هانت مصر على أهلها وعشيرتها وأصبحت أرضها تباع فى «مزاد علنى» بإصرارهم على تمرير «الصكوك الإسلامية» التى تضع ممتلكاتنا العريقة مثل السكك الحديدية ومترو الأنفاق وقناة السويس فى قبضة الأجانب بتراب الفلوس وتنازل الأهل والعشيرة عن أمن مصر القومى وسيادتها لجنى الأموال وتحقيق المصالح ولو على حساب الوطن وشعبه المطحون والنتيجة تشرق الشمس صباحا بدون ممتلكات مصر.. فإصرار الإخوان على تمرير هذا المشروع يدل على أن هناك العديد من الشبهات حول هذا القانون فقد رفضته جميع الجهات، بدءا من الأزهر الشريف، فنحن أمام مزاد علنى لبيع مصر من خلال الصكوك الإسلامية التى تحاول جميع الجهات تمريرها بشتى الطرق لعرض اقتصاد مصر للبيع فبتمرير هذه الصكوك سوف نجد الأجانب يسيطرون على أصول الدولة بتراب الفلوس.. فيبدو أن مصر هانت على الحكومة وتنازلت عن أمن مصر القومى وسيادتها! وفى نفس الوقت اجتاحت موجة غضب شديدة داخل القطاع المصرفى بسبب ترحيب قيادات البنك المركزى والبنك الأهلى بمشروع الصكوك الإسلامية وطالبوا بسرعة إصداره، مما جعل الغضب والخوف يسيطران على العاملين بالقطاع المصرفى لأن هذه الصكوك سوف تؤدى إلى بيع البنوك كما حدث فى بنك الإسكندرية والبنك الوطنى المصرى ومن هنا نرجع إلى الخلف ويعود شبح الخصخصة من جديد.
∎ دراسة
فمشروع الصكوك الإسلامية - الذى ناقشه مجلس الشورى - به العديد من التناقضات، لذلك فقد رصدت دراسة أعدها الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية تحت عنوان «الصكوك الإسلامية وأمن البلاد» أهم الملاحظات على مشروع قانون الصكوك المقترح بعد تعريفها بأنها وسيلة وأداة مالية جيدة وشهادة ائتمانية تثبت لحاملها حق ملكية فى أصل معين، ولكن ملكية على المشاع ويقابلها السندات المالية فى الاقتصاد التقليدى.
وأوضحت الدراسة أن المخاطر والتحديات التى تواجه الصكوك، هى قلة الصكوك المصدرة فى الوقت الحالى، نظراً لعدم وجود سوق ثانوية متكاملة لهذا النوع من الإصدارات وانخفاض السيولة الموجودة فى البلاد وطريقة صيغة هذه الصكوك وحقوق المستثمرين والشفافية والسيولة بالسوق وتوحيد التشريعات الصادرة لإصدار الصكوك، كما يجب إيضاح موقف التمويل غير المصرى للصكوك واقتصار ملكيتهم للصك على المشاركة فى الربح أو الخسارة وحق الاستغلال والانتفاع للمشروع وملكية المشروع دون ملكية الأرض المقام عليها المشروع والتضخم وانخفاض القوة الشرائية للنقود، مما ينتج عنه ارتفاع الأسعار، وهو ما يعنى تعرض الأموال المستثمرة لانخفاض فى قيمتها الحقيقية، ومخاطر التشغيل نتيجة أخطاء بشرية أو فنية أو حوادث ومواجهة الصكوك الإسلامية تقلبات حادة فى سعر الصرف للعملة الأجنبية وانخفاض العملة المحلية.
وكشفت عن أن أهم الملاحظات حول مشروع قانون الصكوك المقترح هو تشكيل الهيئة الشرعية مادة (1، 41) مستقلة بعيداً عن الأزهر وهيئة كبار العلماء به وعدم الالتزام بمذهب أو مذاهب محددة سيأخذنا للمذاهب الضعيفة وفتح باب الاختلاف بين العلماء والمجتهدين وأن الهيئة الشرعية ستكون من أغلبية المصريين أى أنه سينضم إليها شيوخ ليسوا مصريين يحملون فكراً وآراء مختلفة وتكليف رئيس مجلس الوزراء باختيار أعضاء الهيئة الشرعية بدون ترشيح من الأزهر أو هيئة كبار العلماء وعدم تحديد مدة قصوى للتجديد للهيئة الشرعية المقترحة.
