تركيبة أى عمل فنى تعتبر مؤشرا مبدئيا لمدى جودته وعادة الممثل الجيد عندما يُعرض عليه عمل فنى يقرأ أولاً الورقة الأولى «الجلدة» التى تحمل أسماء صانعى هذا العمل من مخرج ومؤلف ومنتج. فإذا كانت هذه الأسماء حققت نجاحات سابقة فهذا يحمل قدراً من الضمان له بالنسبة لجودة العمل الجديد وبالتالى يتحمس لقراءته ليؤكد وجهة نظره. وإذا حدث العكس فقد لا يرهق الفنان نفسه أصلا فى القراءة حتى إذا كان ما بين يديه عملاً متميزاً وقليل جدا من الفنانين يحرص على قراءة ما يعرض عليهم من أعمال لا يحمل أصحابها أسماء رنانة، وقد يتحمسون لها أو لا ونفس الشىء بالنسبة للجمهور فهو لا يدفع ثمن تذكرة سينما إلا إذا كان أفيش الفيلم يحتوى على أسماء جذابة لجميع عناصره.
فيلم «المصلحة» ينطبق عليه هذا الأمر نحن هنا أمام اسمين من نجوم الشباك لديهما رصيد جيد مع الجمهور هما الأحمدان «عز» و«السقا» وبجوارهما ممثلان من العيار الثقيل صلاح عبدالله وخالد صالح وعندما تجتمع هذه الأسماء فى عمل فنى يتحمل المخرج مسئولية أكبر خاصة إذا كان هذا أول فيلم يجمع نجمين من جيل واحد فى حلبة المنافسة على أرض الواقع وهى المُغامرة الفنية التى كان يرفضها نفس أبناء هذا الجيل بحجج واهية لا تمت للحقيقة بصلة، لكن عندما يرى المتفرج اسم ساندرا نشأت كمُخرجة على الأفيش فالمؤكد أنه يتحقق له قدر من الاطمئنان أنه سيشاهد عملاً متميزاً نظراً للنجاحات السابقة التى حققتها «ساندرا» فى أفلامها سواء التى التى تنتمى لنوعية اللايت كوميدى أو البوليسية
فى فيلم «المصلحة» نحن أمام بطلين احدهما ضابط شرطة «أحمد السقا» يريد الانتقام لاخيه الضابط «أحمد السعدنى» الذى قتل أثناء تأدية وظيفته من أحمد عز تاجر المخدرات والذى سعى لتهريب شقيقه «محمد فراج» من حبل المشنقة لأنه متورط فى قتل شقيق الظابط.
∎ الأبطال
قبل المقدمة الدعائية للفيلم على الفضائيات انتابنى الفضول فى معرفة من الذى سيلعب دور الضابط ودور المجرم وشطح بى الخيال وتوقعت دور الضابط من نصيب أحمد عز بينما دور المجرم سيكون من نصيب أحمد السقا وطبعا لا أحد من الجمهور توقع توزيع الأدوار بهذه الطريقة لكننى تخيلت أن صناع الفيلم سيقدمون أبطال فيلمهم فى أدوار غير متوقعة لتكون بمثابة مفاجئة للجمهور لكن يبدو أنهم اختاروا اللعب على المضمون والذى ينتظره الجمهور من نجمه المفضل لذلك كان «السقا» هو الضابط الذى ينتقم لشقيقه وخلال رحلة الانتقام نرى مشاهد أكشن ومطاردات بين أحمد السقا ورجال العصابة التابعين لأحمد عز تاجر المخدرات.. المفاجأة كانت فى طريقة أداء الممثلين لهذه الشخصيات ف«أحمد السقا» اختار أداء شخصية «الضابط» بمثالية غير مُقنعة للمتفرج خاصة بعد ثورة 52 يناير لكن مشهد النهاية الذى يحمل إدانة له بعد تحوله إلى مُجرم نتيجة تصويب مسدسه إلى صدر قاتل أخيه جعل المتفرج يشعر بحالة من الرضا خاصة بعد أن جمع قفص المحكمة كلا من الضابط وتاجر المخدرات، ويحسب لأحمد السقا عدم الوقوع فى فخ ردود الفعل المُبالغ فيها سواء بعد وفاة أخيه أو مشاهده التى جمعته بتاجر المخدرات «أحمد عز» وإخفاقه أكثر من مرة فى الوصول لهدفه.
