أثار قرار وزير العدل المستشار عادل عبدالحميد بشأن الضبطية القضائية لضباط المخابرات الحربية والشرطة العسكرية جدلا واسعا فى الأوساط القانونية والسياسية وأيضا الشارع المصرى. حيث ينص قرار وزير العدل على أنه من حق ضباط المخابرات الحربية والشرطة العسكرية الضبط القضائى فى الجرائم التى تقع من غير العسكريين، حتى بدء العمل بالدستور الجديد. واعتبر خبراء قانون وسياسيون أن القرار ضرورى لمواجهة الجرائم، فى ظل إلغاء حالة الطوارئ، ومن الممكن أيضا أن تساند القوات المسلحة، جهاز الشرطة للسيطرة على ظاهرة الانفلات الأمنى فى الشارع المصرى. بينما يرى فريق آخر ومنهم الشارع المصرى أن القرار يعد إحياء لقانون الطوارئ ويثير الخوف والريبة.
فى البداية يؤكد عبدالغفار شكر وكيل المؤسسين لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى عن رفضه للقرار الصادم الصادر من وزير العدل المنشور بالوقائع المصرية و الذى يخول لضباط وضباط صف المخابرات الحربية، وضباط و ضباط صف الشرطة العسكريةسلطة الضبطية القضائية فى الجرائم الآتية: جميع الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج، وجميع جرائم حيازة واستعمال المفرقعات أو التحريض عليها أو الشروع فيها، وجميع جرائم مقاومة الحكام وعدم الامتثال لأوامرهم والتعدى عليهم بالسب وغيره، وجميع جرائم إتلاف المبانى والآثار وغيرها من الأشياء العمومية، وجميع جرائم تعطيل وسائل النقل والمواصلات كافة.
وقال شكر إنه طبقا للقرار فإن الجرائم المبينة فيه هى جرائم واسعة النطاق، وتم صياغتها بعبارات فضفاضة، يمكن استخدامها للتضييق على الحريات العامة، وفى مقدمتها حرية الرأى والتعبير، والتظاهر السلمى، وأشار الحزب أنه من غير المستبعد استخدامها فى ملاحقة السياسيين والمعارضين، وهو توغل جديد فى الحياة المدنية.
وأشار إلى أن هذا القرار استمرار لممارسات العسكر وسياساته لوأد الثورة والتضييق على المواطنين والمواطنات فعلى مدى الشهور الماضية من حكم العسكر تم إحالة أكثر من 12 ألف شاب للمحاكمات العسكرية، واعتقلت فى السجون العسكرية مئات الفتيات، وتعرضن لإجراء كشوف العذرية، وإحالة عدد من الإعلاميين والإعلاميات إلى التحقيق أمام النيابات العسكرية، وصدر قانون تجريم الإضرابات، وعدم إصدار قانون الحريات النقابية.
ويؤكد شكر أن هذا القرار هو إعادة إنتاج لحالة الطوارئ، ويؤكد الحزب على رفضه لصدور أى قرارات استثنائية، تعطى صلاحيات لاستمرار حكم العسكر وتدخله فى الحياة المدنية.
وأشار الحزب أنه سوف يناضل مع غيره من القوى السياسية و قوى المجتمع المدنى من أجل إلغاء هذا القرار عبر جميع أشكال النضال السلمى، بما فى ذلك استخدام آليات التقاضى، كما يطالب البرلمان بأن يقوم بدوره الرقابى فى سؤال وزير العدل عن اتخاذه قرارا يخالف المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية التى تحدد من هم مأمورو الضبط القضائى، ولم تنص على أن يكون من بينهم عسكريون.
∎ طعن على القرار
وكشف خالد على الناشط الحقوقى ومرشح الرئاسة السابق أنه قام بالطعن على قرار وزير العدل الذى يفيد بأنه من حق ضابط المخابرات الحربية والشرطة العسكرية الضبط القضائى فى الجرائم التى تقع من غير العسكريين، حتى بدء العمل بالدستور الجديد.
وأضاف على أن هذا القرار تحايل على الشرعية الدستورية، وهو يعطى صلاحيات لرجال الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية لا يجب منحهم إياها لمواجهة المدنيين وإنما هى حق فقط لجهاز الشرطة. لافتا الى أن القرار بمثابة إعلان صريح للأحكام العرفية، وليس له أى سند قانونى أو دستورى.
مشيرا إلى أن هذا القرار نوع من أنواع تطبيق قانون الطوارئ بعد الانتهاء من العمل به فى مايو الماضى وهو إعلان صريح للأحكام العرفية، فهو يتيح إجراء القبض واحتجاز المدنيين من قبل الشرطة العسكرية وإيجاز محاكمتهم أمام القضاء العسكرى. ∎ حماية الوطن وعن وجهة النظر القانونية فى هذا القرار أوضح الدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستورى أن القوات المسلحة هى المسئولة عن حماية الأمن الداخلى، وهذا يتطلب وجود صفة ضبطية قضائية لضباط الشرطة العسكرية أو المخابرات لمنع وقوع الجرائم أو ضبط مرتكبيها، حتى لا يكون ضبط أى قضايا عن طريق ضباط الجيش يشوبه بطلان فى الإجراءات.
