دخلت كلمة Don't Mix القاموس الشعبى من أوسع الأبواب الرئاسية بعد أن تكررت على لسان الرئيس محمد مرسى فى خطابات رئاسية مختلفة فقال وقت تسلمه الدكتوراة الفخرية من باكستان أن Politics and Scientific Application Don't Mix وأيضاً وقت زيارته لألمانيا قال أيضاً أن Alchool and Gaz Don't Mix وكان رد فعل الجميع هو الضحك واستخدام هذا المصطلح «كأفشة» يتم تداولها وسط شلة الصحاب على المقاهى وفى قعدة البنات فى النادى.. ولم أجد وصفاً أدق من هذا المصطلح ليصف علاقة الشعب المصرى والإخوان المسلمين.. فعلى مدى شهور ورغم حرص الإخوان على التمكين فى مراكز ومواقع كثيرة يظل الشعب المصرى والإخوان Don't Mix وتفسير ذلك سنجده فى السطور القليلة القادمة. ∎ميكس جزئى
لا نستطيع أن نقول إنه ليس هناك ميكس بين الشعب والإخوان هكذا بدأ الكاتب الصحفى صلاح عيسى رئيس تحريرجريدة القاهرة بعد برهة طويلة من التفكير مضيفاً: «لا نستطيع أن نقول ذلك «قوى» لكن كان فى إحدى المراحل «ميكس جزئى» أو اختلاط جزئى بين الإخوان والشعب المصرى، وقلما كانوا جزءا من الحركة الوطنية العامة فى النصف الثانى من الأربعينيات.. فكانوا يشاركون فى الأنشطة الاحتجاجية التى يشارك فيها الشعب المصرى كله وكانوا جزءا من تيار واسع يضم الوفديين واليساريين وشباب الطبقة الوسطى وكان نشاطهم ضد الاحتلال الإنجليزى وكان ذلك يقربهم ويجعلهم جزءا من الشعب وأتت مرحلة ربما بعد ذلك وهى المرحلة التى كانوا فيها موضع اضطهاد وخلق ذلك نوعا من التعاطف الجزئى داخل المصريين وأظن أن النفور منهم بدأ يتزايد بعد ثورة 52 يناير لما بدوا وأنهم يسعون للاستئثار بالسلطة وينحازون إلى المنتمين إليهم على حساب غير المنتمين إليهم أيا كانت فئتهم.. هذا هو الذى أدى إلى عدم الانسجام بينهم وبين الآخرين وبدأالنفور منهم.
أما الآن.. فهذه هى المرحلة التى اقتربوا بل أصبحوا هم السلطة الحاكمة وهى المرحلة التى كشفت عن تجبرهم، والمصريون لديهم مفاهيم شعبية حول هذه الأمور حول «الشخص الذى يشبع بعد جوع» و«يثرى بعد فقر» أو يحصل على سلطة بعد أن كان مضطهدا.. وذلك جعل المصريين يكتشفون أن هذه الجماعة لا تختلف عما سبقتهم.
وأضاف عيسى قائلاً: أظن أن «الميكس» ممكن يحصل بحسب مدى استفادة الإخوان من عدم «الميكس» الموجود حالياً.. هم يدركون جيدا ما السبب وراء ذلك، ولكن للأسف هم يفضلون أن يلقوا مسئولية النفور منهم على عاتق الفلول أحيانا أو على عاتق تدخل أجنبى أحياناً أخرى أو على عاتق خصوم يسعون لانتزاع السلطة منهم.. ولكنهم لا يستطيعون أن يدركوا أن تصرفاتهم الحقيقية هى التى تخلق هذا النفور.. إذا أدركوا وغيروا من سياستهم وغيروا من طريقتهم فى التعامل أظن أنه ستكون هناك مساحة لعودة هذا التآلف بينهم وبين جموع المصريين.
