رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش مشروع تحقيق الإتاحة والوصول الشامل لذوي الإعاقة    بأرقام العمارات.. ننشر مواعيد تسليم وحدات "جنة" القاهرة الجديدة    تفاصيل جهود تطوير الأسطول البحري لهيئة قناة السويس ومواكبة النمو في حركة التجارة العالمية    «شباب الأعمال»: تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجالات الاقتصاد الأخضر    ترامب: حماس ستطلق سراح الرهينة عيدان ألكسندر الذي كان يعتقد أنه توفي    موعد اختبارات الناشئين بنادي طلائع الجيش 2025    التشكيل المتوقع لمنتخب مصر أمام غانا فى ربع نهائي أمم أفريقيا للشباب    تعرف على الجهاز المعاون للإسباني خوسيه ريفيرو مدرب الأهلي المحتمل    جامعة حلوان التكنولوجية تعلن قواعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني    السجن 3 سنوات لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش بقنا    تبدأ 24 مايو.. جدول امتحانات الصف الثاني الإعدادي الترم الثاني 2025 بالغربية    868 ألف جنيه إيرادات سيكو سيكو أمس الأحد بشباك التذاكر    «إصلاح الدراما التليفزيونية».. ماستر كلاس لمحمد النقلي باليوم الأول ل«مهرجان المسرح العالمي»    ب9 عروض مجانية.. «ثقافة الشرقية» تستضيف المهرجان الإقليمي الختامي لشرائح المسرح    تداول 14 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    فابريزيو: ألونسو يوقع عقود تدريب ريال مدريد    سيناريو وحيد يضمن تتويج الاتحاد بالدوري السعودي اليوم    "تطوير التعليم" يبحث مع معهد بحوث الإلكترونيات إنشاء حاضنات لدعم ريادة الأعمال    نائب محافظ الأقصر يترأس ورشة عمل لمناقشة احتياجات ومطالب ذوي الهمم    الخارجية الألمانية: إذا لم يتحقق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا فنحن مستعدون لحزم تسليح إضافية    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    ضبط تجار مخدرات وأسلحة نارية في حملات أمنية موسعة بأسوان ودمياط    توافق على تسهيل دخول اللبنانيين إلى الكويت وعودة الكويتيين للبنان    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    «الوزير»: جذب مستثمرين لشراكات مع مصانع بقطاع الأعمال    قصف مدفعي عنيف شرق غزة.. والأمم المتحدة تحذر من مجاعة وشيكة في القطاع    الأربعاء.. عرض ومناقشة فيلم October Sky في مكتبة المستقبل    مدير مكتبة الإسكندرية: نسعى باستمرار إلى تطوير الأداء لمواجهة التحديات    ورشة لتدريب مثقفي القاهرة والجيزة على التوعية بمرض «الثلاسيميا»    هيئة التأمين الصحي بأسوان تطلق حملة «تأمين شامل .. لجيل آمن»    الصحة: فريق الحوكمة يتفقد عددا من المنشآت الصحية بجنوب سيناء ويتخذ إجراءات فورية    هدية "القصر الطائر" من قطر لترامب تثير جدلًا دستوريًا في أمريكا    وزير العمل يعلن فرص عمل بالمقاولات فى السعودية بمرتبات تصل ل6500 ريال شهريا    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    رسميًا.. أورلاندو بايرتس يعلن رحيل خوسيه ريفيرو من تدريب الفريق    سهير رمزي: بوسي شلبي جالها عرسان ورفضت بسبب محمود عبدالعزيز    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    جامعة المنيا: الكشف على 570 مواطنًا بالقافلة المتكاملة فى قرية بني خيار    استقرار أسعار الحديد والأسمنت في الأسواق المصرية خلال تعاملات الإثنين 12 مايو 2025    سوريون يضرمون النار بمواد غذائية وزعتها قوات إسرائيلية    غرق شقيقان أثناء لهوهما في قناية صرف زراعي بوادي النطرون    وزير الخارجية والهجرة يُجري اتصالين هاتفيين مع نظيريه العماني والإيراني    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    محمود حمدي الونش يعود لتشكيل الزمالك الأساسي أمام بيراميدز    النواب يحيل 33 تقريرا إلى الحكومة لتنفيذ توصياتها    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    محافظ أسيوط: توفير 706 فرصة عمل لشباب الخريجين بمراكز المحافظة    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بدار السلام بسوهاج    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    تعويض 2000 جنيه.. البترول تعلن خلال ساعات آلية تقديم أوراق المتضررين من البنزين.. فيديو    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    رئيس جامعة حلوان يشهد افتتاح فعاليات المهرجان الأول لتحالف جامعات إقليم القاهرة الكبري    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادة الماجستير هدية الزواج!
