تختلف أو تتفق مع أبوتريكة.. فهذا حقك فرغم الأزمات والمشاكل الكثيرة التى اعترضت مسيرته بقصد أو بدون قصد واستغلال «أطراف» لنجوميته وبساطته وتلقائيته فى الترويج لمشروعهم فى حكم مصر، فإنه من الصعب جدا أن تختلف على موهبة هذا الساحر الموهوب خلال العشرية الأخيرة والتى استحق عنها حب واحترام الجميع.. سنوات من المتعة والإثارة والأهداف المؤثرة.. توجت تريكة أميراً على عرش عشاق الساحرة المستديرة- ليس داخل مصر وحدها ولكن فى جميع أرجاء وطننا العربى الكبير وداخل حدود قارتنا السمراء. واليوم يأتى تتويج (تريكة) من جانب الكاف (الاتحاد الافريقى لكرة القدم) بلقب أحسن لاعب محلى فى أفريقيا لعام 2013، ليكون أحسن تكريم قارى لنجم أعطى للكرة المصرية الكثير والكثير، بعد أن أعلن اعتزاله الكرة فى أعقاب مونديال الأندية بالمغرب فى شهر نوفمبر الماضى.
وربما كتب الكثيرون عن حياة وإنجازات أبوتريكة طوال مشواره الكروى، خاصة بعد انضمامه للقلعة الحمراء قبل 10 سنوات والتى شهدت مرحلة النضج الكروى وما تخللها من بطولات سواء مع النادى الأهلى- محليا وقاريا وعالميا- أو مع المنتخب الوطنى والتى كان يأمل فى أن يتوجها بالوصول لكأس العالم بالبرازيل هذا الصيف، ولكن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن ليكون لقب أفضل لاعب محلى بأفريقيا من نصيبه، ولعل من المناسب أن نعرض فى السطور المقبلة ما كتبه وسجله الآخرون-خارج مصر- حول تاجر السعادة الذى حاز إعجاب كل من تابعه.
فقد وصفه الكاتب البريطانى جابرييل ماركوتى فى تحليل نشره بصحيفة (التايمز) البريطانية بعد مباراة منتخب مصر والبرازيل فى كأس العالم للقارات بجنوب أفريقيا عام 9002 أنه من فصيلة اللاعبين الكبار وقال: لقد أظهر أداء متميزا فى المباراة جعله يعتلى منصة أفضل لاعب داخل المستطيل الأخضر.
وذكر التحليل: «لاعب الوسط المصرى أبوتريكة وضع دراسته أمام كرة القدم لفترة طويلة من حياته قبل أن ينتقل إلى الأهلى وهو فى سن (25) من عمره»، مضيفا: فى وقت كان معظم لاعبى الكرة فى العالم يحلمون بعرض مغرٍ للانتقال إلى الدوريات الأوروبية.. كان أبوتريكة يردد نفس الكلمة (لا).
وأضاف: ربما كان على الأرجح واحدا من أعظم لاعبى الكرة فى التاريخ ويحمل شهادة فى الفلسفة معلقة على حائط غرفة الجلوس بمنزله وربما كان أفضل لاعب على وجه البسيطة لم يركل كرة القدم فى أوروبا أو فى أمريكا الجنوبية، لكنه بلقاء مصر والبرازيل على ملعب (بلومافونتين) بجنوب أفريقيا، كان بدون أدنى شك أفضل لاعب داخل المستطيل الأخضر.
وتابع الكاتب كلامه: منتقدوه يقولون إنه سمكة كبيرة فى حوض صغير وأن قيادة منتخب مصر للفوز بكاس أمم أفريقيا مرتين وقيادة الأهلى لثلاث ألقاب دورى أبطال أفريقيا هى إنجازات بسيطة لأنه لم يفعل ذلك أمام أفضل المنافسين فى العالم، لكن مهلا- والكلام للكاتب البريطانى- فهو فعلها أمام كاكا ورفاقه فى لقاء انتهى بهزيمة مصر (3 - 4) من البرازيل، وأظهر أبوتريكة أنه لاعب من فصيلة اللاعبين الكبار.
