المرأة المصرية كانت أيقونة الثورة وروحها رغم أنها لم تجن أى ثمار بل فقدت كثيرا من حقوقها حتى القوانين التى حاربت من أجلها لسنوات بجرة قلم يريدون إلغاءها.. وعلى الرغم من قتامة المشهد فإن الكاتبة الصحفية المناضلة أمينة شفيق ترى أن الأمل لا يزال موجوداً وأنها متفائلة وأن المرأة تشارك فى الثورات ولكنها لا تجنى ثمارها بشكل مباشر وأن الحصول على حقوق المرأة يتطلب صبراً ومثابرة ووضع خطة للتعامل مع قضاياها. وترى أن المرأة حاليا أصبحت أكثر جرأة وتعبيرا عن المسكوت عنه وأنها غير قلقة على حرية المرأة لأن المرأة حاليا لم تعد تهتم بقضاياها فقط بل أصبحت تهتم بالمشاكل اليومية الحياتية.. وإلى نص الحوار. ∎ كيف ترين مستقبل المرأة المصرية فى ظل وجود التيارات الإسلامية وحصر قضايا المرأة فى الحجاب والمتعة الجنسية؟ - أنا أنتمى لجيل لم يكن يتصور أن تحدث ثورة وانتفاضة شعبية تشارك فيها المرأة بهذا الكم والتنوع، وإذا لم يكن هناك قيادة تدافع عن المرأة حاليا فإن المرأة بنفسها خرجت تدافع عن حقها من كل الطبقات والشرائح المهنية، فالحركة النسائية كانت تنضج وكان ينقصها مناخ ديمقراطى تعبر من خلاله. فالمستشار محمود الخضيرى يقول صراحة إنه ضد كوتة المرأة.. وأنا أعرف أن المرأة ستتراجع فى تمثيلها النيابى وفى المحليات، ولكن لن يستطيع أحد أن يمنع المرأة من الخروج لمهام عملها، فالنساء فى مصر لا يخرجن من أجل التنزه ولكنهن يخرجن من أجل كسب لقمة العيش، فعمل المرأة لم يعد خياراً. ∎ وهل تراجع تمثيل المرأة فى النقابات والمجالس النيابية لا يفقدها دورا مهما؟ - أنا أعلم تماما أن المرأة تشارك فى الثورات ولكنها لا تجنى ثمارها بشكل مباشر، فالمرأة فى الثورة الفرنسية لم تحصل على حقوقها إلا بعد فترة طويلة.. فالعلاقات البطريركية الذكورية الأبوية المستبدة عندما تتلاشى تبدأ المرأة فى الحصول على حقها.. والفترة القادمة لن تشهد نسبة تمثيل عالية فى المجالس النيابية بالقانون.. فالتمثيل سيكون رمزياً وسيتمسكون به ولكنى أراهن أكثر على خوض المرأة مستقلة وأراهن على مدى نضج المجتمع. ∎ هل ترين اختلافاً بين الناشطات فى الستينيات والناشطات حاليا؟ - طبعا هناك فروق عديدة، فالمرأة حاليا أكثر جرأة ونحن كنا نشتغل على قضايا المرأة بشكل عام.. أما الآن فالناشطات يعملن على مشاكلهن الحياتية اليومية ولقمة عيشهن وجسدهن وإنسانيتهن وهن أكثر جرأة وسهل لهن ذلك المناخ الديمقراطى الموجود حاليا.. والمجتمع البطريركى نظام مستبد يحكم من أعلى لأسفل بشكل هرمى، وتلاشى هذا النظام معناه أن الناس تحكم من خلال القانون والمنظمات. ∎ ولكن فى ظل الفوضى السائدة وانعدام القانون سيظل النظام المستبد قائما؟ - لا.. يوجد فرق بين حالة التسيب العام لأن من فى السلطة لا يعرف كيفية تحويل الدولة من دولة مستبدة إلى دولة مؤسسات ودولة قانون، لذلك الفوضى موجودة ولكن إذا أتيح مرحلة تحول كان حتما سيكون هناك وضع مختلف، والفوضى الموجودة حاليا هم المتسببون بها، وأنا أعرف أن تمثيل المرأة سيتراجع ولكنى متفائلة لأننا لم نعد ندافع عن حقوق المرأة فقط. فالعام الماضى شاركت فى مسيرة 8 مارس ولم أكن أتوقع أن يسير معى هذا العدد الهائل من النساء والشابات والشباب والرجال والشيوخ يدافعون عن قضايا المرأة هذه ظاهرة تعنى أن قضية المرأة على جدول أعمال المجتمع حتى أنها لم توضع على جدول أعمال الدولة.. فهى ظاهرة صحية. ∎ لا أعترض أنها ظاهرة صحية ولكنها أيضا ظاهرة شكلية صورية لا تعبر عن نظرة المجتمع الحقيقية للمرأة؟ أنتم فى عجالة دائما فالفكرة ليست بالضربة القاضية نستطيع أن نأخذ حقوقنا، الأمر يحتاج إلى وقت لأن أى تغيير لا يحدث فى يوم وليلة. ∎ وكيف تقيمين أداء المجلس القومى للمرأة والمنظمات النسائية الموجودة حاليا ؟ - على الرغم من كل ما قيل عن المجلس القومى للمرأة لكنه لعب دوراً فى حدود المساحة الديمقراطية المتاحة، وقتها القضايا بدأت تطرح على الملأ ولكنها لم تطرح بشكل عام على الجماهير. وأنا أرى أن الحركات والمنظمات الموجودة بدأت تنتهج نهجا صحيحا فهناك حركات عمالية مستقلة بعيدا عن الاتحاد العام للعمال، وهناك أيضا منظمات تهتم بحقوق المرأة مستقلة عن المؤسسات الحكومية الموجودة، وهذا فى حد ذاته أمر مهم ومع النضج العام سنخطو خطوات مهمة. ∎ التحرش الآن أصبح وسيلة لترهيب المرأة من النزول للميدان فهل اختلفت وسائل الترهيب عن الماضى؟ - أنا لم أتعرض لهذه الوسائل أبداً فى الماضى وما يحدث الآن هو عنف فاشى بمعنى الكلمة ليس ضد المرأة فقط ولكنه ضد المجتمع كله لإلهاء الناس وتخويفهم وأنا كنت متوقعة ذلك وأكثر من ذلك ففترة الانتقال لن تمر ببساطة ولكنى أيضا متوقعة أن من يقوم بهذه الأعمال سيتم فضحه.. فلم نعد نجلس فى بوتقة لوحدنا أو خندق وأنا هنا أقصد جميع الجرائم التى ترتكب بداية من التحرش والتعذيب والسحل ونهاية بالقتل كما حدث مع الشباب ومع شبابنا فى سيناء فمرحلة التحول مريرة والقادم سيكون أكثر مرارة والمرحلة سيكون فيها جوع اقتصادى وحقوقى. فمن قال إن الفقراء فى حاجة لثورة هم بالفعل بدءوا ثورتهم فى الشارع واحتلوا الأرصفة ففوضى الشارع المصرى هى ثورة الجوع التى كنا نحذر منها فأنا لا أطلب من الرئيس إلغاء الفقر فعبد الناصر على الرغم من مما فعله لم يلغ الفقر ولكنه كسر حلقة الفقر وأعطاهم أملاً فى أن يعلموا أبناءهم لكننا الآن لم نجن شيئاً والفقر فى زيادة فالحكومة والرئيس بلا خيال. ∎ أنت دائما تؤيدين مبدأ التحاور للخروج من الأزمات فما هو رأيك فى الوضع الراهن حاليا ورفض جبهة الإنقاذ للتحاور ؟ - الحوار لابد أن يكون له رأس وقدمان، وأنا مع الجبهة فى موقفهم.. فالحوار يتطلب أن نتفق على مناقشة وموضوع وتكون هناك ضمانات لكن أن تجلس المعارضة كالتلاميذ فالحوار لابد أن نصل من خلاله لحلول وسط دون فرض رأى على الآخر والمشكلة الأكثر خطورة هى أن الشارع نفسه رافض جبهة الإنقاذ فمشاكلهم لا تحل. ∎ ما هى سبل الخروج من المأزق؟ - لا مفر من الحوار ولكن ليس بالطريقة الحالية.. لابد من برنامج عمل فأنا لا أتحاور لتضييع الوقت ولكننا لابد أن نتفق على جدول أعمال لكن ما يحدث الآن عبث سياسى. ∎ الشابات الموجودات على الساحة أى منهن تمثل لك الأمل؟ - يوجد عدد كبير من الناشطات والمراكز الحقوقية فيوجد مركز كمركز نديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب يستحق جائزة الدولة إذا كانت توجد دولة أساسا حتى الشابات اللاتى أفرزهن ميدان التحرير أشعر معهن بالسعادة فبناتنا جميعهن خرجن للنضال ويختلفن معى فى الرأى وأنا لا أغضب منهن فانا أتفهم حماس الشباب فهن بنات عصرهن وأنا بنت عصرى، فالجيل الجديد من الفتيات جيل مميز ومتطور وهن أشطر منا وعلاقتهن أكثر تشعبا حول العالم بفضل الإنترنت الجيل الموجود حاليا هو صياغة التطور العلمى والتقنى. ∎ ما هو الدور المنوط على المرأة فى الفترة القادمة؟ - دورها فى قضية الديمقراطية واضح جدا ودورها فى فرض حقوقها واضح جدا، وعلى جميع المنظمات العاملة فى مجال حقوق المرأة أن تتوحد.. لا أقول أن تكونوا قيادة.. ولكن تتحد.. قضية المرأة تحتاج أن نضع لها مسارا فالمرأة المصرية ليست نوعية واحدة فعندنا المرأة الريفية والصعيدية والطالبة والبحراوية فكل امرأة عندنا لها ثقافة فرعية، لدينا دراسات عديدة قامت بها الأممالمتحدة والمجلس القومى للمرأة تحدد أفقر النساء وعلينا أن نضع جدول أعمال وخطط طويلة المدى ونطرحها على الملأ ونجبر أى حكومة كى تنفذها. ∎ ولكن فى ظل قيادة سياسية لا تهتم بهذه المشاكل ستكون خطط العمل مجرد حبر على ورق؟ - أنا غير مسئولة عن أداء الحكومة ولكن واجبى يحتم على إبراز المشاكل وتقديم رؤية وطرحها على الملأ كل منا له دور وأنا مستعدة للعمل التطوعى من الآن فانا أتمنى أن تحصل نساء مصر على خمس ما حصلت عليه من حقوق فى الحياة، لذلك علينا أن نتفق على برنامج عمل استنهاض المرأة. وأنا حاليا أعمل على قضية التعاون الزراعى أطرحها كفكر حتى إذا لم يأخذ بها أحد. ∎ رأينا أداء متدنيا من الأخوات المسلمات فى مجلس الشعب ضد قضايا المرأة فما هو تقييمك لأدائهن؟ - لا أهتم بما ناقشنه لأنهن لا يفهمن.. هن يسرن وراء حزبهن فأنا كان عندى حزب خالفته كثيرا والأخوات لا يجرؤن على مخالفة حزبهن وتوجد صور فى مصر تشوه صورة المرأة المصرية غير وجود الأخوات فى البرلمان. ∎ حزب التجمع من الأحزاب العريقة فى مصر ولكن بعد الثورة لم يؤد دوره بالشكل المفروض؟ - كلنا وبلا استثناء كنا نتوقع ثورة جياع وتفاجأنا بثورة شباب، لذلك ارتبكت كل الأحزاب وأداؤها لم يكن على المستوى المطلوب وبالنسبة لحزب التجمع بالنسبة للمرأة كان أول حزب فى مصر يضع المرأة على أولوياته ويضع برنامجا لنهضتها.