«عشمتنى بالحلق خرمت لك ودانى»، هذا هو لسان حال المصريين الذين يقفون أمام صندوق الانتخابات لاختيار من ينفذ لهم الأحلام العريضة التى وعد بها كل مرشح. فها هو من قال لهم.. أنا أقدر أجيب لكم المليارات بالتليفون.. وآخر.. قال أقدر أرجع لكم الأمن وأخفى البلطجية من الشوارع فى 24 ساعة، وإن مفيش مظلوم هايطلع عليه نهار من غير حل لمظلمته. وآخر وعدهم بملاعب تنس فى كل مكان، وهيخفى العشوائيات فى 100 يوم «واضح أنه هيولع فيها». خلاف وعود زيادة الأجور والمعاشات بشكل فورى. وعود براقة تداعب خيال الحالمين بالمنقذ الذى ينشلهم من براثن الفقر وعدم الأمان لكن هل يستطيع فعلا كل مرشح تنفيذ تلك الوعود، أم أنها كلها وعود «طق حنق» قبل الانتخابات وبعد اعتلائه كرسى العرش.. من يحاسبه على وعوده وبرنامجه سواء الواقعى أو حتى الحالم.
ومن ناحية أخرى تطلق شبكة مراقبون بلا حدود لمؤسسة عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان برنامجا لمراقبة تنفيذ البرنامج الانتخابى لرئيس مصر القادم، وأول رئيس منتخب عقب ثورة 25يناير، والذى تعهد بتنفيذه خلال حملته الانتخابية من بين 13 مرشحا للانتخابات الرئاسية، وذلك بعد قيامها بتوثيق جميع برامج المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، والتعهدات التى قطعوها على أنفسهم فى تطبيقها فى حالة فوزهم بمنصب الرئاسة.
ويسعى برنامج «مصر تراقب برنامج الرئيس.. مراقبنكم» ويتضمن عدة خطوات هى «3+3 +6» لمتابعة مراحل تطبيق البرنامج الانتخابى للرئيس الجديد خلال 100 يوم الأولى من حكمه، ثم تمتد أعمال المراقبة لفترتين متتاليتين وتشمل كل فترة مائة يوم أخرى بمعدل 300 يوم كاملة من يوم أداء اليمين الدستورى ويصدر عن كل فترة تقريرا شاملا يرصد ويوثق ماتم بها بحيث يكون برنامج الرئيس تحت ميكروسكوب الرأى العام والشعب المصرى، ويحمل برنامج المراقبة شعار «حتى لاننسى وعود الرئيس ولاينسى الرئيس الشعب» والطموحات والآمال المعلقة عليه فى حل مشاكل مصر ووقف التراجع والتدهور الذى تعانى منه مصر.
وينفذ البرنامج بصورة تطوعية، ويشارك فيه مجموعة من الشباب والباحثين المتطوعين، وسيتم به قياس حجم التقدم أو التراجع فى تنفيذ برنامج الرئيس المنتخب، واستقصاء محدود لرأى المواطنين من مختلف شرائح المجتمع فى نهاية كل فترة، ورصد لكل الاجراءات التى يتخذها الرئيس المنتخب مع الحكومة فى برنامجه المعلن للمواطنين، وذلك بهدف تبديد المخاوف من تكرار ماحدث فى مصر طوال فترة النظام السابق من ترشح الرئيس دون الالتزام بتنفيذ برنامج محدد.
وتشمل أعمال المراقبة 3 محاور أساسية، المحور الأول أسلوب تطبيق برنامج الرئيس المنتخب ومدى التزام الرئيس القادم بالوفاء بالتعهدات التى قطعها على نفسه أمام الشعب لكى يحصل على ثقته والتصويت للانتخابه، والعقبات التى تواجه تنفيذ برنامجه والمناخ السياسى والاجتماعى والاقتصادى الذى يعيشه المجتمع المصرى، والمحور الثانى مدى احترامه لحقوق المواطنين والحريات العامة فى الحياة العملية، والمحور الثالث طريقة التعامل مع القضايا الأساسية للمجتمع وتتضمن 6 قضايا هى الفقر، والشباب والبطالة والهجرة، والتعليم، والصحة، والعشوائيات، والخدمات بالريف والصعيد ومشاكل الفلاح، وإعادة هيكلة وإصلاح مؤسسات الدولة.
وأكد د.جمال سلامة رئيس قسم السياسة بجامعة قناة السويس أن الرئيس القادم غير محدد الصلاحيات، مشيرا إلى أن برامج المرشحين تحمل حلولا سحرية لمشكلات وقضايا المجتمع، وهو ما لا يمكن تحقيقه، فكثير من المرشحين أسرفوا فى الوعود، وهو ما سيحقق صدمة للمواطن المصرى، مثلما حدث فى انتخابات مجلس الشعب، حيث شبع الشعب من الكلام المعسول دون حدوث تغيير، وأضاف سلامة أن ما طرح من وعود لايرتقى على الإطلاق الى حيز التنفيذ، لافتا إلى أن هذه الوعود تتوقف على آليات وطرق تنفيذها وهذا مالم يوضحه مرشحو الرئاسة على الإطلاق. وأضاف د.سلامة أننا لابد أن ننظر إلى الموضوع بوجهة نظر أشمل فهذه الوعود طرحت بلا توضيح آليات تنفيذها فضلا على أنه لاتوجد أى إمكانيات فعلية متاحة حاليا لتنفيذها، والأمر الثانى أن الرئيس القادم إن لم يكن مرضيا عنه من البرلمان فلن يستطيع أن ينفذ أى أمر. وأشار د.سلامة إلى أن الرئيس لن يعمل منفردا، ولكن لابد من تعاونه مع المؤسسة العسكرية والأمنية حتى يستطيع أن يعمل.وأضاف أن الرئيس القادم إذا جاء من التيار الدينى فإن المتحكم فى مقاليد أمور البلاد مكتب الإرشاد وليس شخص الرئيس.