نشر في صباح الخير يوم 27 - 06 - 2013

رحلة من العذاب تلك التى يقطعها طالب الماجستير للحصول على الدرجة العلمية، أو الدكتوراه فسنوات العمر تضيع ما بين الأبحاث والرسائل والمناقشات حتى ينتج بحثا جديرا بالمناقشة ومتبعا فيه قواعد البحث العلمى لينل الدرجة، لكن حصوله على الدرجة العلمية لن يكون المحطة الأخيرة فى تلك الرحلة، فسرعان مايعاود الطالب أبحاثه ونقاشاته ليضع بصمة متميزة له فى عالم البحث العلمى فيحصل من خلالها على درجة الدكتوراة، ومن هنا يكتسب الحاصل على الدكتوراة احترامه ومكانته بين مجتمعه.


فحياته التى قضاها فى أبحاثه هى سلسلة من العمل الدءوب والاجتهاد والتى يمكننا مع الأسف أن نضيف إليها الحسرة عندما نعلم أن هناك من يشترى شهادتى الماجستير والدكتوراة وهو جالس فى بيته دون أدنى مجهود أو تعب، فقط ادفع الدولارات لتحصل على الدرجة العلمية من جامعات إنجليزية وأمريكية، والأدهى من ذلك أن تلك الشهادات مصدقة من السفارات المصرية بالبلدين، الخارجية المصرية على علم كامل بها.
الصدفة وحدها هى التى قادتنا للدخول إلى هذا العالم الملىء بالنصابين الذين وجدوا ضالتهم ورواجهم بين مجموعة من الفشلة الراغبين فى الحصول على النجاح السهل والسريع حتى لو كان ذلك النجاح جاء بالخداع والغش وليس بالجد والاستذكار، عن مراكز الماجستير والدكتوراة عن بعد، أو ما يسمى شهادات معادلة الخبرات الحياتية أتحدث، فلو اختلفت المسميات فالمضمون واحد، وقبل الخوض فى التفاصيل عزيزى القارئ عليك أن تتعرف على أنواع تلك المراكز داخل مصر، فبعضها محلى له مقر ومكان معروف وله العديد من الأنشطة التعليمية، والتى من بينها بيع شهادات الماجستير والدكتوراة للراغبين، وبعضها الآخر دولى، أى أن مكتبهم فى مصر ماهو إلا فرع من الفروع الموجودة فى عدة دول عربية لشركة من المفترض أن يكون مقرها الولايات المتحدة، وهو أمر غير مؤكد أيضا لأنه من خلال بحثى وجدت أن هناك العديد من المواقع الأمريكية التى تتيح لأى شخص فى أى مكان فى العالم تأسيس شركة داخل أمريكا بشرط وجود عنوان للمقر حتى لو كان هذا العنوان خاصا بأحد الأصدقاء أو المعارف، أما النوع الأخير فهو لمؤسسة تعليمية عبر الإنترنت، لايوجد لها أى مقرات داخل مصر، لكن عن طريق مراسلتى لهم عبر الإيميل أكدوا لى أن شهادة الماجستير التى أوهمتهم بأننى أرغب فى الحصول عليها ستكون موثقة من السفارة المصرية فى البلاد التى بها جامعات متعاونة معهم، ومع الأنواع الثلاثة لنا قصة.
