العصيان المدنى لغم جديد فى وجه الاقتصاد المصرى فى ظل استمرار نزيف الخسائر الذى يلاحق جميع القطاعات والمؤسسات الاقتصادية، فقد امتد العصيان لجميع محافظات القاهرة وتوقفت 80% من حركة التجارة، مما يعود فى النهاية بالخراب على المواطن المطحون الذى هو وحده يدفع خسائر الاقتصاد من قوته اليومى! «العصيان المدنى» الأمل الذى حمله أهالى القناة كمحاولة للضغط على عرش مرسى لتنفيذ مطالب الشعب المطحون، والقصاص ل 24 شهيدا فى الذكرى الثانية للثورة، ومن الواضح أن يمتد هذا العصيان إلى جميع المحافظات وعلى رأسها القاهرة، ولكن على الرغم من ضرورة هذا العصيان إلا أنه ضربة قاتلة لجميع القطاعات والمؤسسات الاقتصادية فمنذ أن أعلنت محافظة بورسعيد عصيانها المدنى ضاع على الاقتصاد المصرى حوالى 30 مليار دولار بسبب إغلاق المصانع، فقد بلغ عدد المصانع التى أغلقت حوالى 80 مصنعا فى مجالات الملابس الجاهزة والصناعات المعدنية والصناعات الغذائية، بينما يبلغ عدد المنشآت التجارية التى شاركت فى العصيان نحو 56 ألف منشأة، كما انضم عمال ترسانة بورسعيد البحرية التابعة لهيئة قناة السويس ببورفؤاد لحركة العصيان المدنى فى بورسعيد والتى يصل عددهم إلى 12 ألف عامل، وأغلقت المنطقة الحرة للاستثمار والتى تضم 29 مصنعا للملابس الجاهزة يعمل بها ما يقرب من 38 ألف عامل، وانضم أكثر من 20 ألفاً من العاملين بالمنطقة الحرة العامة، أما عن منطقة الاستثمار فى بورسعيد فحدث ولا حرج فيوجد بمنطقة الاستثمار ببورسعيد حوالى 100 مصنع يضم حوالى 23000 عامل، وقد تم إغلاق أكثر من 054 مصنعا فى بورسعيد، فضلا عن أن الحركة التجارية متوقفة تماما بنسبة 08%، واستمرارا لنزيف الخسائر للاقتصاد تم إغلاق ميناء شرق بورسعيد تماما، مما أدى إلى هروب السفن منها والبحث عن طرق أخرى، حيث إن حركة السفن تخفض بشكل ملحوظ مع استمرار العصيان فى تعامل السفن مع ميناءى شرق وغرب بورسعيد فبعد تحويل السفن المتجهة لميناء شرق انخفضت معدلات السفن المتعاملة مع ميناء غرب بورسعيد من متوسط 10 سفن يومياً إلى 3 سفن فقط، وفقد أصيبت المدينة بالشلل التام فى مختلف أعمالها التجارية بعد أن أغلقت المحال أبوابها، كما توقفت حركة تجارة الباعة الجائلين، فقطاع الصناعة فى بورسعيد فى خطر مستمر بسبب استمرار العصيان المدنى، وهو ما يكبد أصحاب المصانع خسائر اقتصادية فادحة، حيث إن الخسائر المباشرة الخاصة بتوقف العمل فى ميناء بورسعيد الذى يشكل 02% من حركة التجارة التى تقدر ب08 مليار جنيه فى العام يصل نصيب الشهر منها 7 مليارات جنيه، ما يعنى أن خسارة اليوم الواحد من توقف العمل فى الميناء تقدر ب004 مليون جنيه، وهى خسائر خاصة بالميناء فقط أى أن استمرار العصيان لمدة 10 أيام سوف يسجل الخسائر بالمليارات.
وقد تأثرت البورصة المصرية بالعصيان المدنى ووصلت الخسائر إلى 5,5 مليار جنيه فى الأسبوع الأول من العصيان المدنى.
وفى نفس الوقت دقت عاصفة العصيان المدنى أبواب المحلة فقد قامت محطات تمويل السيارات بالمحلة الكبرى بغلق أبوابها للمشاركة فى العصيان المدنى وكذلك المحلات التجارية، كما توقفت حركة المرور تماما، وتعطيل حركة القطارات، بالإضافة إلى أن العصيان المدنى فى الإسماعيلية، حيث قامت جميع المحلات والمصانع بالمشاركة فى هذا العصيان، وكذلك انضم عدد من الأهالى فى السويس وهددوا بإغلاق ميناء قناة السويس.. وفى هذا الإطار أصدر اتحاد الصناعات المصرية بيانا لرفض العصيان المدنى الذى ينهى بالاقتصاد المصرى، مما سيدفع بالاقتصاد المصرى إلى الهاوية.