وأضافت الدراسة إن هناك مخاطر على ملكية أصول الدولة المادة (5) من مشروع قانون المقترح تتيح إمكانية بيع أصول الدولة المتمثلة فى شركات الملكية الخاصة التابعة للدولة وتغيير أو تعديل الشكل القانونى لبعض أصول الدولة وتحويلها من ملكية عامة إلى ملكية خاصة مستقبلاً وإصدار الصكوك لآجال طويلة دون مبرر أو دون عائد اقتصادى لعدم وجود حد أقصى، وأشارت الدراسة إلى أنه لا يجوز الحجز أو مصادرة الصكوك ولا يجوز بالطريق الإدارى فرض الحراسة على الشركات ذات الغرض الخاص أو الحجز على أموالها أو الاستيلاء أو التحفظ عليها أو تجميدها أو مصادرتها وإيضاح دور وشكل شركة الغرض الخاص فى القانون بشكل من التفصيل عما هو موضح بالمادة رقم (9) من مشروع القانون المقترح استخدام الصكوك فى مشروعات جديدة ويحذر استخدامها على المشروعات القائمة حتى تاريخ صدور هذا القانون.
∎ تناقض!
وفى هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادى الدكتور أحمد جلال - رئيس منتدى البحوث الاقتصادية - أن مشروع الصكوك الإسلامية ملىء بالغموض، والدليل على ذلك إصرار جهة واحدة على إصداره وهى حكومة الإخوان رغم رفض العديد من الجهات الخاصة إصداره وإصرار جهة واحدة على إصدار الصكوك يدل على أن هناك مصلحة وتحقيق أرباح لهذه الجهة، فمشروع الصكوك الإسلامية يشوبه العديد من التناقضات، لعل أبرزها أن مشروع الصكوك الإسلامية لا يوضح ماهية هذه الصكوك هل هى سندات أم صكوك ملكية، أم عقود.
وأوضح د. جلال أن هناك تذبذبا وغموضا كبيرا فيما يتعلق بمواد القانون مما يثير مخاوف كبيرة، حيث لم تضع الحكومة حتى الآن قائمة بالمشروعات التى سيتم طرحها أو قيمتها أو كيفية طرحها، الحكومة المصرية تسير بالعكس، فهى تبحث عن التمويل قبل أن تحدد رؤية اقتصادية واضحة، أو المشروعات التى تريد تمويلها، وهذا يثير تخوفًا كبيرًا حول أسباب إصدار هذا القانون وأضراره على مصر، مشيرا إلى أن السرعة الغريبة وراء إصدار هذه الصكوك تحمل شبهة تدخل بعض رءوس الأموال الخليجية للسيطرة على أصول بلدنا، فضلا عن أن الحكومة المصرية غير قادرة على السيطرة على الطرح فى الأسواق الخارجية، فلن نستطيع أن نعرف هوية المشترى، ومن السهل أن نجد إسرائيل من خلال ستار استثمارى، تستحوذ على بعض المشاريع فى مصر، بالإضافة إلى ذلك فى حالة عدم قدرة الحكومة على سداد قيمة الصك فى الوقت المحدد، قد تضطر إلى تسييل للمشروعات القائمة أو لجزء من هذه الصكوك وهو ما يجعلها قد تفقد سيطرتها الكاملة على بعض الممتلكات.
وأشار د. جلال إلى أن مشروع الصكوك الإسلامية يحمل العديد من الألفاظ المغلوطة التى ندفع ثمنها بعد مرور السنوات، فالقانون يؤكد عدم المساس بالمنشآت السيادية واستبعادها من الرهن كما الموضع فى المادة «7» إلا أن الواقع عكس ذلك، حيث إن الصيغة اختلفت تماما مما يسمح برهن الشركات التابعة للحكومة وهى ما تمثل أيضًا ممتلكات عامة للحكومة «هذا ليس إلا تلاعبًا بالألفاظ».
∎ تحذير !
ومن جانبها اعترضت الدكتورة أمنية حلمى - المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية- على مشروع قانون الصكوك الإسلامية لما يحمله من غموض فى جميع مواده، فضلا عن التناقض فى صياغة المواد، فعلى سبيل المثال المادة «1» تؤكد أن أصول الدولة يمكن رهنها وبيعها لأنها تمثل حصصا شائعة فى ملكية موجودة ثم تغيرت الصياغة تماما فى المادة «3» التى أكدت عدم جواز طرح أصول الدولة للرهن فهذا تناقض غريب.
