فى هذا الصباح يعد المصريون جميعا العدة للذهاب إلى ما يزيد على 30 ألف لجنة انتخابية لإبداء رأيهم فى التعديلات الدستورية الجديدة، وقد يستغرق الأمر فى تلك اللجان لحظات قليلة، وربما دقائق، أو قد يمتد إلى ساعة كاملة لو طال طابور الذاهبين للاستفتاء، وسواءً أكانت النتيجة هى الموافقة على هذا التعديلات أو رفضها، إلا أن غالبية الناخبين لا يعلمون أن الإعداد ليوم الاستفتاء قد استغرق وقتاً طويلاً من التجهيز والإعداد والعناء، وهو الأمر الذى دفعنا فى «صباح الخير» إلى كشف حقيقة ما يدور فى كواليس التجهيز للاستفتاء حتى خروج النتيجة، وذلك ليعى المصريون قيمة صوتهم الحقيقى
المستشار حسنى السلامونى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية سرد لنا تفاصيل ما يعيشه القضاة فى أيام الإشراف على أى اقتراع سواء كان انتخابات برلمانية أو رئاسية أو استفتاء، وقال يذهب القاضى إلى لجنته مبكرا، ثم يقوم بتوزيع العمل بين من معه من الأمناء، والمساعدين من الموظفين، موضحا أن القاضى يقوم بعد ذلك بالكشف عن الصناديق، والتأكد من خلوها من أى أوراق، ثم يقوم بتحديد جمعية الانتخاب، وهى الفناء المحيط باللجنة، أو المكان داخل أسوار المدرسة عادة، والذى يحق لكل من يتواجد فيه أن يدلى بصوته حتى بعد نهاية وقت التصويت المحدد سلفا، كما أشار إلى أن عملية التصويت تبدأ فى الساعة التاسعة صباحا تقريبا.. أضاف المستشار السلامونى إن القاضى يقوم بالتأكد من شخصية الناخب، وبعدها يقوم بتسليمه ورقة التصويت، وأخذ توقيعه على الكشف المعد لذلك، وبعد أن يقوم بالتصويت يطلب منه غمس أصبعه فى الحبر الفوسفورى، ثم يسلمه بطاقته وينصرف، وأوضح السلامونى أنه يجوز للقاضى أن يعهد ببعض هذه المهام إلى الأمناء والمساعدين من الموظفين تحت إشرافه المباشر. . وعن المشاكل المتوقع حدوثها من الناخبين أو معهم وكيفية التصرف حيالها؟، أكد لنا نائب رئيس مجلس الدولة أن الحلول فى كثير من الأحيان تنبع من نوعية المشاكل الذى يواجهها القاضى داخل اللجنة أو فى محيطها مما يختص القاضى بالإشراف عليه، واستطرد قائلا: أهم المشاكل التى يواجهها القضاة مع الناخبين يتعلق أغلبها بمواطنين لا يوجد معهم بطاقة رقم قومى، أو جواز سفر حديث، ويريد أن يدلى بصوته بدون رقم قومى، أو يدلى بصوته بصورة البطاقة، أو ببطاقة ممزقة، أو رخصة أو كارنيه مثلا، وأكد أن كل هؤلاء غير مصرح لهم بالتصويت.. وعن طبيعة الأشخاص الذين لا يجيدون القراءة والكتابة أو عاجزين عن الكتابة أكد نائب رئيس مجلس الدولة أن العاجزين عن الكتابة أو فاقدى البصر، يقوم القاضى بسؤالهم والتأشير بدلا عنهم، أما من لا يعرف القراءة والكتابة فلا شأن للقاضى به، ولكنه أوضح أنه لذلك تم اخترع الرموز، مثل الشمسية والكرسى والمسدس والسلم وغيرها، كما تم اخترع الألوان، فالدائرة الخضراء تعنى موافق، والحمراء تعنى غير موافق، وهنا لا يوجد احتياج للقراءة والكتابة.
∎ التزام الناخب
ويتفق معه المستشار حلمى حسين بالنيابة الإدارية، قائلا إن هناك ما قد يشوب اليوم من مشكلات إما عن عمد، كامتناع الناخب عن غمس أصبعه فى الحبر الفسفورى، أو إثارة القلاقل داخل الطابور، وقال فى حال عدم الالتزام فى هذه الحالات يتم التنبيه على الناخب بشكل ودى، وإذا لم يمتثل تحرر مذكرة ضده، ويسلم للقوة للمرافقة، أما المشاكل التى تقع عن جهل ناخب أو ناخبة كإصرار الناخب أو الناخبة على أن الابن أو الزوج هو الذى يصوت بدلا منها، أو يصر على التصويت دون حمله رقماً قوميا، وفى هذه الحالات تحل وديا بإفهام الناخب بالأمر الصحيح، وإن امتثل الناخب أدلى بصوته، وإن لم يمتثل منع من التصويت، وأضاف أن هناك مشكلات تظهر دون أن يكون للناخب يد فيها، وتعتبر مشكلات نظامية، أو إجرائية مثل الصورة الشخصية ببطاقة الرقم القومى كأن تكون رديئة، أو لا تعبر عن صورة صاحبها، وهو الأمر الذى يوقع رئيس اللجنة فى حيرة، وقد يضيع على الناخب حقه دون مقتضى، وقال حدث إن دخلت علىَّ إحدى السيدات وأظهرت بطاقة الرقم القومى، والصورة مطابقة للشخص، وكدت أسلمها ورقة الاقتراع، إلا أن تدخل أحد أعضاء اللجنة المتواجدين معى، وقال لى «حاسب يا ريس دى كانت تلميذة عندى السنة الماضية، وهو