∎ ماجستير هدية عيد الزواج
أكاديمية الشرق للعلوم التطبيقية هى اسم الأكاديمية التى ترأس مجلس إدارتها د. صفاء محمد صبرة، وبعيدا عن السيرة الذاتية الحافلة التى تعرف بها نفسها فى كل مكان فهى رئيس مجلس إدارة مؤسسة الشرق للثقافة والإعلام، وهى المؤسسة المالكة لقناة الناس الفضائية الشهيرة ذات التوجه الدينى، وتعرف الأكاديمية بأنها تعنى بتأهيل الكفاءات فى المجالات المختلفة، ومن ضمن خدمات الأكاديمية تقديم شهادات ماجستير ودكتوراة موثقة من الخارج، وتقع الأكاديمية فى 51 حى الزهور الزقازيق محافظة الشرقية، كل ذلك أغرانى لخوض التجربة بنفسى والتواصل مع إحدى الموظفات هناك، وتقديم نفسى لها كزوجة ترغب فى تقديم هدية مختلفة لزوجها فى عيد زواجهما هذا العام الذى يعمل بشركة تعتمد فى أسلوب الترقية بها على مستوى الدرجات العلمية للموظفين، وأننى بتلك الهدية أحاول أن أضمن لزوجى مركزا اجتماعيا وأدبيا وفى نفس الوقت مركز مادى، وهنا حيتنى الموظفة على التفكير العصرى وأزالت لدىَّ التخوف من أن عدم ظهور صاحب الشهادة فى الصورة سيعرقل الحصول عليها طالما أنا سأتعهد بسلامة الأوراق ثم بدأت فى سرد التفاصيل، فى البداية سألتنى: هل زوجى حاصل على أى دبلومة فى مجال عمله مع العلم أن الأكاديمية توفر الدبلومة فى 84 ساعة فكانت إجابتى بالنفى، فكان سؤالها التالى: هل زوجى له مؤلف أو كتاب فى أى مجال فكان ردى بالنفى أيضا، فكان سؤالها الأخير حول سنوات عمل زوجى فى مجاله فأجبت خمس سنوات، وهنا قالت لى إن الأوراق المطلوبة لنيل درجة الماجستير من إحدى الجامعات البريطانية أو الأمريكية هى شهادة خبرة، بالإضافة إلى شهادة المؤهل الجامعى، وبعد دفع المعلوم يصبح زوجى حاملا لرسالة الماجستير، سألتها هل من الممكن اختصارا للوقت أن أتقدم له بطلب للحصول على درجة الدكتوراة، فطلبت منى التريث مدة الثلاث شهور حتى تصل شهادة الماجستير وبعدها نبدأ فى إجراءات الدكتوراة التى لن تستغرق زيادة عن ثلاثة شهور أخرى، أما عن التكاليف فهناك صنفان من الشهادة لكل منهما ثمنه، فالشهادات من الجامعات الإنجليزية المتعاونة معهم يبدأ سعرها من 086 دولارا دون تصديق من الخارجية المصرية والسفارة المصرية هناك، تزيد لتبدأ من 0851 بالتصديق، أما فى الولايات المتحدة الأمريكية فالأسعار تبدأ من 0052 دولار وقد تصل إلى 0003 دولار، ولكن المعيار هنا هو مستوى الجامعة المانحة للشهادة وليس التصديق، فالشهادات الأمريكية على حد قولها لم يتح لها حتى الآن تصديقها من السفارة المصرية هناك وجار التفاوض على ذلك، أما بالنسبة للتخصص فقد أكدت لى أننى أستطيع أن أختار التخصص الذى أريد فهناك أكثر من خمسين تخصصا فى العلوم والآداب والهندسة والتكنولوجيا والتجارة القانون وغيرها من التخصصات، وعن طرق الدفع فقد خيرتنى بين بديلين، إما حوالة بنكية على حساب الأكاديمية أو الدفع فى مقر الأكاديمية وأخذ إيصال رسمى ثم أترقب بعد ثلاثة شهور وصول هديتى لزوجى، وعندما أعلنت لها أن الشك مازال يساورنى قررت إعطائى صور نماذج لشهادات ماجستير ودكتوراة منحت لمجموعة من ضعاف النفوس الذين قرروا أن يسلكوا طريق الغش والخداع للحصول على درجتهم العلمية، العرض لم ينته بعد، فالمركز لديه دروع وأوسمة وقلائد ولوحات شرفية وشهادات إجادة كلها تمنج للمتقدم كدليل على تفوقه العلمى، وبالطبع كل شىء بثمنه، أما العرض الأكثر إغراءً فهو عرض أرواب وأوشحة التخرج، التى يتراوح سعرها من 041 دولارا لروب الماجستير ليصل إلى 053 دولارا لروب الدكتوراة، وبما أنه لايوجد تخرج بالأساس فشراء الروب سيكون فقط لزوم صورة سنعلقها بالصالون لنباهى بها أمام الضيوف.
