السيناريو دائما واحد وإن اختلفت التفاصيلفرح أنيق.. عريس غنى.. عروس جميلة.. صغيرة السن، شقة تمليك مجهزة.. سيارة أحدث موديل.. جوازة مرتاحة من كل النواحى.. تتمناها فتيات هذه الأيام.. وقبل أن تنتهى السنة الأولى من الزواج.. يحدث الطلاقوالسبب فى جميع الأحوال أن الزوج قد اكتشف.. فجأة أن فارق السن بينه وبين زوجته حول حياتهما إلى جحيم.. ليعض أصابع الندم ويرد على لائميه قائلا«كنت باشترى سن»!! «فى الزمن ده البنات عارفين كل حاجة ومفتحين، علشان كده لازم أتجوز واحدة أربيها على إيدى وأكون ضامن أنها معرفتش حد قبلى ولا لفت ولا دارت» لإيمانه بهذه الأفكار تقدم «ياسر إبراهيم» 33 عاما للزواج من إحدى بنات جاراته التى تبلغ 19 عاما، حيث طلب من والدته أن تختار له عروسا تتماشى مع أفكاره، على أن تتحمل هى «الأم» فى النهاية نتيجة هذا الاختيار، وبالفعل بحثت الأم عن هذه العروس بين بنات العائلة والأصدقاء وكانت ابنة الجيران التى ربتها على يديها هى التى وقع عليها الاختيار، العروس من جانبها لم تسعها الفرحة فالعريس يعمل فى شركة بترول براتب شهرى عشرة آلاف جنيه شهريا ولديه شقة تمليك وسيارة وأثاث وسريعا تم الزواج.
وبعد شهرين من زواج ياسر حملت زوجته وأنجبت له فتاة جميلة، ومنذ ذلك اليوم والخلافات الزوجية تملأ حياة ياسر وزوجته ويحتار معهما الأهل والأقارب فى محاولة لفهم أسباب هذه الخلافات ومحاولة حلها ولكن دون جدوى، البعض يرى أنها بسبب الغيرة والبعض الآخر يرى أنها بسبب فارق السن بينهما، ليصل الأمر فى النهاية وبرغم وجود طفلة صغيرة إلى الطلاق الذى أصرت عليه زوجة ياسر متنازلة عن حقوقها مما دعا الزوج إلى الاستجابة إلى طلبها.
∎ بيضاء وشعرها طويل
صغيرة فى السن وبيضاء وشعرها يكون طويلا هذه هى مواصفات العروس التى طالما حلم «محمود عبدالخالق 32 عاما» بأن تتوافر فى العروس التى سيتزوجها فى المستقبل، حلم بها كثيرا وعاش ليالى طويلة على أمل أن تتحقق هذه الأمنية، عندما كان يعمل فى إحدى دول الخليج.. ويقول محمود: قبل أن أغادر البلد الذى كنت أعمل فيه وأعود إلى مصر، تحدثت مع أختى الكبرى وطلبت منها أن تبحث لى عن عروس بالمواصفات التى أريدها، وبالفعل وجدت أختى هذه العروس التى تعرفت عليها فى إحدى المناسبات العائلية وتبلغ 20 عاما فى السنة الثانية فى الجامعة وبسرعة وافقت على هذه الفتاة التى انطبقت عليها كل المواصفات، التى حلمت بها على الرغم من صوتها المرتفع العريض، ووفرت لها الشقة التمليك والشبكة الذهب والسيارة وكل ما يلزم لإتمام الزواج «جاى من بلد عربى بقى».
ويكمل محمود الحكاية: وبعد الخطوبة قام والد العروس بدعوتى أنا ووالدتها وهى على العشاء فى أحد مطاعم الأسماك الشهيرة وبعد أن تناولنا العشاء قال لى والدها: تعرف صاحب المطعم ده، قلت له لا، قال صاحبه كان يريد أن يتزوج ابنتى «خطيبتى» ولكنى رفضت أن أزوجها له وقلت لماذا رفضت قال لى لأنه «مش من مستوانا».