وأشار البيان إلى ضرورة العمل من أجل زيادة الإنتاج وتعويض نزيف الخسائر التى يعانيها الاقتصاد المصرى على مدى عامين شهد العديد من الإضرابات والاعتصامات، حيث إن مصر تمر بفترة حرجة من تاريخها تتطلب تكاتف الجميع والعمل على نهضة مصر وتقدمها على جميع المستويات، مشيراً إلى رفضه القاطع لدعوات العصيان المدنى لما لها من عواقب وخيمة على الاقتصاد المصرى الذى يعانى بالفعل.
الخسائر!
وفى هذا الإطار أكد محمد المصرى نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية ورئيس غرفة بورسعيد أن العصيان المدنى من أخطر الأشياء التى تضر بالاقتصاد المصرى فى ظل أن بورسعيد من أهم المناطق التجارية ويوجد به العديد من المصانع، بالإضافة إلى أن مدينة بورسعيد تستحوذ على 14 % من صادرات الملابس والمنسوجات المصرية للخارج، حيث إن إجمالى الصادرات المصرية من الملابس يصل إلى 5,1 مليار دولار سنويا منها 500 مليون دولار للشركات موجودة فى بورسعيد، فضلا عن أن بورسعيد تصدر بحوالى 100 مليون دولار سنويا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وأضاف المصرى: إن المصانع التى تم إغلاقها تخسر يوميا حوالى 71 مليون دولار، مما يعود فى النهاية بالخراب على المواطن المطحون الذى هو وحده من يدفع خسائر الاقتصاد من قوته اليومى.
وأشار المصرى إلى أن العصيان المدنى أدى إلى توقف الحركة التجارية تمامًا بسبب غلق جميع المحلات التجارية، علاوة على توقف حركة العمل بالنقل بسبب العصيان المدنى، حيث إن العمل بالموانئ والمنافذ الجمركية متوقف، وأن عملية تفريغ الشحنات الواردة لميناء بورسعيد متوقفة، بنسبة 50%، الأمر الذى سيؤدى إلى تلف بعض تلك الواردات خاصة الغذائية منها.
وأوضح المصرى إلى أن الخسائر التجارية المحلية تقدر هى الأخرى ب 500 مليون جنيه يومياً ناتجة عن توقف المحال التجارية وحركة البيع لاسيما بعد اشتراك سكان المحافظة فى العصيان، وبالتالى يكون إجمالى الخسائر المباشرة فى اليوم الواحد قرابة ال 900 مليون جنيه، فضلا عن أن حجم التجارة المصرية التى تمر من خلال ميناء بورسعيد يقدر ب 5,7 مليار دولار سنوياً، ما يعنى أن نصيب الشهر الواحد من حجم هذه التجارة يقدر ب نصف مليار دولار شهريا، وهو ما يعنى أن هذا الرقم أصبح مهددا بسبب توقف العمل فى الميناء.
الشبح!
وترى الخبيرة الاقتصادية الدكتورة ماجدة قنديل أن العصيان المدنى شبح يهدد الاقتصاد المصرى، حيث إن الإضراب والعصيان المدنى الذى يعطل النشاط الاقتصادى، إن كان نوعاً من الاعتراض وإبداء الرأى إلا أن له تأثيراً سلبياً على الاقتصاد، خاصة أن هذه الإضرابات تعطل عجلة الإنتاج، وهو الأمر الذى يؤدى إلى تدنى معدلات النمو المتراجعة بشكل حاد خلال الفترة الحالية، وتكبد الدولة ملايين الجنيهات، خاصةً أن مدن القناة تمثل جانباً مهما من الاقتصاد المصرى سواء فيما يتعلق بقناة السويس وحركة الملاحة والتجارة وغيرها فى الوقت الذى لا يتحمل فيه الاقتصاد أى انعاكاسات جديدة.
وأشارت د . ماجدة إلى أن الإضراب عن العمل بالمصانع وتوقف الإنتاج وتوقف النقل من شأنه أن يؤدى إلى زيادة نسبة التضخم فى ظل ارتفاع أسعار السلع وتكلفة الإنتاج، بالإضافة إلى الحد من الطاقة الإنتاجية التى تؤدى إلى نزيف الخسائر، كما أن العصيان المدنى سيجعل مصر طاردة للاستثمار وهروب رءوس الأموال.؟