∎ دبلومات تثقل الخبرات
الأمر يتكرر داخل أكاديمية التميز الدولية للتدريب والاستشارات بمدينة نصر، فحين مرورك من شارع النزهة، وبالتحديد من أمام دار الدفاع الجوى لا يمكن أن تتوقع أن هذا المكان يحوى مركزا للتدريب والتأهيل، فالتعريف عن الأكاديمية يتم من خلال لافتة صغيرة بجوار الشقة التى تتخذها الأكاديمية مقرا لها بالدور الخامس، وداخل المقر توجد غرف يتلقى بها الطلبة دورات تدريبية فى التنمية البشرية والمهارات الذاتية وتكنولوجيا المعلومات والحاسب الآلى، وهو النشاط المعلن والمعروف للأكاديمية وهو ما بدأت موظفة الاستقبال فى سرد تفاصيله إلى أن قاطعتها بسؤالى وماذا عن شهادات معادلة الخبرات؟ لتتحول دفة الحوار تماما، حيث رويت لها قصة وهمية عن أننى أدير أحد المحلات بشكل ناجح، جدا حيث تزيد مبيعاته يوما بعد يوم ومع ذلك لم أستطع إنهاء دراستى الجامعية لانشغالى بالعمل، رغم أن خبرتى فى هذا المجال تفوق حملة الدكتوراة، لترد قائلة علينا أن نحصل على البكالوريوس والماجستير أولا ثم نفكر فى الدكتوراة، وتكمل أمامك خطوة واحدة للحصول على الشهادتين وهى دراسة 01 دبلومات «توفرها الأكاديمية فى زمن قياسى» فسألتها ماقيمة هذه الدبلومات إذا كان الشرط الوحيد لمنح هذه الشهادة هو وجود الخبرات الحياتية فى المجال، فأجابت من المؤكد أننا نقدر خبراتك لكن الدبلومات المكثفة التى تمنحها الأكاديمية تستكمل ما يلزم ألطالب فى المواد العلمية، وكان من الممكن اعفاؤك من تلك الدبلومة لو كنت تمتلكين مؤلفا أو بحثا علميا، فسألتها هل يمكن أن يحصل أخى المتعثر فى الدراسة على بكالوريوس وماجستير فى الطب من الخارج، فأجابت: مستحيل أن تصدر تلك الجامعات شهادة فى الطب لأن فى ذلك عبثا بأرواح الناس، ولكن إذا كان لابد فمن الممكن أن يحصل على الشهادة فى الإدارة الطبية والتى تختص بإدارة المستشفيات والمرافق الطبية، أما فيما يختص بالسعر، فلكل مقام مقال على حد قولها، فهناك شهادات ماجستير تبدأ من 0002 دولار، وهناك شهادات دكتوراة تصل إلى عشرة آلاف دولار تلك التى تمنح من جامعات بريطانية شهيرة كجلاسكو ونوتنجهام.
