الكثير من علماء التاريخ والاجتماع السياسى توقفوا طويلا، عند لافتات وصور الفريق عبد الفتاح السيسى، التى بدأت تزين الآن بعض المحال التجارية والمقاهى، ولافتات الشوارع. ليس فقط بعد دعوته للشعب المصرى، للنزول يوم الجمعة الماضى، لتفويضه فى مواجهة الإرهاب والعنف، ولكن منذ خطابه الأول فى عصر 30 يونيو، بعد أن خرج شعب مصر ليسقط حكم الإخوان المسلمين. صباح الخير سألت السؤال الذى يشغل الكثيرين: هل يصبح السيسى بطلا شعبيا جديدا فى مصر؟! ضحكت المؤرخة وأستاذة التاريخ الحديث بجامعة بنها لطيفة سالم، قائلة: لقد تحول بالفعل الفريق السيسى إلى بطل شعبى، متوقفة عند البائعين فى أسواق الإسكندرية، حيث تقيم الآن، الذين أصبحوا يضعون صورته فى متاجرهم.. تعدد لطيفة الكثير من العوامل التى ترشح الفريق السيسى، لأن يصبح بطلا شعبيا، لأنه فىتصورها يمتلك كاريزما البطل الشعبى، ويتميز بالحكمة السياسية والثبات وعدم التسرع، كما أنه لا يسعى لتحقيق مصالح شخصية، وهناك ارتباط بينه وبين الشعب، الذى كان لا يعرف إلى أين تسير به الأمور، حتى تحدث إليهم السيسى فى 30 يونيو، وما تلاها.
وتستدرك لطيفة: لا أستطيع التنبؤ بالمستقبل، فقد تحول عرابى لزعيم بعد سنوات من وقوفه أمام التدخل الإنجليزى فى شئون مصر، والشعوب الشرقية تحب أن يكون لها قائد، قريب منها ويشعر بمشاكلها كما يشعرون تجاه السيسى، وفى 25 يناير اعتقدنا أن الثورة نجحت لأنه لم يكن لها قائد، لكننا اكتشفنا بعدها أن الثورة تفرقت بين الكثيرين، بسبب غياب هذا القائد.
وتتابع المؤرخة لطيفة سالم: ليس معنى رأيى هذا أننى أومن بالحكم العسكرى، «لكن لو ترك البذلة الكاكى ودخل الانتخابات سنرى ما يحدث».. أما عالم النفس السياسى بجامعة عين شمس قدرى حفنى، فيرى أن الأمر لا يزالمبكرا، لنحكم على الفريق السيسى إن كان قد أصبح بطلا شعبيا أم لا، مستدركا بأن هناك مقدمات تدل على أنه سيكون كذلك، ومنها استجابة الشعب لطلبه للنزول لتفويضه الجمعة الماضية، لكنه يؤكد أن علينا أن ننتظر ما سيفعله بهذا التفويض فى التعامل مع الموقف السياسى الحاصل فى الشارع الآن، وهو إصرار جماعة الإخوان المسلمين على رفض خارطة طريق 30 يونيو واعتصام أنصارها فى الميادين.
∎عبد الناصر الجديد
أما وزير الثقافة الأسبق د. جابر عصفور فيرى أن الحكم على البطولة الشعبية للفريق السيسى ستظهر خلال الأسبوعين القادمين، «الناس شايفه فيه المنقذ من الإخوان، والمنقذ دوره أكبر من دور البطل الشعبى، وبدأوا يرفعون صورته كقائد، وحبهم له نابع من حبه لمصر، وبعضهم يرى فيه عبد الناصر ولكن بمقاييس العصر».
ومع هذا يؤكد عصفور أن السيسى لديه مقومات أن يصبح بطلا شعبيا جديدا، كالعقل المتفتح، والحرص علىاستقلال الوطن.
أما أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، محمود عودة فيرى أن المشهد الحالى فى مصر ملىء بالأبطال، ليس السيسى فقط، وإنما الجيش المصرى بأكمله، وشباب حركة تمرد، بالإضافة إلى الشعب الذى لم ينتظر المخلص، وإنما نزل فى 30 يونيو، ثم انحاز الجيش للثورة التى خلصت مصر من ظلم سياسى واقتصادى.. ويشير الدكتور عودة إلى أن البطل الشعبى هو الذى يشعر بمشاكل الجماهير وينجح فى التعبير عنها، ويحاول أن يساعدهم فى تحقيق آمالهم، وهى هنا بطولة مؤسسة أكثر منها بطولة فرد، وقد كان الجيش المصرى منتميا للشعب طوال تاريخه.
ويوضح عودة أن طبيعة الدولة المصرية المركزية، فرضت هذا الالتصاق بين الجيش والدولة المصرية، والذى لم يكن يقوم بأدوار سياسية فقط، وإنما اقتصادية أيضا، فظل الجيش والشرطة دعائم للدولة المصرية. ويتوقف عودة فى النهاية بفخر عند المكاسب التى عادت على الشعب المصرى، خلالالأعوام الثلاثة الماضية، فقد تخلص من خوفه، ومن سلبيته، وأصبح أكثر وعيا بمصلحته.