توقع لها الكثيرون أن تلعب دورا مهما في مجال الدعم العالمي للمرأة لكن لم يتوقع لها أحد أن تشغل منصب أمين عام المجلس القومي للمرأة, فهذا منصب محجوز لهوانم.. مصر دائما.. لكنها الثورة التي غيرت ما لم يحلم به أحد. إنها الناشطة الحقوقية والمحامية الثائرة... نهاد أبوالقمصان أول أمين عام للمجلس القومي بعد الثورة, فهي ليست بعيدة عن المرأة البسيطة بل المدافعة دائما عن الفقيرة والمهمشة والمحرومة والمظلومة.... فهي اسم بارز في عالم المدافعات عن حقوق المرأة المؤمنة بجدوي استقاء المعلومات من الواقع وفي الشارع وليس من خلال الدراسات النظرية.. فقد شاركت في كثيرمن الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية التي ترعي وتدافع عن الحقوق العامة للإنسان لكنها أولت اهتماما خاصا بالنساء من خلال عملها الدءوب بالمركز المصري لحقوق المرأة التي تولت رئاسته منذ إنشائه... كما كانت من الذين طالبوا بضرورة تمثيل المرأة نيابيا بما يتناسب وتاريخها ونضالها عبر العصور.... وحتي نتعرف علي الأمين العام عن قرب وبماذا تفكر؟ وماأولوياتها للمرأة المصرية؟ ورؤيتها لها في المرحلة المقبلة كان لنا هذا اللقاء, وبدأنا حوارا معها عن: مشوار حياتك وأهم المحطات فيه..؟ بدأت الاهتمام بالعمل العام مبكرا في المدرسة, حيث كنت في أنشطة الصحافة واللغة والأدب وتابعت عمل جمعيات أهلية كمتطوعة, وفي كلية الحقوق شاركت في الحركة الطلابية وتعرفت علي القوي السياسية والأحزاب, حرصت علي الفصل بين مهنتي كمحامية وكنت مصرة علي العمل بها برغم اعتقاد الكثيرين انها مهنة شاقة لكني اجدها ممتعة وراقية, فالوقوف بجانب مظلوم ومساعدته علي الوصول إلي العدالة لا يعادلها أي سعادة وهو ما جعلني لا أفضل العمل الحزبي واتجهت الي العمل الحقوقي, ثم استكملت اهتمامي بالعمل العام من خلال تطوعي في الحركة الحقوقية المصرية حيث تطوعت في المنظمة المصرية لحقوق الانسان في بداية التسعينيات ثم المركز المصري لحقوق المرأة, كما عملت كمستشار للعديد من الجهات داخل مصر وخارجها وحصلت علي ثلاث جوائز دولية وجائزة مصرية من مكتبة الاسكندرية, ويعود كل الفضل في نجاحي لأبي الذي كان يدعمني دائما وزوجي رفيق حياتي ومستشاري في كل صغيرة وكبيرة, وكان اصراره علي ألا نتفرغ للعمل العام علي حساب عملنا بالمحاماة, وان نكون محاميين في المقام الأول له بالغ الأثر علي تحررنا من أي تبعية أو ضغوط واتخاذ القرارات بناء علي أسس موضوعية. كيف استقبلت خبر تعيينك في المجلس؟ ثم اختيارك كأمين عام للمجلس؟ شعرت بمسئولية كبيرة ونظرت لباقي الاسماء فكانت مشجعة ومطمئنة حيث الجميع مشهود لهم بتاريخ محترم ومواقف مهمة في خدمة مصر, وقد تم إبلاغي بقرار انضمامي لتشكيل المجلس الجديد, وتلا ذلك انتخابي من قبل الأعضاء كأمين عام, ولكن سبق ذلك تكليفي في وزارة د. عصام شرف بالتشاور مع مؤسسات المجتمع المدني لبحث سبل إعادة هيكلة المجلس وتفعيل دور المجلس عقب ثورة25 يناير وقد تم التشاور مع80 جمعية نسائية وأهلية و12 تحالفا نسائيا وتنمويا و50 شخصية عامة. كيف ترين نشاط المجلس في المرحلة المقبلة؟ سوف نعمل علي أن يكون المجلس القومي للمرأة مجلسا لكل المصريين رجالا ونساء لا يقتصر علي فئة أو شريحة بعينها, وسوف نقوم بوضع خطة للعمل في المرحلة المقبلة وآليات حقيقية لتنفيذ هذه الخطة, وتشمل الخطة الأولويات الملحة والعاجلة لتبنيها, ونقوم الآن بالتشاور مع كل المعنيين وإيجاد قنوات اتصال مع المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية وغيرها ليصبح هذا المجلس ملكية لكل المصريين والمصريات. ما أهم أولويات المجلس في المرحلة المقبلة؟ أولويات المجلس هي القضايا المطروحة لعمل المجلس والتي تتمثل في التوجه لتحقيق العدالة الاجتماعية خاصة للمرأة الفقيرة والمهمشة والمعيلة وقاطني العشوائيات,والمرأة الريفية,وكيفية تمكينها اقتصاديا إلي جانب دعم المرأة العاملة وزيادة مساهمتها في دفع الاقتصاد, أيضا قضية محو الأمية التي تمثل عائقا وتحديا كبيرا أمام المراة المصرية بشكل خاص والمجتمع بشكل عام,إلي جانب الملف السياسي ويتمثل في تمثيل المرأة في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور, وتمثيلها في المجالس المحلية المقبلة بشكل مناسب لأن المرأة هي الاكثر شعورا بالمشكلات الحياتية اليومية, ولديها افكار ورؤي جادة وحقيقية للتصدي لهذه المشكلات. ماذا عن عملك كأمين عام للمجلس؟ كما تعلمين أنه تم انتخاب هيئة مكتب مكونة من رئيس ونائب رئيس وأمين عام ونائب له, وبالتالي سيكون العمل جماعيا ومسئولية مشتركة, وفيما يخص عمل الأمين العام فهو يجمع بين المشاركة في التخطيط ووضع السياسات, ومسئولية التنفيذ والإشراف علي الأمانة العامة لتنفيذ هذه السياسات بالشكل الذي يؤدي إلي تنمية المرأة والمجتمع. أمنياتي لمصر وللمرأة ما الذي ترغبين تحقيقه للمرأة وخاصة الفقيرة والمهشمة ؟ المرأة البسيطة في مصر ثروة بشرية مهمة يجب ألا تكون مهمشة وانما مشاركة في جميع مناحي الحياة وصناعة القرار وأهم خطوة تتمثل في رفع المستوي الاقتصادي والتخلص من الفقر من خلال إيجاد عمل يكون مدرا للدخل لها ومشاركتها كعضو فاعل في رفع الاقتصاد القومي من خلال الأعمال الإنتاجية التي ستقدمها, وأحلم بأن تكون كل امرأة فقيرة أو معيلة قادرة علي العيش في حياه كريمة تتوافر لها الكرامة والصحة والتعليم ومظلة تأمين اجتماعي وصحي حتي لا تكون دائما مفعولا بها وانما فاعل وداعم لنفسها وأسرتها. مارؤيتك لمستقبل مصر؟ ومستقبل المرأة المصرية في ظل الهجوم الحاد علي المرأة وتراجع دورها بعد الثورة؟ مستقبل مصر متوقف علي درجة ايماننا بأهداف الثورة وأولها الكرامة والعدالة الانسانية لكل المصريين واذا كنا نري المرأة نصف المجتمع ومشاركة في رعاية ودعم النصف الآخر لذا نكون جميعا مسئولين عن النهوض بالمرأة المصرية كشرط لمشروع النهضة وأري إن وضع المرأة بعد الثورة علي مستوي النساء افضل حيث أنهن اكثر وعيا بحقوقهن كمواطنات وأكثر حرصا علي الحفاظ عليها. لا يوجد ما يسمي بقوانين سوزان ما رأيك في الهجوم الأتي تشنه بعض التيارات ضد المرأة وبعض الجمعيات الرجالية وخاصة علي قوانين الأحوال الشخصية التي سميت باسم سوزان مبارك؟ من ايجابيات الثورة في مصر هي كسر حاجز الخوف لدي الجميع, وقدرة العديد من الفئات علي تنظيم انفسهن بصرف النظر عن اتفاقنا مع آرائهم أو اختلافنا, وأنا أشعر بسعادة أن هناك مجموعات عديدة تعبر عن رأيها واشعر بأننا بحاجة إلي الحوار بدلا من الهجوم والمجلس مفتوح للجميع, وقد قابلت العديد من الآباء وأسهمت في حل الكثير من المشكلات التي لم تكن تفتقد سوي التواصل بين الأطراف, وأدعو الجميع, الي الحضور إلي المجلس للحوار, أما فيما يتعلق بالهجوم علي المجلس فهذا فهم خاطئ لدور المجلس وأعتقد أن السبب يعود إلي التناول الإعلامي لقضايا المرأة والإعلان عن أنشطة المجلس السابقة والاعتقاد السائد بأن المجلس يخدم فئة معينة من النساء, وفيما يخص القوانين فهناك لجنة تشريعية للمجلس سوف تقوم بمراجعة جميع القوانين المتعلقة بالمرأة وإبداء الرأي ورفعه إلي الجهات المعنية, كما أن المجلس يستهدف النهوض بالمجتمع ككل وليس المرأة فقط مما يصب في مصلحة الرجل أيضا فمن أهم التشريعات التي دعمها المجلس حق الرجل في الحصول علي معاش زوجته والتي لم يكن يحصل عليه من قبل, كما أنه لايوجد مايسمي بقوانين سوزان مبارك وإنما قوانين تؤدي إلي عدالة اجتماعية, وكل القوانين التي صدرت فيما سبق عرضت علي مجلس الشعب وأنا علي ثقة أن الحوار والمعلومات ستجعل النواب يدركون أن ماحصلت عليه المرأة المصرية ضئيل جدا إذا ماقورن بحقوقها في الشرع و الدستور,وإذا ماقورن بدول إسلامية أخري وهي مكاسب وطنية يجب الحفاظ عليها ونزيدها كما قال الغنوشي في تونس. كيف سيتم تغيير صورة المجلس بعد الاتهامات التي طالته خاصة من بعض التيارات في المجتمع المصري؟ من خلال تغيير سياساته واهتماماته والإعلان عن ذلك للرأي العام, وكذلك الإعلان عن حجم المشكلات التي تتعرض لها المرأة مثل وجود5 ملايين امرأة معيلة تعيل20 مليون مواطن تقريبا, وسنعمل بكل جهد لأن يكون المجلس ملكا للجميع ويشارك فيه الجميع, وسياساته المستقبلية التي تركز علي تنمية ورفع معيشة نصف المجتمع. ما رأيك في عدد نائبات البرلمان خاصة بعد مشاركة المرأة في انتخابات الشعب كناخبة ومرشحة وما هو دور المجلس لزيادة تمثيلها في البرلمان؟ بالطبع العدد قليل جدا و لا يناسب حجم المرأة في المجتمع وقدرتها التصويتية فالناخبات المصريات ثلاثة وعشرين مليونا وثمانمائة الف وهي كتله تصويتية لا يستهان بها, وسوف نعمل علي زيادة تمثيلها في المجالس البرلمانية من خلال دراسة النظام الانتخابي الحالي ومساهمته في ضعف تمثيل المرأة والعمل علي تغييره والتعاون مع جميع الأحزاب السياسية والجمعيات النسائية ذات الصلة لإعداد الكوادر النسائية التي تستطيع خوض الانتخابات, إلي جانب تهيئة المناخ الانتخابي لاستيعاب المرأة والرجل أيضا. وما دور المجلس في المرحلة المقبلة خاصة في المحليات وكيف يمكن أن يدعمها؟ المجلس حريص علي المشاركة مع منظمات المجتمع المدني وجميع الجهات المعنية ليقدم التوعية للسيدات لزيادة المشاركة السياسية حيث ان المشاركة هي أساس الديمقراطية خاصة وان انتخابات مجلس الشعب شهدت إقبالا من النساء علي التصويت وهو ما سنحاول أن يتكرر علي مستوي جميع الانتخابات,وأن تشكل النساء قوة تصويتية فاعلة تدعم المرشح أو المرشحة الذي يضمن العدالة للجميع, إلي جانب تدعيم المرأة في الانتخابات المحلية المقبلة من خلال الكوادر النسائية المحلية الجادة والقادرة علي تفهم المشكلات وتقديم الحلول المناسبة العملية. ماهو دور المجلس في لجنة صياغة الدستور وهل سيكون له دور مؤثر في الدستور أم سيكون تمثيلا شرفيا؟ سوف نطالب بمشاركة المرأة بشكل مناسب في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من خلال الكوادر النسائية المشهود لها بالكفاءة في المجتمع ولن يكون وجودها مجرد ديكور أو تمثيل شرفي. الفقر والأمية حائل لتقدم المرأة ماهي العقبات التي تقف أمام المرأة لتحقيق طموحاتها؟ أهم العقبات الفقر والأمية وسوف يتركز عمل المجلس في المرحلة المقبلة علي كيفية تقليل الفقر, وإيجاد فرص عمل عن طريق المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتنمية الحرف اليدوية ودعم المرأة العاملة وإزالة المعوقات التي تتعرض لها حتي تؤدي عملها بشكل جيد وتكون قادرة علي ذلك مما يؤدي إلي زيادة مساهمة نصف المجتمع وهو المرأة في المساهمة في رفع الاقتصاد القومي فقد حدث تراجع كبير لمشاركة المراة في سوق العمل بعد تراجع الدولة عن دورها في ايجاد فرص عمل أو توفير الخدمات المساعدة للمراة العاملة مثل دور حضانة محترمة بأجر مناسب, ومن المبشر أن السياسة الاقتصادية لمصر بدأت تميل إلي العدالة الاجتماعية واصلاح ما افسده فساد النظام السابق لذا سنعمل علي ادماج احتياجات المرأة في خطة الدولة, ثم نأتي إلي موضوع الأمية والذي سنربطه بالمشروعات الصغيرة وإيجاد الحلول لهذه المشكلة الكبيرة مع تحديد مدي زمني للقضاء عليها, وكذلك تغيير الصورة النمطية السلبية عن المرأة في المجتمع وأنها غير صالحة إلا للإنجاب ورعاية الأسرة فقط ومن هنا ياتي دور الإعلام والتوعية بأهمية دور المرأة في مختلف نواحي الحياة وأنها شريكة للرجل. واختتمت نهاد أبوالقمصان بتمنيها مزيدا من الحقوق للمرأة المصرية بشكل خاص والعربية بصفةعامة وأن يضعها المشرعون علي قائمة أولوياتهم.