وتساءل الكاتب البريطانى: هل البقاء فى مصر أفقد أبوتريكة الشجاعة وقلل من طموحه كونه بهذا البقاء لن يقيس نفسه ضد الأفضل فى العالم؟ أم هل يستحق الإشادة لبقائه على انتمائه والاكتفاء بما حققه ولذلك فهو لا يشعر برغبة فى اللهث وراء إغراء وحصد الملايين من الدورى الإنجليزى أو حتى الليجا الإسبانية؟.
آسامواه جيان - نجم منتخب غانا- قال تعليقاً على غياب تريكة عن الملاعب: أبوتريكة يظل واحداً من أشهر اللاعبين وأكبرهم تأثيراً، ولقد حزنت عندما علمت أنه سيعتزل عقب مشوار تصفيات كأس العالم، الكرة دائمًا ما تبكى من هذه الأخبار.
أما النجم الغانى مايكل إيسيان، لاعب تشيلسى الإنجليزى ومنتخب غانا، فقد عبر عن أسفه الشديد لاعتزال تريكة، وقال: إنه لاعب رائع وهادئ، لكن هدوءه قاتل، ودائمًا ما كنا نتوقع منه الكثير فى أى مباراة، أعتقد أنه أسطورة مصرية، وبالتأكيد خبر مؤسف، لكن هذا هو حال كرة القدم.
جوزيف تشوفانيتش- المدير الفنى لفريق بنى ياس الإماراتى الذى احترف به أبوتريكة الموسم الماضى- قال لصحيفة (الإمارات اليوم) تعليقا على رحيل تريكة بعد انتهاء إعارته «شكراً لأبوتريكة الذى استطاع أن يصنع الفارق لصالح فريقه، فهو لاعب كبير يتمتع بقدرات فنية رائعة ونجح بفضل قدراته المتميزة فى قيادة الفريق داخل الملعب».
من جانبه قال سالم العرفى، مدرب بنى ياس «انتهاء إعارة أبوتريكة، تعد خسارة كبيرة للفريق بكل المقاييس، مؤكداً فى تصريحات لصحيفة (البيان الاماراتية): أبو تريكة يمتلك إمكانيات فنية كبيرة، هذا بخلاف قيمته.. (كنج كبير) على صعيد الوطن العربى، وبنى ياس سيفتقد أبو تريكة الموسم المقبل، فقد انتهت إعارة الماجيكو للسماوى- بنى ياس- بعدما ساهم فى حصول الفريق على لقب دورى أبطال الخليج على حساب الخور القطرى.
وأوضح موقع الاتحاد الدولى لكرة القدم (الفيفا) أن غياب تريكة أثر على أداء الأهلى داخل المستطيل الأخضر بشكل كبير واعتزاله وعدم تواجده كقائد لهجمات الأهلى، أظهر الفراغ الكبير فى الملعب، مسلطاً الضوء على مسيرته والتى وصفها ب(المبهرة)، وذلك بعدما أعلن اعتزاله كرة القدم.
وقدم (فيفا) إحصائيات لمسيرته، حيث تناولت تسجيله 106 أهدف فى الدورى المصرى بقميص الترسانة والأهلى، بواقع (27 للترسانة و79 للأهلى)، فيما أحرز اللاعب 83 هدفًا بقميص المنتخب الوطنى فى 100 مباراة دولية. كما سجل 32 هدفًا بقميص (الشياطين الحمر) فى البطولات الأفريقية، والتى يبرز من بينها هدفه التاريخى فى شباك الصفاقسى التونسى، فى الوقت بدل الضائع ليقود فريقه للتتويج بدورى أبطال أفريقيا 2006، إضافة إلى هدفيه الأخيرين فى ذهاب وإياب دورى أبطال أفريقيا لهذا العام أمام أورلاندو بيارتس الجنوب أفريقى.
