معركة أخيرة تقودها الدولة المصرية فى سبيل الاستقرار، بينما يقودها فلول جماعة الإخوان فى سبيل الفوضى.. إنها معركة الاستفتاء على الدستور.. وما بين راغبى الاستقرار والفوضى نزلت الفئات الشعبية مصطفة فى طوابير أمام اللجان الانتخابية للإدلاء بأصواتها ليكتبوا بحشدهم شهادة وفاة رسمية شعبية لجماعة الإخوان المسلمين التى ماتت إكلينيكيًا فى 30 يونية 2013 بعد أن نزلت الملايين مطالبة بإسقاط النظام- مرسى وحاشيته- لتبدأ اليوم مرحلة جديدة فى رحلة البناء بينما يستمر انهيار جماعة الإخوان ما بين هروب كبار قادتها إلى الخارج واحتراف نجوم الصف الثانى بمصر العمل السرى مجددًا. ∎ هيستريا الجماعة
فى البداية يعلق أحمد بان الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية بمركز النيل للدراسات قائلاً: المشهد الحالى بما فيه مرحلة الاستفتاء على الدستور سيكون انعكاسًا لقرار إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
هذا القرار الذى أصاب الجماعة بصدمة تسببت فى تعميق حالة الانكسار التى يعيشونها عقب سقوط نظام الرئيس المعزول محمد مرسى، وبالتالى تطورت الصورة لديهم إلى صورة أكثر عنفًا وشراسة فى رد الفعل تمثل فى إحساس انتقامى تجاه الدولة المصرية بجميع مؤسساتها والتى على رأسها الجيش والقضاء والشرطة والإعلام، لأن تنظيم الإخوان يرى أن هؤلاء جميعًا تآمروا على نظام مرسى لإسقاطه، خاصة الجيش الذى يرى فيه قادة الإخوان وأفرادهم أنه رأس الانقلاب على الشرعية، وهو من قطع الطريق عليهم لتنفيذ مشروعهم الوهمى، وبناء على حالة العداء هذه قررت الجماعة الضرب فى كل الاتجاهات وبجميع الوسائل، وهذا ما رأيناه من تفجير مديرية أمن الدقهلية وغيرها من العمليات التى تم الكشف عنها، ومحاولة إثارة الفوضى بالجامعات والتى تعد بمثابة الكارت الأخير للجماعة والذى ستلعب به فى الاستفتاء تحديدًا، حيث إنهم أدركوا احتراقهم سياسيًا كقيادات ومن ثم سيتم العمل على شباب وفتيات الجماعة وإعطائهم الفرصة الكاملة للحركة والتصرف دون أية توجيهات وهم يعلمون أنهم لم يعتادوا التنفيذ دون تكليف- وهذا التكتيك قائم على فكرة أن هؤلاء الشباب لديهم طاقة وحماسة كبيرة يلازمها فوضى واندفاع فى الفعل، فبالتالى هم يتحركون فى كل مكان ككرة الثلج بما يعد فرصة جيدة للحشد غير المشروط.
ومن ناحية أخرى، لن تتعرض القيادات لأية مساءلة فى حالة الفوضى التى ستنتج عن هؤلاء الشباب سواء محاسبة من الشباب، أو على المستوى الداخلى فلربما يتيح لهم الفرصة من جانب ثالث للتفاوض معهم للتعامل مع تلك الفوضى والتى على أثرها ستكون هناك مساومات. أما بالنسبة لمعركة الدستور فهى تتسبب للجماعة بحالة هيستيريا لأنها ستكون خطوة مهمة فى إعطاء الدستورية لثورة 30 يونية والتى أسقطت نظام مرسى لذلك يصفها الإخوان بالانقلاب، وبالتالى سيكون التصويت عليه بنعم صكا دستوريا يخرس كل من يتحدث عن شرعية النظام السابق للرئيس مرسى.
وعلى جانب آخر، نجد من قيادات الجماعة من قرأ المشهد سريعًا وآثر الخروج سالمًا وهى نسبة كبيرة ستصل إلى 40٪ من قيادات الإخوان وهى نفسها القيادات التى كانت قد رفضت سابقًا قرار الجماعة بطرح مرشح رئاسى من الإخوان.
وبسؤالى عن هروب بعضهم خارج مصر يقول إنه بالفعل هناك الكثير من القيادات حسمت أمرها بشكل أسرع ورسمت رحلة الهروب إلى خارج الحدود المصرية، وهذا تم منذ فترة مقابل حفنة زهيدة من الأموال والتى وصلت إلى 100 ألف جنيه كما فعل القيادى الإخوانى أيمن عبدالغنى الذى هرب إلى تركيا بدفع 100 ألف جنيه إلى أحد المسئولين وسهل هروبه إلى الخارج وغيره كثيرن.
أما عن استمرار عنف الجماعة فيقول بان: الجماعة لديها قدر من الغباء فى استخدامها العنف لأن تاريخيًا ثبت أن قوة الدولة دائمًا ما تهزم قوة أى فصيل آخر مضاد لمصالح الدولة حتى لو توهم فى قوته أو سلطاته التى سريعًا ما تتقزم أمام سلطة الدولة ونفوذها.