وحذرت د. أمنية من إعطاء صكوك التمويل الإسلامى التى ستصدرها الدولة حق الملكية بالكامل، وهو الأمر الذى يتضمن حق التصرف بالبيع أو التنازل ويمكن فى هذه الحالة أن تتم عمليات بيعية بأموال ضخمة لأطراف أجنبية ذات أهداف خبيثة تحاول السيطرة على مقدرات الاقتصاد الوطنى، على أن تقتصر صكوك التمويل الإسلامية على حق الانتفاع فقط حرصا على أملاك الدولة، ويفضل أن تكون مدة الانتفاع قصيرة لا تزيد على عشر سنوات، وأشارت إلى أنه يمكن توفير الحماية لحملة الصكوك عن طريق التأمين ضد المخاطر من خلال شركات تأمين إسلامية، بالإضافة إلى توفير الرقابة الشرعية، ومن الأفضل رفع الوعى الاستثمارى لدى الأفراد المكتتبين فى الصكوك من خلال تكوين جماعات منهم وذلك لتوفير عنصر الجذب الاستثمارى، وأشارت إلى أن قانون الصكوك الإسلامية يفتقد لوضوح الرؤية حول آليات المشروع وجوانبه التى تثير القلق والمخاوف لدى بعض المواطنين، وقالت: إن تطبيق المشروع يتطلب مزيدا من المناقشة للرد على الشبهات التى تحوم حوله مثل ما يتردد عن أن القانون يشبه ظاهرة «توظيف الأموال» و«بيع مصر»، كما أن المسودة النهائية لقانون الصكوك لم تخل نهائيا من النص على ملكية الرقبة، كما تؤكد وزارة المالية، مدللة كلامها بتعريف صكوك الإجارة التى حواها القانون، وهى أنواع: الأول حسب نص القانون «صكوك ملكية الأصول القابلة للتأجير تصدر على أساس عقدى البيع والإجارة، وتستخدم حصيلة إصدارها لتمويل شراء عين قابلة للتأجير ثم تأجيرها مدة محددة، هى مدة الصكوك، بأجرة معلومة، ويمثل الصك حصة شائعة فى ملكية هذه العين، رقبة ومنفعة، وفى أجرتها بعد تأجيرها، وهذه الأجرة هى عائد هذه الصكوك».
∎ الغموض!
وانتقد الخبير المصرفى محمد بدرة الرئيس السابق لبنك المشرق- مصر - ترحيب البنك المركزى بهذه الصكوك فى ظل أنها غير واضحة المعالم فى جميع النواحى المصرفية، بالإضافة إلى أن البنك المركزى ليست لديه معلومات عن كيفية استخدامها وشروطها وغيرها.
وأشار د. بدرة إلى أن القطاع المصرفى لم تصله حتى الآن تفاصيل كيفية تطبيق الصكوك والعائد عليها، وفترة الاستحقاق، وطرق استرداد أموالها، فكيف يرحب البنك المركزى بهذا المشروع، وأضاف: إن مشروع الصكوك الإسلامية الذى عرض على مجلس الوزراء اقتصرت أغلب مواده على تمويل مشروعات زراعية أو صناعية أو خدمية، أو لتمويل التجارة، وهى كلها من اختصاص القطاع الخاص وليس الحكومة، لذلك من الضرورى إعادة النظر فى تلك المواد مرة أخرى.
وأضاف إن المادة (5) تم إقحام الحكومة فيها، مصدر للصكوك مقترض على أن تستخدم الحصيلة فى دعم الموازنة العامة للدولة، والمساهمة فى تمويل وتطوير المشروعات التى يحددها مجلس الوزراء وغيرها من المصارف، لذلك يجب التمعن فى إيجاد العلاقة المنعدمة بين الموازنة العامة للدولة بالمشروعات الأخرى.