∎ النصب يبدأ مبكرا
الحلقة الثانية من القصة تبدأ من داخل سنتر تعليمى لطلبة الثانوية العامة بالتجمع الخامس، حيث أعلن امبراطور الفيزياء تامر القاضى على لسان أحد مساعديه بشرى سارة لطلبة سنتر مارثون التعليمى، وهى وجود مكتب فى مصر متعاون مع جهة ما فى أمريكا، هذا المكتب يجرى امتحانا للراغبين فى فصلين من كتاب مادة الفيزياء، على أن يرسل ورق الإجابات إلى أمريكا ليتم تصحيحه هناك، ومن ينجح يحصل على شهادة موثقة من أمريكا تفيده فى الحصول على عمل بعد التخرج كل هذا العرض المغرى فقط فى مقابل 001 جنيه يدفعها الطالب كرسوم امتحان، ذلك العرض مقدم من شركة تدعى «سواك»، وبالدخول على موقع الشركة وجدنا أنها منظمة أمريكية تخصصت فى بيع شهادات الماجستير والدكتوراة للراغبين حول العالم، مع وعد بتوثيق تلك الشهادات أيضا من سفارات الدول والخارجية الأمريكية، ولايوجد داخل الموقع أى كلمة تدل على وجود مكتب لهم داخل مصر، وهنا تبادر إلى ذهنى سؤال أين المقر الذى تحدث عنه القاضى لطلابه؟ والذى من المفترض أن تجمع به أوراق إجابات امتحان الفيزياء لإرسالها لأمريكا؟ وبالبحث والتنقيب وجدت أن الشركة تبعد خطوات عن السنتر فهى عبارة عن شقة مؤجرة بالتجمع الخامس، يديرها شخص أردنى الجنسية، لكنه لا يظهر فى الصورة مطلقا، بينما يقف فى الطليعة ضابط شرطة سابق ومحام تتحفظ المجلة عن ذكر اسمه الآن، والغريب أن تلك الشقة محاطة بدرجة عالية من السرية والكتمان، بشكل لم يمكننى حتى من الذهاب إلى المقر لإيهامهم برغبتى فى الحصول على شهادة، فلا يوجد حتى لافتة تدل على أن ذلك المكان هو مقر للشركة، فلا أحد يقدم أوراقه بنفسه داخل المقر، والتعامل إما أن يتم تليفونيا أو عن طريق معارف وأصدقاء الضابط، ومع ذلك فالعمل يتم بأريحية شديدة ومندبوه فى السنتر التعليمى لايزالون يجمعون المائة جنيه من كل طالب فى انتظار شهادة الخبرة القادمة من أمريكا.
∎ الماجستير المصغر
ولم تكن تلك هى المرة الأخيرة التى يتكرر فيها اسم منظمة سواك على مسامعى، حيث أعلنت أكاديمية «إن جى سى» عن تقديمها منحة ماجستير إدارة الأعمال المصغر المعتمد من المنظمة الأمريكية سواك والمعتمد من جامعة القاهرة أيضا، وفى تلك التجربة العديد من الألغاز، فما هى منظمة سواك ومن أصحابها ومامدى قوتها ليصبح ختم اعتمادها مصدر فخر لتلك المراكز؟، وما علاقة جامعة القاهرة بهذه السبوبة، ثم ماذا يعنى مصطلح الماجستير المصغر بالأساس؟ ولم يكن فك تلك الألغاز ممكنا إلا بزيارة تلك الأكاديمية بشارع مكرم عبيد بمدينة نصر، لتبدأ الموظفة فى سرد تفاصيل ذلك الماجستير المصغر وهى باختصار عبارة عن دراسة مواد تسويقية وتجارية لمدة أربعة شهور وأسبوع يقوم الطلاب فى نهايتها بعمل نموذج مشروع صغير، ويحاضر بها مديرو بنوك وشركات مهمة، ورغم احترامى للفكرة فإننى تساءلت لما سُمى ذلك بماجستير مصغر رغم أنه من المفترض أن نطلق عليه دورة فى إدارة الأعمال مثلا؟