطار. مؤكدا أن الرقابة الشعبية كانت موجودة من قبل وقبل إسقاط حسنى مبارك ونجحت فى إسقاطة وإسقاط مرسى فلابد أن تكون لها إطار أو رمز وأل اتكون انتقائية تختار موضوعات وتبتعد عن الباقى بطريقة موجهة أو غير ناضجة كالاهتمام مثلا بقضية زينه وأحمد عز وإغفال كثير من القضايا أو انتقاد جهاز الجيش لمعالجة فيرس سى وإغفال قضايا آخرى.
ويرى القعيد أن الرقابة الشعبية دائما تكون ضد العقل والحسابات لكننا نحتاج الآن للتعقل فهذا أمر مهم.
أحمد بهاء شعبان الأمين العام للحزب الاشتراكى المصرى، يرى أن الرقابة الشعبية لابد أن تأتى من خلال قنواتها الشرعية المسموح لها بالعمل كالكيانات الحزبية والمؤسسية والحركات الحقوقية والمجالس النيابية المنتخبة ووسائل الإعلام حتى تخضع للضوابط العامة لكن فيما يخص الرقابة الشعبية بالمعنى الذى يحدث حالياً فوضى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى فليس عندى ثقة كبيرة فى هذا النوع من النشاط فلا تحكمة الروابط ولا ضوابط وشروط الصدق والنزاهة فيه متدنية ولايمكن الاعتماد عليه فهى سريعة الوصول للمتلقى وإن لم يحسن استخدامها تحولت إلى وسيلة ابتزاز لكن القنوات الشرعية الأساسية من حقها التصعيد ورفع القضايا والتقدم عبر ممثليها فى البرلمان بتفجير الكثير من القضايا.