وتصاعد عنف الإخوان الحالى خاصة تجاه الاستفتاء لإدراكهم أنها المعركة التى ستقسم ظهورهم، ويستمر العنف طالما تدعمه قوة أمريكية والذى لن يتوقف إلا إذا وقفت مؤسسات الدولة على قدمها.
∎ الجماعة تعيش حالة إحباط
يؤكد ثروت الخرباوى المحامى المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين والقيادى السابق بها، أن الدستور بالنسبة لجماعة الإخوان هو المعركة الأخيرة لوجودها من عدمه، لذلك فتحاول إفساده بشتى الطرق والتى يتمثل بعضها فى استخدام قوتهم البشرية فى تعطيل الاستفتاء لمدة طويلة وافتعال مشكلات أمام اللجان والدخول فى مشاجرات مع الأمن، إضافة إلى مظاهرات متفرقة لتعطيل المرور، هذا إلى جانب بعض الجرائم التفجيرية لإرهاب الشعب قبيل النزول للاستفتاء، إضافة إلى نشر شائعات هدفها إثارة البلبلة مثل شائعة زيادة مدة التجنيد للمجندين وغيرها مما يثير الطابع العام المصرى.
وعن نتيجة هذه المحاولات الإخوانية لإفشال الاستفتاء يقول الخرباوى: لن يكون لهذه المحاولات تأثير، لأن الجماعة رغم محاولاتها المستميتة لإظهار قوتها فإنها تعانى ضعفًا وإحباطًا كبيرين وحالة من السلبية داخل صفوفها، والذى انعكس فى انسحاب بعض أفرادها من المشهد لإدراكهم ضعف قدراتهم البشرية.
ومن ناحية أخرى يتجه البعض إلى النزول مجددًا للعمل السرى ويتولى قيادته هذه المرة أفراد الصف الثانى غير المعروفين إعلاميًا بعد هروب القيادات الكبرى إلى قطروتركيا على أمل العودة مجددًا بعد استقرار الأوضاع ليقودوا الجماعة من جديد.
∎ الجماعة ستلعب على مجموعة «إدارة الوقت»
يكشف لنا عمرو عمارة أحد شباب الإخوان سابقًا وعضو تحالف شباب الإخوان المنشقين عن استراتيجية الجماعة سابقًا فى معركة الاستفتاء على الدستور، فيقول : كانت تكليفات الجماعة تعتمد على تقسيم الشباب إلى مجموعات بعضها يتولى الحشد أمام اللجان، والبعض الآخر يكون داخل اللجان ضمن أعضاء منظمة حقوق الإنسان: وآخرون يتولون جذب الناخبين من المناطق الشعبية والعشوائية، وكل ذلك كان يتم عقب صلاة الفجر مباشرة.
أما عن استفتاء 3102 فيقول عمارة: الجماعة لن تتعامل بغباء فى استخدام العنف والمواجهة مع الأمن لأنها تعلم جيدًا تربص الأمن لها، والتكثيف الأمنى خاصة أمام اللجان ،لذلك فهى ستتعامل بشكل آخر أكثر احترافًا يعتمد على مجموعة من الشباب تم تدريبهم على «إدارة الوقت»، وهم مجموعة من الشباب والفتيات المدربين على إهدار الوقت بشكل منظم وغير واضح داخل اللجان، حيث تتعمد هذه المجموعة تعطيل العمل داخل اللجنة، فبدلاً من أن يدلى الناخب بصوته فى 5 دقائق قد يصل الأمر إلى نصف ساعة بالسؤال عن كيفية الإدلاء وعدم وضوح الختم وغيرها من الإجراءات المستقزة، وبالتالى تكون على مستوى جميع اللجان خاصة المحافظات التى تفتقر إلى الاهتمام الإعلامى والنخبوى والتى ينجح الإخوان فى العمل عليها جيدًا لأن النخبة دائمًا لا تهتم إلا بالقاهرة والإسكندرية وبعض المحافظات الكبرى.
وعلى صعيد آخر ستندلع أزمات طلابية ومظاهرات يفتعلها طلبة الإخوان فى الشوارع والميادين لإثارة الفوضى، وأيضًا لتوجيه أنظار الأمن والإعلام إليهم بما يعطى لشباب الجماعة الفرصة للعمل على اللجان بشكل أكثر فاعلية.
∎ الضربات الأمنية هى الحل
بينما يؤكد فى النهاية الشيخ نبيل نعيم الجهادى السابق أن الضربات الأمنية هى الحل للقضاء على مشاغبات الإخوان والتى تعيش لحظاتها الأخيرة لأنهم أفلسوا تمامًا.
وعن يوم الاستفتاء يقول نعيم إنه ستكون مشاغبات متفرقة سيحدثها الإخوان على غرار أحداث الأزهر وستركز فى الإسكندرية والقاهرة ومنطقة حلوان لأنها مناطق تركزهم ولكن القبضة الأمنية ستكون الرادع لهم.