، لم تأتنى إجابة واضحة من الموظفة ولكن إجابتها كانت تدور فى فلك أن المواد التى يدرسها الطلاب فى الماجستير المصغر تفوق فى المادة العلمية ما يتم تدريسه فى الدورات، فسألتها هل تمكننى هذه الشهادة من التقديم فى الجامعات للحصول على درجة الدكتوراة، فجاءت إجابتها بالنفى، مؤكدة أن شهادة الماجستير المصغر لن تفيد الحاصل عليها فى المجال الأكاديمى رغم أن فائدتها كبيرة جدا فى المجال المهنى، فعاودنا النقاش مرة أخرى عن كيفية منح تلك الدورة التدريبية لقب ماجستير حتى لو تبع ذلك لفظ مصغر، وكان إصرارى على أن درجة الماجستير التى أعرفها يتبعها درجة الدكتوراة، لكن النقاش تحول إلى جدال عقيم فقررت الانتقال إلى نقطة اعتماد الشهادات، حيث قالت: شهادتنا معتمدة من منظمة سواك الأمريكية، أما لو أردت اعتماد جامعة القاهرة فعليك دفع مبلغ مائة وخمسين دولارا إضافية، قلت لها أعرف منظمة سواك الموجودة بالتجمع الخامس فإحدى صديقاتى حصلت على شهادة الدكتوراة من خلالها، ففاجأتنى بإجابتها أنه لا وجود لمقر لمنظمة سواك على أرض مصر وأنهم أصحاب التوكيل الوحيد لتلك المنظمة فى مصر، ثم كتبت فى ورقة عنوان الموقع الإلكترونى للمنظمة ونصحتنى بتصفحه مع تأكيدها المستمر أن صديقتى قد وقعت فى براثن عملية نصب كبيرة، التقطت الورقة منها وألقيت نظرة على عنوان الموقع الذى هو بالمناسبة نفس الموقع الذى أعطاه المدرس للطلبة فى السنتر التعليمى، أما بالنسبة للاعتماد من جامعة القاهرة فقد أبت أن تعطينى أى تفاصيل، حتى عندما طلبت منها نموذجا لشهادة مختومة من جامعة القاهرة تعللت بأنه ليس كل الدارسين يطلبون ختم جامعة القاهرة وأنه بالصدفة البحتة كل الشهادات الموجودة لديها والتى لم تسلم بعد لم يطلب أصحابها اعتماد الجامعة، وكما رفضت أن تعطينى نموذجا للشهادة رفضت أيضا أن تخبرنى عن اسم مالك الأكاديمية، حيث قالت أنا كموظفة لم تأتنى تعليمات بالإفصاح عن اسم المالك، والأكاديمية تعمل فى هذا المجال منذ سنتين ولها فروعها فى الدقى ومدينة نصر، وفى النهاية نصحتنى بسرعة الحجز لأستفيد من الخصم المذهل المستمر ثلاثة أيام فقط، والذى لا أعرف مناسبته فى الحقيقة،حيث هبط سعر الماجستير المصغر من ستة الاف جنيه إلى ثلاثة آلاف ومائتى جنيه فقط.
∎ حفلة تخرج
لا أعرف ما الذى جعل أ. وليد إبراهيم - مسئول التسويق داخل أكاديمية بناة المستقبل الدولية بالعجوزة - يعلم أن لدى معلومات عن فكرة الماجستير والدكتوراة بنظام معادلة الخبرات الحياتية، والذى أشعرنى بذلك هو أنه صب اهتمامه طوال اللقاء على أن يشوه الشركات المنافسة أكثر من أن يروج لشركته، حيث قال «مابنشتغلش فى البريطانى» وكل من قال لك أنه سيعتمد لك شهادة الماجستير أو الدكتوراة من جامعة فى بريطانيا هو كاذب، فنظام التعليم فى بريطانيا صارم جدا، ولا يوجد جامعة فى بريطانيا ستعادل شهادة لطالب لم يدرس بداخلها، وكل الأسماء الرنانة التى تطلقها أكاديمية الشرق وغيرها على أنها أسماء لجامعات بريطانية ماهى إلا أسماء لأكاديميات غير حكومية، وغير معترف بها ويفتحها أصحابها هناك لهذا الغرض، ثم يعاود ليقول ناصحا لا تثقى فى أى أكاديمية تعدد لك أسماء جامعات يمكنها أن تعتمد لك شهادتك، فالأكاديمية الحق هى من تأخذ توكيل إحدى الجامعات وتعقد اتفاقية معها وتعتمد كل شهادات طلابها منها، فمثلا نحن كأكاديمية شهادتنا معتمدة من جامعة ليدن ستيت الأمريكية، ولا نتعامل سوى معها، كما أننا لانعتمد فقط على الخبرة الحياتية فى منح الشهادة رغم أنها عامل أساسى لكننا نعطى الدارس خمس عشرة دبلومة لا تتجاوز مدة الدبلومة الواحدة مدة خمسة أيام، وبعد انتهاء الدراسة نقيم حفلة تخرج نسلم بها الشهادات حتى يشعر الدارس أنه بذل مجهودا، سألته عن طبيعة الدبلومة فقال لى إنها خاصة بالتنمية البشرية.