وأشار التقرير إلى أن أبوتريكة، الذى خاض أول مباراة له بقميص الفراعنة أمام أستونيا وديًا فى 19 مارس 2001 فى عهد المدرب الراحل محمود الجوهرى، عندما كان لاعبا فى فريق الترسانة، وهو يعد هداف مصر فى تصفيات كأس العالم على مر العصور، برصيد 15 هدفاً، وكذلك يعتبر الهداف التاريخى لديربى القاهرة حيث هز شباك الغريم التقليدى الزمالك 13 مرة.
وعلى صعيد بطولة العالم للأندية، أشار (فيفا) إلى أن اللاعب يعد الأكثر خوضًا لمباريات كأس العالم للأندية، برصيد 10 مباريات، ويشترك معه فى الرقم ذاته زميلاه فى الأهلى وائل جمعة وحسام عاشور، بينما حقق اللاعب 5 بطولات أفريقيه مع فريقه فى نسخ 2005 و2006 و2008 و2012 و2013.
كما فاز بكأس الأمم الأفريقية فى نسختى 2006 و2008، وكان أول هدف دولى أحرزه اللاعب فى مباراة ودية أقيمت بمصر بين الفراعنة ومنتخب ترينداد وتوباجو عام 4002، بينما كان صاحب الهدف الوحيد فى نهائى كأس الأمم الأفريقية 2008 بين مصر والكاميرون والذى شهد تتويج الفراعنة بالكأس.
وأخيراً فقد أعلن أبوتريكة عن نيته إصدار كتاب يحكى فيه قصته مع كرة القدم منذ أن بدأ ناشئًا بنادى الترسانة حتى وصوله للنادى الأهلى ومسيرته معه، مؤكداً: سأصدر كتابًا عن مسيرتى الكروية مع كرة القدم، أكشف فيه تفاصيل المحطات المهمة فى حياتى والفكرة جاءت من أحد أصدقائى المقربين منى، وطرح على فكرة إصدار كتاب عن تاريخى الكروى، أسرد فيه بدايتى وكيف استطعت أن أحافظ على مستواى طوال هذه الفترة منذ أن بدأت ممارسة كرة القدم ، خاصة أنها فرصة لعدد كبير من الناشئين أن يتعرفوا على مسيرتى الكروية، ولكن لم أحدد موعد بدء العمل فى الكتاب أو موعد إصداره.
ربما يكون هذا التكريم هو الأخير لأبوتريكة، لكن الثابت أنه سطر لنفسه ولناديه ووطنه.. تاريخاً كروياً وضعه على قمة لاعبى مصر، محققاً إنجازات عديدة يصعب تحقيقها فى المستقبل القريب.. ولكن يبقى فى النهاية أن مصر قادرة على إنجاب أكثر من موهبة بحجم تريكة.
ألقاب - فاز بلقب أفضل لاعب أفريقى 2012، كما حصل فى فبراير 2009 على جائزة هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى) لأفضل لاعب كرة قدم فى أفريقيا لعام 2008.
- أصبح أبوتريكة أفضل هداف فى تاريخ بطولة كأس العالم للأندية مشاركة مع الأرجنتينى ليونيل ميسى والبرازيلى دى نيسلون ولكل من هذا الثلاثى أربعة أهداف، كما قامت الفيفا باختياره ضمن فريق منتخب القارات بعد بطولة كأس القارات 2009.
- حصل فى وقت سابق من العام الماضى على لقب أفضل لاعب فى أفريقيا، لعام 2013، طبقا للاستفتاء الذى أجرته قناة «فرانس 24» الفرنسية، متفوقاً على نجوم القارة السمراء، مثل يايا توريه، ودروجبا.