وقال إن المادة «7» من القانون أعطت الحق لرئيس الجمهورية فى تحديد الأصول الثابتة المملوكة للدولة التى تصدر مقابلها الصكوك، كما فتحت المادة «8» الأجل لمدة تأجير أو تقرير حق الانتفاع بالأصول الثابتة التى تصدر مقابلها الصكوك السيادية ل06 عاما، فالمشروع ملىء بالعديد من الشبهات تحوم حول هذا المشروع لعل أبرزها قلة الصكوك المصدرة فى الوقت الحالى نظراً لعدم وجود سوق ثانوية متكاملة لهذا النوع من الإصدارات ونحتاج إلى تشريعات توضح كيفية الإصدار وتحديد المشروعات التى يتم فيها توجيه حصيلة الإصدار للصكوك الإسلامية، كما أن السيولة منخفضة حاليا فى البلاد وهو ما سيفتح التمويل لصكوك العرب والأجانب للمشروعات التنموية المصرية، مما يتطلب ضرورة وضع ضوابط تمنع تملك الأجانب وغير المصريين للمشروعات التى يتم تمويلها بالصكوك وتقتصر فقط ملكيتهم للصكوك على حق الانتفاع والاستغلال دون التملك، كما أن هناك إشكالية فى صيغ هذه الصكوك وحقوق المستثمرين والشفافية والسيولة بالسوق القانونية نتيجة نقص عدد صناع السوق الجادين وعدم وجود بنك إسلامى كبير ولابد من توحيد التشريعات الصادرة لإصدار الصكوك فليس من المقبول أن يكون هناك تشريع وقانون خاص بالصكوك السيادية التى تصدرها الحكومة وتشريع وقانون للصكوك التى تصدرها الشركات الخاصة (القطاع الخاص) وتشريع ثالث لصكوك مختلطة فهذا غير معمول به فى العالم، فضلا عن أن هذا النوع من الصكوك الإسلامية فى مصر يواجه مخاطر نتيجة لترقب السوق المصرية تقلبات حادة فى سعر الصرف للعملة الأجنبية وانخفاض العملة المحلية، ففى حالة إصدار صكوك بعملة معينة واستثمار حصيلتها بعملات أخرى فقد يؤدى إلى انخفاض ربحية الصكوك أو خسارتها.
∎المخاطر!
ويرى الدكتور هانى سرى الدين - رئيس الهيئة العامة لسوق المال الأسبق ثلاث نقاط قانونية جوهرية قادرة على تفجير مشروع قانون الصكوك بجانب تعارضها مع طبيعة وهدف الصك وأبسط مبادىء القانون العام والممارسات الدولية.
أوضح سرى الدين أن النقطة الأولى تتمثل فى إخلاء تنظيم وهيكل القانون المقترح بطبيعة صكوك التمويل التى يعود تصنيفها لأدوات الدين، كما أنها تتعارض مع مبدأ تحويلها إلى أداة استثمارية حتى تتوافق مع مبادئ الفقه الإسلامى نتيجة حالة التباس كبيرة فى المفاهيم والمصطلحات، بالإضافة إلى أن أدوات الدين من الناحية القانونية تنقسم إلى سندات وصكوك بغض النظر عن الصبغة الإسلامية، إذ إن الفارق الجوهرى بينهما يتلخص فى أن السند يستخدم لتمويل أنشطة عامة وغير محددة ويعتد فيه بالملاءة المالية للمقترض بوجه عام، فى حين أن فكرة صك التمويل ترتكز على الاقتراض لتمويل مشروع أو أصل بعينه، وبالتالى تنحصر ضمانات سداد الصك فى الأصل الممول نفسه، ولفت سرى الدين إلى أن المفهوم الاقتصادى للسند أو الصك لا يختلف سواء كان مصدر الورقة المالية شركات تنتمى للقطاع الخاص أو الدولة نفسها، موضحا أن صكوك التمويل الإسلامى يجب أن تتفق مع فكرة الصك بمعناه العام وطبيعته بهدف تمويل مشروع أو أصل معين لكن تعارض مبادئ الشريعة الإسلامية مع فكرة الفائدة دفع المشروع لخوض محاولة تحولها إلى أداة استثمار وليس دينا، وهذا ما ترتب عليه طرح حق الانتفاع وربطه بأصل محدد على غرار صكوك الإجارة.
أكد أن خطورة ذلك تكمن فى ربط حق الانتفاع بأصول عامة قائمة بالفعل وليس قصرها على المشروعات العامة الجديدة التى يمكن للدولة الاستفادة بتمويلها عبر صكوك التمويل المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية والتى تمثل النقطة الثانية والجوهرية فى مخالفات القانون الخاص بحزب الحرية والعدالة لأبسط مبادئ القانون العام الذى لا يجيز ترتيب أى حق عينى أو شخصى على أصول عامة قائمة بأى شكل من الأشكال.