مالا يناسب السن الموجودة فى البطاقة وتم إيقافها، وبسؤالها قررت بأن البطاقة خاصة بوالدتها، وهى مريضة، وتريد التصويت بدلا منها، وحرصا على مستقبلها تم الاكتفاء بتوبيخها وصرفها من اللجنة، وهنا يثور تساؤل لماذا لا تكون الصورة واضحة وبالألوان مثل رخصة القيادة، وجواز السفر، كذلك تغيير اللجان للناخبين دون علمهم، وتفاجأ بالناخب يدخل اللجنة ويصر على أن اسمه موجود فيها، وفى آخر انتخابات صوت فيها وتظل تقنع فيه بعدم قيده لكن دون جدوى مما يؤثر على سير عملية الاقتراع، وتنتهى عملية الاقتراع بانتهاء الوقت المحدد، ويتم تحرير محضر بنهاية التصويت ويثبت به عدد الذين أدلوا بأصواتهم ويتم فتح صناديق الاقتراع وعد أوراق الاقتراع ومطابقتها بالعدد الذى أدلى بصوته وتفريغ نتيجة الاقتراع فى محضر، ويسلم لرئيس اللجنة العامة وذلك قد يمتد للساعات الأولى من صباح اليوم التالى، وقال أيضا تواجه القاضى مشاكل شخصية أثناء التصويت فهو المسئول عن عملية الاقتراع، واللجنة بالكامل فإذا أراد قضاء حاجته أو أداء الصلاة يغلق اللجنة لعدم التلاعب فى أوراق الاقتراع، وهنا تجد الناخبين يثورون وتجد الإعلام يفسر على هواه، وأن القاضى يعطل التصويت، إلى غير ذلك من اتهامات مثل اتهام القاضى بأنه كان نائماً فى اللجنة، وكذلك الاتهام بالتزوير، ولكن القاضى يتعامل فى ذلك اليوم بسعة أفق حتى يمر اليوم على ما يرام.
∎ التأمين الشعبى
وقال المستشار محمود الشريف، نائب رئيس محكمة النقض، والمتحدث باسم نادى القضاة لن يتم تخصيص (بوليصة) تأمين على القضاة، فهم يراهنون على قوة الشعب المصرى ووطنيته، وحضوره والتأمين الشعبى من المواطنين، ووعيهم بمبدأ أهمية القاضى الموجود فى اللجنة للإشراف وهو أكبر ضامن، وأقوى تأمين وحماية للقضاة، حال تواجدهم فى اللجان.
وطالب «الشريف» جميع المواطنين بمختلف المحافظات أن يتعاونوا مع القضاة أثناء الاقتراع، وأن يساعدوا فى حسن سير وإتمام الانتخابات بأمان وسلام، وألا يمكنوا أحدا من إثارة الشغب مع القضاة لأن هذه المسألة مستهدفة، كما طالب الجميع بأن يتعاونوا مع رؤساء اللجان الانتخابية والمشرفين، بحيث تكشف المنتقبة عن وجهها لرئيس اللجنة أو السيدة المختصة بذلك داخل اللجنة، وأن يشاركوا فى وقف أى مهازل أو مخالفات تشوب عملية الاقتراع، كما ناشد جميع الشعب المصرى أن يرتفع فوق الحدث ويشارك ويقبل على الاقتراع، ويتجه إلى الصناديق لأداء واجب وطنى.
أما المستشار نصر الدين بدراوى فأكد أن اللجنة العليا للانتخابات قررت إنشاء نحو 30 ألف لجنة فرعية فى الاستفتاء على مشروع الدستور، ويشرف كل قاض على لجنتين أو 3 لجان دون حواجز بينها وفى غرفة واحدة، وأضاف بدراوى إن كل لجنة ستضم صندوقا انتخابيا، وأرجع ذلك إلى محاولة العليا للانتخابات للقضاء على الكثافة أمام لجان الانتخابات، وحرصا على عدم تكدس المواطنين أمام المقار الانتخابية.
وأيضاً، أكدت اللجنة العليا للانتخابات، زيادة عدد الموظفين المعاونين للقضاة، ببعض لجان الاقتراع الفرعية تيسيراً على الناخبين، ولتفادى حدوث عمليات الازدحام الشديد بالناخبين أمام مقار تلك اللجان، وتأخر تصويت المواطنين، بحيث يكون عدد الموظفين الإداريين المعاونين للقاضى فى اللجنة الفرعية، 6 موظفين بدلاً من 3 وذلك للتسهيل وتيسير إجراءات الاقتراع، تحت إشراف كامل من القضاة على تلك الإجراءات.
∎ صمام أمان
وقال المستشار أحمد الخطيب، رئيس محكمة استئناف القاهرة: إن إشراف القضاة على الاستفتاء التزام قانونى وواجب وطنى لا يمكن التقاعس عن القيام به تحت أى ظرف باعتباره صمام أمان لنجاح الاستفتاء، وأكد الخطيب أن الإشراف القضائى يعد ضمانة لعدم التشكيك فى نزاهة الاستفتاء، وقطع الطريق على أى محاولات لإطلاق الشائعات حول نتائجها، مشيراً إلى أن قيام القضاة بذلك الدور فى تلك المرحلة الحرجة يأتى انعكاساً لخطورة طبيعة تلك المرحلة ولا يعبر بأى حال عن تبنى مواقف سياسية أو قانونية تجاه الدستور ذاته إيجاباً أو سلباً، إنما هو استشعار بجسامة المسئولية الملقاة على عاتق القضاة دون انتظار لمقابل، وأكد أيضاً أن دعوات التخويف لن تثنيهم عن أداء ذلك الواجب الوطنى حتى تصل البلاد إلى مرحلة الاستقرار الديمقراطى.