سألته عن صاحب الأكاديمية فقال إنها د. مها فؤاد وعرفها لى بأنها أم المدربين العرب ومطورة الفكر الإنسانى!، فأبديت رغبتى فى مقابلتها فاعتذر لأنها فى جولة بين المغرب ولبنان تحاضر خلالها للدارسين هناك. سألته وماذا عن الدارسين فى مصر فأجاب، فى مصر الدراسة أون لاين عن طريق الإنترنت، فأبديت اندهاشى أن تكون المحاضرة مصرية تعطى العرب محاضراتها مباشرة، بينما تعطيها لبنى جلدتها عن بعد، لتأتى إجابته الصادمة مرة أخرى حيث قال «الشعب المصرى بيسترخص وبيفاصل والمحاضرات المباشرة هتقف بخسارة علينا» وأطلعنى على قائمة بالأسعار الخاصة بالدبلومة وشهادات الماجستير شاملة المعادلة والتوثيق من الخارجية والتى لاحظت بها تفاوتا رهيبا بين الأسعار الخاصة بالمصريين والأخرى الخاصة بالأجانب.
∎ مطلوب وكلاء نصب
الحلقة الأخيرة والأضعف فى القصة هى المواقع الإلكترونية التى لاتمتلك لها مكتبا فى مصر لكنها تستطيع أن تقدم خدماتها للطلبة المصريين، وهى تطلب صراحة على موقعها وكلاء داخل جمهورية مصر العربية ، بينما يتوافر لها وكلاء فى بعض الدول العربية الأخرى، والموقع الذى راسلته اسمه «يو اى جى» أو المجموعة العالمية المتحدة، فى الحقيقة لم يتسن لى من خلال الموقع معرفة مكان الفرع الرئيسى لتلك الشركة، لكننى جنحت بطلبى وأرسلت لهم أننى معى شهادة الثانوية العامة وأريد أن أحصل على شهادتى البكالوريوس والماجستير فى آن واحد، لتأتينى الإجابة إلكترونيا بأنه يمكننى ذلك طالما كانت سنوات خبرتى توازى مجموع الخبرات المطلوبة للشهادتين،، عدت مرة أخرى فى محاولة لتعقيد الأمر لأسألهم حول إمكانية منحى الشهادة بتاريخ سابق ليأتينى الرد مرة أخرى بالإيجاب، حيث يمكننى الحصول على شهادة بتاريخ سابق بحد أقصى عشر سنوات ماضية بشرط أن تكون خبرتى وقتها مطابقة لشروط القبول، نصا بأن هذه الشهادة بدون دراسة وتكلف أقل من 0005 دولار دون التزام دراسى، أما الجامعات العريقة فالدراسة بها تتكلف أكثر من مائة ألف دولار مع الالتزام الدراسى، ثم يختم قائلا: إن شهادتنا تهدف إلى تحسين المستوى الاجتماعى والمساهمة فى توفير فرص عمل خصوصا فى الدول العربية مثل مصر التى تقيم الشركات فيها موظفيها على أساس الشهادات وليس الأداء، مع التأكيد أن سفارات مصر ستصدق على الشهادة، انتهت المحادثة لكن لم تنتهى القصة، فالمراكز التى تقدم عروضا مثل هذه كثيرة ومنتشرة وتعمل بأريحية كأنها تقدم خدمة شرعية.