∎وعد من لا يفى
وعما يختلج فى نفس المواطن المصرى وشعوره فى ظل حكم الإخوان عبر عنه دكتور سعيد اللاوندى الكاتب الصحفى والباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قائلا : ( إن إحساس المواطن بأن الإخوان هتكوا مصر ولم يحكموها فقط هو إحساس عالٍ جدا عند رجل الشارع العادى وإذا سألت رجل الشارع حتى عن الإخوان سيجيب إجابة مختلفة تماما فسيقول إن الرئيس محمد مرسى قبل أن يتم انتخابه رئيسا للجمهورية كان رئيسا لحزب الحرية والعدالة الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين كان قد وعدنا بالنهضة ولم يفعل أى شىء.. يأخذ قرارات فى المساء ثم يعود فيها الصباح وهناك أزمات طاحنة فى مصر مثل السولار والبنزين إضافة إلى الأزمة الاقتصادية وانخفاض قيمة الجنيه المصرى وارتفاع قيمة الدولار الأمريكى .. كل هذه القضايا جعلت المواطن المصرى يشعر بأنه يحكمنا حزب واحد فقط يغض الطرف عن بقية الأحزاب الأخرى فمصر بها ليبراليون وقوميون وناصريون كل هؤلاء غض الطرف عنهم ولن يحكموا قط وإنما حكمنا حزب الحرية والعدالة الذى حل محل الإخوان أصبحوا يقولون ما لا يفعلون وهذا ما جعل سبب عدم الاختلاط بينهم وبين الشعب المصرى .. نقطة أخرى وهى أننا شعرنا أنهم ليسوا مصريين، فمثلا وعدونا بإعادة النظر فى اتفاقية السلام مع إسرائيل ولم يحدث أى شىء عندما وصلوا إلى السلطة لم يفعلوا شيئا .. عندما كانوا فى حكومة الظل مع صفوف المعارضة وكان يطلق عليهم جماعة محظورة كانوا يقولون لابد من عودة العلاقات مع إيران لأنها دولة إسلامية كبرى وعندما وصلوا إلى السلطة لم يفعلوا شيئا .. كل هذه الأشياء تجعلنا نشعر بأن مصر ضاعت وأن لا أحد يعرف إلى أى تجاه تسير مصر ويقتنع تماما أن الإخوان خطفوا مصر ولم يحكموها..
∎هدف أمريكا
أما دكتور محمد عبدالظاهر الطبيب أستاذالصحة النفسية بجامعة طنطا فيرى أن ملخص تلك القضية يمكن فى كلمتين وهى أن الشعب المصرى ولاؤه للوطن فهم قوم يعيشون فى مصر ولاؤهم للجماعة والمرشد، وبالتالى فولاؤهم ليس لمصر لأنهم جماعة عالمية لا تنتمى لوطن معين .. فنجد إخواناً يعيشون فى تونس وإخواناً يعيشون فى حماس أو فى المغرب .. فهم جماعة استعانت بهم أمريكا لتفتيت فكرة الوحدة العربية
∎دولة مش تنظيم
(لو عرفنا إجابة هذا السؤال مشكلة البلد هتنحل !!) هكذا رد علىّ ضاحكا إسلام لطفى وكيل مؤسسى حزب التيار المصرى ومن الشباب المنشقين عن جماعة الإخوان المسلمين واستطرد قائلا : لكن أستطيع القول أن جزءاً من الناس كان سقف توقعاتهم عاليا تجاه الإخوان ولكن الإخوان جعلوهم يعيشون فى أحلام وردية سواء فى الاستقرار والاقتصاد ودورة عجلة الإنتاج وفوجئوا مرة واحد أنه يوجد ما كانوا يحلمون به .. ثانيا ، الإخوان لم يستطيعوا أن يفهموا أو أن يدركوا أن البلد (خارجة) من ثورة لم يستطيعوا تفهم طبيعة الناس بعد الثورة وكان ذلك يتطلب من الإخوان أداءً معينا للتعامل به مع الشعب بعد الثورة، ولكن للأسف هم حتى الآن يتعاملون بحرص شديد وهذا ناتج عن ثقتهم بأنفسهم فقط وليس فى الآخرين .. طوال الوقت يتعاملون بمنطق الخطة فى رأس القائد أى أنهم هم فقط من يعرفون ماذا يريدون ففكرة أنهم يعرفون ماذا يريدون والناس تعرف تسعدهم كثيرا .. ولا يتعاملون بمنطق أى محاولة لتطمين الناس المتذمرة أو إطلاعهم على الحقائق .. فهذه هى فلسفتهم فى العمل .. الخلاصة فى عدم الميكس هى أن الشعب خارج من ثورة وسقط فأحلامه فى الإخوان كان عاليا ، والشىء الثانى هو أن الإخوان يديرون البلد بنفس الطريقة التى يديرون بها إدارة التنظيم .. فإدارة البلاد أعقد وتحتاج إلى شفافية أكبر وتواؤمات أكثر والتعامل مع جميع أطياف الشعب وليس أبناء التنظيم فقط .
ويضيف قائلا : حتى نصل إلى الوفاق أو الميكس فمن الصعب جدا أن نغير الشعب ولكن الأسهل أن يغير الإخوان من أنفسهم وفى الواقع أن الإخوان سيتعلمون مما يحدث الآن ولكن إلى متى البلد ستتحمل ذلك ؟
أنا مقتنع بشدة أن أى شخص كان سيأتى على رأس السلطة كان سيحدث معه مثلما يحدث الآن مع الإخوان لأن ال 30عاماً الماضية جرفت الحياة السياسية فى مصر ولم يعد هناك رجال دولة بالمعنى الحقيقى .. الكفاءات هاجرت من أول علماء الطاقة النووية حتى السباكين والنجارين.. أى شخص يملك حرفة كان يهرب من البلد .. ولم تعد هناك أشياء قوية يرتكز عليها الشعب.