محمود توقف كثيرا مع نفسه بعد دعوة العشاء هذه ونصحه صديق له بالتفكير جيدا فى إتمام هذا الزواج فقد يكون والدا العروس وابنتهما يطمعون فى الحصول على أقصى قدر ممكن من المزايا والأموال من وراء زواج ابنتهما الوحيدة، ولكنى تزوجت ابنتهما ومن يومها وأنا فى مشاكل، ودائما لا أجدها فى المنزل عندما أعود من العمل فهى إما عند الجيران أو عند أهلها، لا تتحمل مسئولية البيت حتى بعد أن أنجبت وتحملت تكاليف الولادة في مستشفي خمس نجوم كانت تترك لى ابنى الرضيع وتذهب إلى بيت والدها، لكى تضغط على حتى أحقق لها طلباتها التى لا تنتهى وتزيد فى الضغط وتطلب الطلاق، والآن بيننا القضايا والمحاكم ولكنى سأجعلها كالبيت الوقف ولن أطلقها إلا إذا طلبت هى الخلع ولن أعطيها أى شىء.
∎ عروس تكون طوعاً يروى لنا «أيمن حسن» قصته مع زوجته فيقول: تقدمت لخطبتها وأنا أبلغ 33 عاما وكانت هى فى السنة الأولى فى الجامعة، قررت أن أتزوج فتاة صغيرة لا تناقشنى ولا تجادلنى «تكون طوع يعنى»، لا ترهقنى بآرائها، على أن أوفر لها حياة كريمة وبالرغم من أنها تزيد عنى من حيث طول القامة، إلا أنها وافقت على الزواج منى على الرغم من قصر قامتى بالنسبة لها ولأن والدى الذى يعمل فى المقاولات سيساعدنى فى توفير متطلبات الزواج من شقة وأثاث ومرتب شهرى، وبعد الزواج لم نجلس فى الشقة التى أسستها لتكون مكانا للسكينة والدفء، غير شهر واحد ثم بدأت تهملنى ولا تعد لى الطعام .
وذات يوم قالت لى لماذا لا نقيم فى منزل والدك، واكتشفت بعد ذلك أنها تريد استغلال والدتى وإخوتى البنات فى خدمتها وأن يتحملن مسئولية خدمتى وتوفير طلباتى فهل هذا زواج؟ ولماذا وافقت وتزوجتنى وأين دور والدتها فى تعريفها ما معنى الزواج؟ ومن هنا بدأت المشاكل، لتستغل هى ذلك وتذهب إلى بيت والدها الذى يرهن عودتها بأن أضغط على والدى «الغنى» لكى يشترى لى سيارة وفعلت له ما أراد وطلبت من والدى واشترى لى السيارة ومع ذلك لم تنته أطماعها هى وأهلها، فهى لا تريدنى لشخصى وإنما لأموال والدى المقاول، وبرغم مرارة الفشل والطلاق إلا أننى لم أجد حلا غيره. ∎ جمالها المصرى
أعجبت بها لجمالها المصرى وصغر سنها وقلت معها سيعود لى شبابى الذى تسلل من بين يدى فى رحلة الكفاح والعمل وتوفير المال، بهذه الكلمات بدأ المهندس «علاء حلمى» حكايته مع الزواج قائلا: أبلغ من العمر 40 عاما وزوجتى 19 عاما، نصحنى الأصدقاء بضرورة أن أتمهل فى الزواج منها لفارق السن بيننا ولكنى كنت مدفوعا نحوها، لسحرها وجمالها وهى أيضا وافقت وفرحت من الزواج منى، كنت لا أجعلها تحتاج إلى أى شىء، وأحدثها فى التليفون وأنا فى العمل وأرسل لها «مسجات»، فقد كنت أحبها أكثر من نفسى وكنت ألومها على استحياء لعدم اهتمامها بى وكنت اتساءل ما الطريقة المناسبة لكى أعاملها بها، وإن كانت عنيدة، كيف أجعلها مطيعة، البعض نصحنى أن أقسو عليها أحيانا وقال لى «خلى لك موقف» اتقل عليها شوية لم أجد نفسى إلا تائها بين نصائح الأهل تارة ونصائح الأصدقاء تارة أخرى.
لأضربها ذات يوم ويكون هذا سببا لكى تطلب منى الطلاق مؤكدة أنها لم تحبنى يوما وأنها كانت تنظر لى على أننى رجل كبير فى السن لم يكن ليتزوجها يوما لولا امتلاكه للمال والجاه.»