∎ وزارة التعليم لن تعادل الشهادة
وهنا أصبح لزاما علينا أن نتعرف على موقف وزارة التعليم العالى من معادلة هذه الشهادات، لذلك توجهنا إلى د. عدلى رضا مستشار وزير التعليم العالى الذى يرى أنه من المستحيل أن تنساق الوزارة لمثل عمليات النصب هذه، فالوزارة لها معاييرها المدعومه بالأوراق والمستندات والتى يتم على أساسها معادلة الشهادة، ومن المأخوذ على وزارة التعليم العالى أنها تشدد فى إجراءات معادلة الشهادات وفقا للجامعة والمضمون العلمى المقدم، أما مثل هذه الشهادات المضروبة فأصحابها لا يجرؤون على التقدم للوزارة للحصول على المعادلة، لذا فأنا من خلال مجلة «صباح الخير» أحذر الجميع من الانسياق وراء هذا النصب، وعلى من تسول له نفسه الإقدام على تلك الخطوة ظنا منه أنه بذلك سيوفر وقته ومجهوده ويحصل على درجة علمية بالغش أن يعلم أنه تعرض لعملية نصب كبيرة، وأن تلك الشهادة ماهى إلا مجرد ورقة لن تعادلها الوزارة عاجلا أم آجلا.
∎ الخارجية تنفى مسئوليتها
وإذا كان من المحزن أن يكون الفراغ الأمنى وصل لحد إغراء البعض إقامة هذه الشركات داخل مصر، فالأكثر قسوة هو تأكيد تلك المراكز جميعها على تصديق خارجية مصر وسفاراتها على تلك الشهادات، لذا توجهنا إلى السفير حسين هريدى - مساعد وزير الخارجية الأسبق - ليوضح لنا حقيقة الأمر، والذى نفى وقوع أى مسئولية على الخارجية حيث يقول: إن الخارجية تصدق على صحة التوقيع وليس على صحة ما ورد بالوثيقة المصدق عليها - أيا كان نوعها - فختم الخارجية المصرية أو إحدى سفاراتها الذى يوضع على تلك الشهادات يعنى الاعتراف بصحة توقيع الجامعة التى أصدرتها، وصحة توقيع خارجية الدولة المصدقة عليها، دون أدنى مسئولية على وزارة الخارجية أو السفارات والقنصليات المصرية، وهذا الأمر متبع فى جميع التصديقات الصادرة عن الوزارة، فمثلا عند التصديق على شهادة منشأ لمنتج ما، فنحن كخارجية نصدق على صحة توقيع الجهة التى أصدرت الشهادة.
والحقيقة أن المسئولية كاملة تلقى على وزارة الداخلية فى هذا الصدد، خاصة فيما يتعلق بفتح فروع لتلك المراكز داخل مصر، فمن يعطى تصريحات مزاولة عمل لتلك الجهات المشبوهة، وما دور الأجهزة الرقابية فى هذا الأمر، وماهذا الفراغ الأمنى الذى يسمح لشركة غير معلومة المنشأ تنشئ لها موقعا على الإنترنت وتفتح لها مكتبا فى القاهرة دون أدنى مساءلة، ومن هذا المنطلق فأنا أقدم صيحة تحذير من أن ترك الحبل على الغارب لتلك الممارسات يعرض الأمن القومى
∎ الداخلية لاعلاقة لها بالمسألة
اللواء محمد المنادى - رئيس إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة الداخلية - قررت أن أنقل له خلال صيحة التحذير تلك، واسأله عن مدى الرقابة الأمنية على تلك المراكز والتوصيف القانونى لمانحى تلك الشهادات والحاصلين عليها، لكنه نفى صلة الوزارة بمثل تلك المشكلات حيث يقول: مشكلة منح شهادات من الخارج لطلبة دون دراسة رغم خطورتها إلا أنها لا تخص الداخلية لا من قريب ولا من بعيد، فنحن لسنا جهة استصدار تراخيص، كما أن الوزارة تختص بالمشاكل الأمنية التى تخص أمن المواطن بشكل مباشر وتتحرك فيها بشكل فورى، أما فيما يتعلق بتلك المشكلة فالداخلية لا يمكن أن تتحرك فيها دون بلاغ رسمى من متضرر يشكو وقوعه ضحية عملية نصب لأحد تلك المراكز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.