أحمد عز فى «المصلحة» مُفاجأة بكل المقاييس فقد اعتاد الجمهور على مشاهدته فى أدوار «الدونجوان» حتى أدواره فى الأفلام البوليسية لا نراه يقترب من أدوار الشر فوسامته كانت عائقا أمام مؤلفى ومخرجى صانعى الأفلام لكن قناعتى أن الممثل يستطيع تقديم جميع الأدوار مرهون بوجود مُخرج مُحترف يستطيع توجيهه لاكتشاف مناطق أداء مُختلفة لدية قد لا يعرفها الممثل عن نفسه، وكثير من الممثلين شاهدناهم برعوا فى أداء أدوار لم نتوقعها منهم بفضل مُخرجى هذة الأعمال، والحالة الفنية التى عليها أحمد عز فى «المصلحة» ينطبق عليها هذا الأمر فهو قدم دور تاجر المخدرات الداهية بخفة ظل وأعتقد أن تعاونه مع ساندرا نشأت فى أكثر من فيلم جعل بينهما كيمياء فنية رائعة.
يُحسب للمخرجة ساندرا نشأت تحملها مسئولية فيلم به أسماء من نجوم الشباك وقد استطاعت تقديم مباراة فى الأداء التمثيلى، المستفيد الأول والأخير منها هو الجمهور، ورغم وجود عيوب فى السيناريو إلا أننا لا يمكن تجاهل تحمل مُنتج الفيلم ومؤلفه فى ذات الوقت عبء وجود نجمين بحجم «السقا» و«عز» فى فيلم واحد حتى الأدوار النسائية بالفيلم حرص على الاستعانة فيها بأسماء تحصل على أجور مُحترمة فى الأعمال اللائى يشاركن بها أبرزهن «حنان ترك» فى دور زوجة الضابط حمزة «أحمد السقا» ولا أعتقد أن حنان ترك استفادت فنياً من هذا الفيلم بقدر ما استفاد الفيلم من وجود اسمها على الأفيش، لكن يبدو أن حنان وافقت على هذا الدور إما مجاملة لصناعه أو لرغبتها فى التواجد بفيلم به نجمان من العيار الثقيل بغض النظر عن دورها الذى تستطيع أى ممثلة أن تلعبه.
نفس الكلام ينطبق على زينة وكندة علوش فى دور الفتاة اللبنانية التى لم تصل لدرجة التألق الفنى فى الأفلام التى شاركت بها على عكس ما حققته فى الدراما.
ويبدو أن مؤلف الفيلم ومخرجته لم يهتما كثيرا بالخطوط الدرامية للأدوار النسائية على اعتبار أن الفيلم فى النهاية سينسب ل«السقا» و«عز» وليس ل«حنان» أو «زينة» أو «كندة». هناك أيضا أسماء أضافت للفيلم ولأصحابها رغم قصر مساحة أدوارهم منها صلاح عبدالله وخالد صالح ومحمود البزاوى وأحمد السعدنى ومحمد فراج الذى لفت إليه الأنظار بشدة فى هذه التجربة.
أود توجيه تحية لوائل عبدالله مرتين الأولى لأنه نجح فيما فشل فيه الآخرون من المنتجين واستطاع الجمع بين نجمين من نجوم الشباك والثانية على مغامرته بعرض فيلمه فى هذا التوقيت فهو بخبرته فى مجال الإنتاج والتوزيع رفض الاستسلام للأوضاع السياسية المرتبكة التى نعيشها رغم الاحتمال الكبير لخسارة فادحة له نظرا لحجم الأسماء الموجود بفيلمه ليؤكد مقولة أن «الفيلم الجيد يفرض نفسه تحت أى ظروف» بدليل أن فيلمه حقق 31 مليون جنيه فى الأسبوع الثالث من عرضه جماهيرياً وكان من المتوقع أن يصل إلى 02 مليون جنيه فى حال استقرار الأوضاع فى البلاد.