∎ الجانب الاقتصادى يعلل د. على ليلة أستاذ الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية تفضيل بعض الشباب الزواج من فتيات صغيرات السن اللاتى لا تتجاوز أعمارهن 22 عاما إلى الحالة الاقتصادية المتردية التى يعانى منها المجتمع، خاصة فى السنوات الأخيرة، وقلة ذات اليد عند الكثير من الشباب، الذى ما إن توافرت لديه الإمكانيات فإن أول ما سيفكر فيه هو الزواج من فتاة لم يكن ليحلم بالزواج منها لولا أنه يمتلك المال الذى يساعده على تحمل مسئولية الزواج وفتح المنزل.. ويكمل: العروس تقبل رغم صغر سنها وحداثة إدراكها ووعيها، فهى ترى فيه العريس الجاهز من مجاميعه بالإضافة إلى خوفها من مشكلة العنوسة التى تراها متحققة فى بنات العائلة والأقارب مثلا، وفى المقابل يريد الشاب «العريس» من خلال امتلاكه للإمكانيات أن يحصل على أكبر قدر ممكن من المميزات فى العروس التى يتقدم للزواج منها، كسنها الصغير وجمالها وغير ذلك من المواصفات الشكلية دون الاهتمام بالجوهر ومضمون الشخصية، الذى يكتشف أهميتها ولكن بعد الزواج وعندها تبدأ الخلافات والانتقادات. ∎ النضوج النفسى والاجتماعى ويؤكد د. على ليلة على أن الفتاة التى تبلغ من العمر 18 عاما قد تكون ناضجة من الناحية البيولوجية وإنما بالتأكيد لا تكون ناضجة من الناحية النفسية والاجتماعية، فهى غير مؤهلة لتكون زوجة تعرف احتياجات زوجها النفسية والعاطفية، ولا تعرف قيمة وقدر الزوج، فلا تصبر على المسئولية التى ستلقى على عاتقها وقد تلجأ إلى الأهل أمام أصغر المشاكل التى تقابلها، مما يعكر صفو الحياة الزوجية ويعرضها للانهيار. يرى د. ليلة أنه بالرغم من أننا فى مصر مجتمع منفتح على الثقافات الغربية والمتحررة، إلا أنه مازالت بقايا الثقافة الرجعية التقليدية هى التى تدير عقليات بعض الشباب من الرجال وهذا ما يجعله يفضل الزوجة صغيرة السن فهو حائر بين تدفق الثقافات الخارجية، وفوضى أخلاق الداخل وتراثه الأخلاقى. ∎ الرجل الخبرة ويوضح د. أحمد مجدى حجازى أستاذ الاجتماع وعميد كلية الآداب جامعة القاهرة، أن تفضيل الشباب الزواج من الفتيات صغيرات السن، إنما يرجع إلى عدة أسباب، من بينها التغيرات الموجودة فى المجتمع المصرى الآن وظهور تيارات إسلامية تريد تخفيض سن الزواج للفتيات إلى أقل من 81 سنة وهو ما تدعو إليه بعض الجماعات الإسلامية.
ويتابع: كما أن الفتاة الصغيرة لا يهمها فارق السن بينها وبين من يتقدم للزواج منها، فبالإضافة إلى كونه جاهزا ماديا، إلا أنها توافق على الارتباط به، لأنها تراه من وجهة نظرها، أنه أكثر خبرة ممن يصغره فى السن، فقد تخطى مرحلة فوران الشباب والعلاقات الخاصة، ويفكر الآن فى الاستقرار، كما أن أغلب الفتيات فى سنوات الدراسة بالجامعة تنشأ لديهن قناعة بأن زملاءهن فى الدراسة من الشباب، قد ينجحون فى عمل علاقات وقصص حب ولكن دون أمل فى الاستقرار والزواج. ∎ عودة الطبقة الوسطى ويؤكد د. مجدى على أن تقلص حجم الطبقة الوسطى فى المجتمع المصرى خلال الفترة السابقة هو الذى أدى إلى الخلل فى الثقافة والقيم الاجتماعية، وأيضا أدى إلى الازدواجية فى تركيبة الشخصية المصرية وحكمها على القيم والمبادئ التى تتبناها ولكنها فى الحقيقة تكون فى صراع داخلى تريد أن تتحرر منها.
ويكمل د. مجدى: أن عودة الطبقة الوسطى بتحررها وقيادتها للمجتمع، محققة للتوازن بين طبقاته الاجتماعية ومحافظة على قيمه، من شأنه أن يعيد للمجتمع هويته الحقيقية، وإعلاءه لقيمة الأسرة مع الاهتمام بتربية الأجيال الجديدة .