ليس كل ما يعْرف يقال.. كانت هذه الإجابة الأكثر اقتضابا لمحاورى الشيخ كرم زهدى أمير الجماعة الإسلامية السابق بعد محاولات عديدة من إلحاحى الصحفى للتطرق إلى الحديث بشكل أوسع عن حقيقة ما يدور فى الشارع السياسى وعلاقته بالجماعة الإسلامية وحقيقة ابتعاده عنها بعد أن قضى 22 عاما داخل السجون وهو منتم إليها.. إلا أنه أوضح موجزا فى حديثه أن ابتعاده كان نتيجة مراجعته الخاصة مع النفس كما أوضح إمكانية نجاح تجربة المراجعات لدى جماعة الإخوان لتوافر الدافع والتجربة، مؤكدا أن أسوأ الفترات التى عاشتها مصر هى فترة عقب ثورة 25 يناير.وفى نهاية حديثه شبه ما حدث للإخوان اليوم بما حدث مع البرامكة أيام هارون الرشيد بعد أن أمسوا أمراء وصاروا سجناء، مفسرا بأنها دعوة مظلوم سرد بليل غفلوا عنها ولم يغفل عنها الواحد الديان. وإلى نص الحوار: ∎هل أنت مع استمرار مشاركة التيار الإسلامى فى الحياة السياسية أم أن الأحداث أثبتت عدم كفاءتهم؟
- كل وطنى مصرى يرفض العنف ويعمل بمنطق السلم والسلام له الحق فى المشاركة السياسية فى هذا الوطن، وليس معنى أن الإخوان ارتكبوا فى نظرنا بعض الأخطاء أو لم يثبتوا حنكتهم السياسية أن نقفل عليهم كل الأبواب، شرط أن ينبذوا العنف.
∎البعض يخشى تصفية التيار الإسلامى بشكل عام، فهل تخشى ذلك أيضا؟
- إذا كنتِ تعنين بتصفية التيار الإسلامى والقضاء عليهم جنائيا فهذا حديثُ لا يمكن أن يقبله عاقل أو يتفوه به مصرى أصيل، أما إذا كنتِ تعنين بتصفية التيار الإسلامى سياسيا فهذا رأى أو أمرُ مخالف للأعراف الديمقراطية مادام ينبذ العنف ويؤمن بالسلمية.
∎ما سبب غيابك عن الساحة السياسية، هل هو رفض للمشاركة فى الواقع لعدم جديته أم كنت تعرف مسبقا بما سيحدث اليوم من فشل تجربة التيار الإسلامى فآثرت المراقبة عن بعد؟
- يحتاج المرء أحيانا إلى فترة من الزمان يخلو فيها إلى نفسه وينظر منها إلى أعماله وقد كنت فى ذلك الزمان أحوج الناس إلى تلك المراجعة الخاصة ومن ثم إلى حديث مع النفس فيما قدمت من أعمال وأقوال هى فى النهاية بأمر الله من قبل ومن بعد، وقد استشرت إخوة لى أحبهم فى الله من أهل المشورة الصادقة فأجابونى إلى ما عزمت عليه، وهو الاستقالة من منصبى وإيثارها العزلة والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والحمد لله رب العالمين.
∎وماذا أسفرت عنه مراجعاتك الخاصة والحديث مع النفس؟
- أسفرت عن اتخاذى موقفى الحالى بالابتعاد عن كل ما يحدث.
∎إذن خروجك من الجماعة الإسلامية كان تصحيح مسار أم رفضا لفكر الجماعة الجديد؟
- أكتفى بما قلته آنفاً فى هذا الشأن.
∎ما موقفك من تعريف البعض للجماعة الإسلامية فى الفترة الحالية بأنها الذراع العسكرية الحقيقية للإخوان المسلمين والذى أكده المشاركة والمساندة للقياديين طارق الزمر وعاصم عبد الماجد المطلقة لجماعة الإخوان فى الفترة الأخيرة ؟
-لا تعليق.
∎بعد إلقاء النيابة القبض على كل من خالد قوصى أمير الجماعة الإسلامية وغيره بأسوان لتحريضهم على القتل وسرقة المحلات، فما رأيك؟
-لا أعتقد أن أحدا من الإخوة الإسلاميين يمكن أن يقوم بالأعمال المذكورة، أنا أتصور خروج البعض فى مسيرات أو اعتصامات أو حتى تظاهرات لكن لا يمكن أن تتحول الأمور إلى أكثر من ذلك والله أعلم.