وأوضح د.حمدى عبد الحافظ عضو حزب التحالف الاشتراكى أننا نتمى أن ينجح مرشحو الرئاسة بقدر ما طرحه من وعود وأحلام ولكن الواقع مغاير لذلك، وأشار إلى أنه فى كل الأحوال يتطلب جهد وكل التيارات بغض النظر عمن سوف ينجح.
وأشار إلى أن المجتمع المصرى يعانى من مشاكل عديدة وبعض المرشحين يطلقون وعودا كنوع من الدعاية الانتخابية.
وقال د.حمدى إن إعادة الأمن ليست بالأمر الصعب ولكن لابد من طرح اليات حقيقة لتنفيذ تلك الوعود الحالمة، وقال د.حمدى إن الآمال المطروحة تتوقف على جدية المرشح والتيار الداعم له لافتا إلى أن كثيرا من المشاكل ليست مستعصية عن الحل، ولكن الأهم هو الإرادة القادرة على تنفيذ تلك الوعود، فلو كانت هناك إرادة حقيقة لدى كل مرشح فسوف يحقق ما يوعد به.
د.أحمد أبو النور الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاديات الحرجة والأزمات بجامعات ستراث موور- كاليفورنيا وخبير إنمائيات الأممالمتحدة وعضو هيئة التدريس بجامعة عين شمس سابقا أن جميع الوعود التى يقدمها مرشحو الرئاسة ما هى إلا مجرد وعود لاترتقى إلى حيز التنفيذ، وليس لديه قدرة على تحقيقها فى الواقع فهى أشبه بالمباريات الكلامية، ولابد أن يحقق فوزا على الآخر وبالتالى تأخذ شكلين أهداف فى مرمى الآخر أو محاولة كاريزما غير موجودة أو واقع رئيس غير موجود.
وقال د.أبو النور إن جميع المرشحين يتباهون فى الحديث عن طموحاتهم المستقبلية دون أن يذكر أى منهم كيفية تحقيق هذه الطموحات والآمال، ومن ثم فلا يوجد أى منهم من طرح آليات محددة ومواعيد معينة، وهى كما ذكرت سابقا أشبه بالمكلمة.
وقال د.أبو النور أن شفيق هو أصدق الوعود الرئاسية!! وهى قد تكون عند البعض مفارقة أو مفاجأة، ولكن إذا تطرقنا إلى حديث شفيق سوف نجده هو أصدق المتحدثين فهو يتحدث عن أمور يستطيع أن ينفذها!! فعندما نتحدث عن تصريحه الشهير وهو «أنه قادر على القضاء على الانفلات الأمنى خلال 42 ساعة»، فهو يدرك جيدا أن الانفلات الأمنى مصنوع من السلطة القائمة، وبالتالى فعندما يحل محلها، وبالتالى فسوف يمنع نزول البلطجية إلى الشارع ولعلنا نتذكر أن انتخابات مجلسى الشعب والشورى تمت دون أى بلطجة انتخابية على عكس ما كان يحدث فى النظام السابق، وقال إن شفيق يسير على نفس خطى المجلس العسكرى، وبالتالى فهو يدرك أنه إذا قامت حركات احتجاجية ضد فوزه فسوف يكون كفيلا بالقضاء عليها.
وقال إن شفيق يتكلم عن صلاحيات حقيقية يمارسها النظام الحالى «المجلس العسكرى» والقائم مقام رئيس الجمهورية.
وأشار د.أبو النور أننا إذا نظرنا إلى بقية وعود المرشحين مثل ما وعد به حمدين صباحى بزيادة الأجور والمعاشات وصرف بدل بطالة فمن أين كل ذلك؟! فلم يطرح الآلية والطرق التى سوف ينفذ بها ذلك مشيرا إلى أنه لاتوجد أى إمكانيات اقتصادية لتنفيذ هذا الوعد؟! ناهيك على أنه لم تطرح أى آليات لضبط الأسواق علما بأن قيمة الدخل الحقيقى منخفضة طبقا لارتفاع الأسعار، وما طرحه صباحى من أنه ينوى دخول القصر الجمهورى بأمهات الشهداء فهذه «منظرة انتخابية» لأنه يخاطب الوجدان وليس العقل فى أحلامه الرئاسية.
وفيما طرحه العوا من القضاء على العشوائيات خلال 100 يوم!! قال د.أبو النور هل ستسقط علينا مساكن من السماء على الأرض لإزاحة العشوائيات فلا يطرح أيضا سبل تمويل هذا الأمر.
وأكد د.أبو النور أن آلية تنفيذ وعود مرشحى الرئاسة شبه غائبة.