كانت تراودنى الكتابة منذ فترة عن هذا الموضوع وكلما أقدمت على أن أكتب وجدت أن الفكرة تبعد عشرات الخطوات وأجد نفسى عاجزة عن التعبير وكأننى أغرد خارج السرب.. عرضتها على رئيس التحرير قبل شهور ووافق عليها، ولكن ما أن أمسكت القلم حتى شعرت بشىء من السخافة لتناولها ليس تقليلا منها ولا لأنها ليست بالمشكلة الحقيقية ولكن ربما لواقعيتها الشديدة كانت صادمة ومؤلمة خالية من أى خيال أو مبادئ نهم أنفسنا بها. وما كتبته الزميلة مريم مكرم بخصوص خيانات الزوجات فى بداية زواجهن هو مادفعنى للكتابة اليوم، فهى ذكرت حقائق ألمسها بنفسى يوميا بل إنى أرى بطلاتها يعشن حياة زوجية مستقرة دون أى منغصات وقد ذكرت الزميلة بعض الحكايات التى أرسلت إليها واختتمت كلامها بأن المرأة الطبيعية تميل إلى الاستقرار والهدوء فى حياتها الأسرية وهى صبورة إلى أبعد مدى ولو انزلقت إلى الخيانة لأى سبب كان فإن الشعور الأغلب لمعظمهن هو الشعور بالندم والذنب واللوم إلى درجة تصل فى كثير من الأحيان إلى الاكتئاب الشديد.
وإذا سمح لى القارئ فأنا كفتاة فى الثلاثينيات من عمرى وغير متزوجة، قد يكون لى رد على هذا الكلام من خلال تجارب شخصية أو تجارب لمقربين منى فقد توصلت إلى نتيجة قد تكون صادمة وهى أن مجتمعنا الشرقى هو الذى يدفعنا للخيانة ربما يكون كلامى غير واضح أو قد يستنكره البعض، ولكننى قررت أن أعترف به فى مجتمع غاب عنه الحب وأصبح الزواج مجرد صفقة، وأصبح الزوج ليس هو الموضوع الأساسى ليس هو الحكاية.. فالحكاية تبدلت معطياتها فإذا تقدم شخص ميسور وذو منصب مرموق، فلا يوجد مبرر للرفض حتى إذا كانت العروس غارقة فى حب رجل آخر.
ونفس الأمر بالنسبة للرجل أيضا، فالمرأة لم تعد هى الحكاية، الحكاية فيما حولها من معطيات إمكانات، أما هى فمجرد زائدة بسيطة على الموضوع الأساسى يمكن إزالتها بكل بساطة ووضع أخرى مكانها.
لم يعد هناك شىء مميز فى العلاقات.. فماذا ننتظر من مجتمع حكمته الرئيسية من سنوات بعيدة «الزواج شىء والحب شىء آخر»، ولا يفرق بين فتاة رومانسية وأخرى مادية كلهن يصلحن لأداء دور الزوجة. وكل الرجال يصلحون لدور الزوج.
عامة ليس هذا هو الموضوع الأهم الآن فيما يخص موضوع الخيانات المبكرة والمنتشرة بين الأزواج والزوجات، وإن كان الاختيار الخاطئ من البداية يعد سببا رئيسيا إلا أنه أحيانا قد يحسن البعض الاختيار وتأتى أيضا النتيجة مؤسفة.. فأنا كنت شاهدة على كثير من هذه الحكايات والتى كان فيها الاستمرار فى علاقة زواج فاشلة ورد الخيانة بمثلها هو الخيار الأذكى والأنضج الذى يصفق له المجتمع وهو مغلق أذنيه عن التفاصيل لكنه راض رضاء تاما عن الصورة الأخيرة التى تصل إليه.
وعلى مقربة منى نموذج لفتاة فى الثلاثين من عمرها تزوجت عن حب واقتناع وضحت كى تحافظ على بيتها وأولادها، وعندما وجدت أن حبيبها يضيع منها وفشلت فى استعادته ولأنها تعرف نفسها جيدا وتعرف أنها لن تستطيع العيش بدون رجل يهتم بها ويدللها ولأنها خافت من الوقوع فى حب رجل آخر بعد تجاهل زوجها لها جسديا وعاطفيا.. طلبت الطلاق.. خافت من فكرة الخيانة وهى زوجة خافت الله انفصلت وهى تظن أنها تصرفت تصرفا سليما وأن الزوج الخائن المستهتر لايستحق امرأة مثلها.
انتظرت كلمات دعم من المجتمع من الأقرباء من الأهل بأنها كانت محقة لكن لم يفهمها أحد.. تعاملوا معها على انها امرأة بلهاء ضحت ببيتها وسعادة أولادها واهتمت باستعادة زوج لا جدوى من وجوده فى الحياة.. وكان بمقدورها أن تتعايش مع الوضع الجديد وإهمال الزوج الجسدى والعاطفى لها.
«اعتبريه مات» كانت هذه هى نصيحة الأهل لها. ولكنه لم يمت.. «اعتبريه مسافر» خذى منه مصروف البيت والأولاد واتركيه يفعل ما يحلو له.
ولكن عنوانه لم يتغير لايزال يضمنا بيت واحد..
كلمات مواساة كثيرة تدعوها فى النهاية لأن تستسلم لكن هل تستسلم المرأة فعلا؟ من لايعرفنا عن جد قد يظن أن الأمر بسيط لكن من يبحر بداخلنا يعرف أن المرأة قد تكون أعند من الرجل إذا تعلق الأمر بعواطفها وجسدها وأحلامها.. المجتمع لا يقولها صراحة.. يراوغ يعطى عدة معان للكلمة لايزال يخجل منها.. يدفعك إليها وهو يقوم بحركات بهلوانية على سجادة الصلاة متظاهرا بالعبادة.
إنها دعوة صريحة للخيانة.. دعوة للتمسك بالشكليات بالبيت والأولاد والمظهر الاجتماعى.. المطلقات يستحققن الشفقة فهن غبيات.. والأنثى بطبعها ذكية لابد أن تصبر أيا كان نوع الصبر وأيا كانت شخصية من يدعمها على الصبر عشيق.. حبيب صديق.. المهم لا تتسرعى لا تتوهمى أنك ستحظين بالاحترام من الجميع لأنك رفضت زيجة فاشلة وفضلت الانتظار حتى يأتى إليك من ترتضينه أو رفضت زوجا خائنا أو مستهترا أو عنيفا أنت وحدك من ستدفعين الثمن لن يفهمك حتى أقرب المقربين.. كلهم يريدون لك البيت أيا كان من سيدخله غير زوجك كلهم يريدون منك العقل أيا كان من سيساعدك على إخماد صوته.
كلهم يريدون لك الجسد القوى لخدمة الأبناء والقيام بأعمال البيت أيا كان من سيجعلك فى أكثر اللحظات توهجا جسديا.. لن يسألك أحد هل أنت سعيدة أم لا؟ هل زوجك ابن حلال؟
الكلمة البسيطة التى كانت تقال قديما من أهالينا البسطاء.. لم يعد مكان لهذه الكلمات الآن.. الجميع سوف يسألونك هل مازلت متزوجة أم لا؟ فكونى جاهزة بالإجابة «بنعم» وبالعشيق البديل حتى ترضى جميع الأطراف.