∎من وجهة نظرك من المسئول عن أعمال العنف الآن من حرق الكنائس واقتحام أقسام الشرطة وسرقة محلات الذهب؟
- أرفض هذه الأعمال تماماً كما أرفض كل أعمال العنف مهما كانت النية المتوافرة حسنة أو غير حسنة لأن رسول الله «صلى الله عليه وسلم» أمرنا أن نستوصى خيرا بأقباط مصر وليس أن نحرق كنائسهم أو نتعدى عليهم، هذه أعمال مرفوضة من الإسلام ومن المسلمين أيا كان السبب.
∎ما أسوأ الفترات التى عاشتها مصر والذى كثر فيها الظلم تحديدا، وعلى من تطلق لفظ إرهابى الآن؟
- فى الحقيقة كانت أسوأ الفترات التى مرت ببلدنا مصر على الإطلاق هى فترة ما بعد 25يناير فقد ضاع الأمن والأمان حتى أصبحت الناس ترتعد خوفا على أولادها فى وضح النهار وفى وسط البلاد حتى رأينا البلطجى يحاول انتزاع السيارة من مالكتها الأصلية فإذا رفضت قتلها بالرشاش أمام أولادها وانتزع السيارة وانتشر فرض الإتاوات وإنزال الناس من الميكروباصات وضربهم أمام الركاب لأنهم يخالفونهم فى الرأى السياسى.
∎قدمت عملية المراجعات الفكرية داخل السجن، فهل تعتقد الآن بجديتها مع ما تراه من قيادات الجماعة الإسلامية مثل عاصم عبد الماجد وتحريضاته المسجلة على العنف فى اعتصام رابعة؟
- نعم أعتقد بنجاح المراجعات الشرعية خاصةً إذا أخذت الأمور بجدية وصدق وبحث على الحق والوسطية والاعتدال ابتغاء وجه الله ولا يهم فى ذلك مخالفة البعض فى الرأى، لأن الحوار الذى أمرنا الله تعالى به جعل له قواعد الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن ولا يمكن أن يكون خطاب الحرب والدماء والأشلاء هو جدال بالتى أحسن والله أعلم.
∎وهل لو تقدمت جماعة الإخوان بمراجعات شبيهة بالجماعة الإسلامية هل تعتقد بجديتها؟
- نعم أعتقد بذلك لأن الدافع موجود والتجربة قوية وتدعو إلى المراجعة وقد روى فى ذلك قصة البرامكة عندما أطاح بهم الخليفة الراشد هارون الرشيد فأمسوا سجناء بعد أن كانوا فى الصبيحة أمراء فسألت ابنة يحيى البرمكى أباها قالت: يا أبى ما بالنا أمسينا سجناء وقد كنا فى الصبحِ أمراء؟ فقال لها أبوها إنها دعوة مظلوم سرد بليل غفلنا عنها ولم يغفل عنها الواحد الديان عز وجل.
∎هل ما أسقط مرسى عدم تطبيق الشريعة أم التلاعب بها ؟
- لا هذا ولا ذاك، إنما هى الأيام دول والله تعالى يقول «تلك الأيام نداولها بين الناس».
∎من وجهة نظرك ما الأخطاء المميتة التى حدثت مؤخرا على الساحة السياسية؟
- فى رأيى أن من أشد الأخطاء التى حدثت على الساحة السياسية هو انهيار أمن المواطن وعدم الاهتمام بالعدالة الاجتماعية، والتى هى أهم أهداف الثورة حتى رأينا الشباب لا يجد عملا ولا يملك أجرا، مما دعا إلى انتشار السلاح وكثرة العصابات المسلحة.
∎هل تمت دعوتك للحوار مع الجماعات التكفيرية بسيناء؟ وإذا كانت تمت دعوتك بماذا كنت ستتوجه إليهم؟ وهل تعتقد بسماعهم لك؟
- سعينا فى فتح باب الحوار مع أهل سيناء خاصة من كانوا معنا فى السجون ولكن لم تستمر.