وأشار إلى أن القرار حدد هذه الضبطية القضائية حتى إعداد الدستور، وأنها تسقط بمجرد إعداد الدستور. موضحا أن القرار الذى صدر من وزير العدل باعتباره صاحب الحق والاختصاص فى منح الضبطية القضائية، لافتا إلى أنه بموجب هذا القرار سوف يتمكن ضباط الجيش من الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية فى حفظ الأمن وضبط مرتكبى الجرائم من المدنيين. وحول طبيعة العلاقة بينه وبين قانون الطوارئ، قال البنا إن القرار ليس له علاقة بإلغاء قانون الطوارئ، لافتا إلى أن القرار يوضح طبيعة عمل ضباط القوات المسلحة فى منع الجريمة وضبط مرتكبيها عن طريق الضباط من القوات المسلحة، خاصة أن وزير العدل هو الذى يملك منح صفة الضبطية القضائية.
وقال اللواء عادل سليمان الخبير الاستراتيجى أنه كان لابد من إصدار قانون يصون أحقية رجال المخابرات والشرطة العسكرية فى الضبطية القضائية خاصة بعد إلغاء قانون الطوارئ وفى ظل الظروف الأمنية غير مستقرة التى تعيشها البلاد لذلك كان لابد من إعطاء سلطة الضبط القضائى للعسكريين لتمكينهم من تحقيق الأمن بالبلاد. مشيرا إلى أن القوات المسلحة محملة فى هذه المرحلة بتأمين الجبهة الداخلية بكل منشآتها الحيوية وهو ما يعرضهم لظروف تقتضى اتخاذ إجراء وقتى خاصة فى ظل الظروف غير المستقرة التى تمر بها البلاد وارتباك الحالة الأمنية. لافتا إلى أنه لهذه الأسباب يرى أنه من حق القوات المسلحة أخذ هذه الصفة.
ومن ناحية أخرى يرى اللواء فؤاد علام الخبير الأمنى أنه لاداعى أى استباق أى مخاوف من هذا القرار لأنه ليس بديلا عن قانون الطوارئ، لافتا إلى أن قرار وزير العدل سوف يساعد بدرجة كبيرة فى ضبط الأمن الداخلى للبلاد وخاصة فى المرحلة الحالية التى نعيشها فى ظل شيوع حالة من التوترات المتلاحقة.
وأضاف أنه كما يعلم الجميع فإن الشرطة العسكرية أسند إليها بعد الثورة حماية بعض المنشآت العامة والمصالح الحكومية وأيضا اللجان الانتخابية، ولعل السؤال الذى كان يدور فى ذهن الجميع هل ستبقى هذه القوات فى الشارع المصرى بعد مجىء الرئيس وفى ظل عدم استقرار الحالة الأمنية وهل ستقدر الشرطة وحدها على مواجهة حالة الانفلات الأمنى التى نعانى منها، ومن ثم فإنه لا يمكن أن يقوم ضباط القوات المسلحة بدورها على أكمل وجه فى ضبط الأمن إلا فى ظل هذا القرار، حيث كانت لا يحق لها معاقبة أى مجرم أو القبض عليه فى ظل عدم وجود هذا القرار. لافتا إلى أن قرار وزير العدل يستهدف السيطرة على الجرائم فقط، ولن يكون مثل قانون الطوارئ. وكرر علام تساؤله مرة ثانية كيف نحمل أفراد الشرطة العسكرية مسئولية حماية المنشآت العامة ومقار الانتخابات ولجان الثانوية العامة بدون منحهم أحقية الضبطية القضائية؟ وأشار إلى أن استعانة الداخلية برجال الشرطة العسكرية للسيطرة على بعض الجرائم الكبرى لن تتم إلا بمثل هذا القرار. ∎ القرار مفيد وعن آراء القضاة فى ذلك القرار أوضح المستشار أحمد مكى نائب عضو مجلس القضاء الأعلى السابق أن الجيش يتولى حاليا تأمين المنشآت الحيوية والداخلية داخل البلاد وهو ما يستلزم منح الضباط صلاحيات الضبط القضائى التى يحصل عليها ضباط الشرطة. لافتا إلى أنه من الطبيعى إصدار مثل هذا القرار. وأشار مكى إلى أن هذه السلطة التى منحها وزير العدل لضباط المخابرات الحربية والشرطة العسكرية ستكون فى اختصاصهم. وأوضح أن الضبطية القضائية معطاة لفئات أخرى فى المجتمع من أجل ضبط الأمن.
أكد المستشار رفعت السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق ضرورة إصدار مثل هذا القرار، مشيرا إلى أنه من حق وزير العدل منح الضبطية القضائية لأى شخص فى مجالات عديدة منها منح الضبطية القضائية لمفتشى الصحة والتموين للرقابة على الدواء والسلع الغذائية والتربية والتعليم كذلك. وأكد أن القانون ليس بديلاً لقانون الطوارئ كما يظن البعض، وحول مطالبة البعض بأن القرار ليس قانونيا وكان من المفترض عرضه على المجلس قبل إصداره. أشار رفعت السيد إن هذا قرار صادر من وزير، ليس قانوناً كى يعرض على مجلس الشعب.
لافتا إلى أنه من حق وزير العدل كما ذكرنا مسبقا منح الضبطية القضائية لبعض فئات المجتمع ومن ثم فإن هذا القرار يختص فقط بمنح الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية حق ملاحقة ومطاردة المدنيين الذين يرتكبون جرائم فى حق القوات المسلحة، وليس لأى مدنى يرتكب أعمالا غير قانونية حتى لا يشعر المواطنون بالخوف أو الريبة.