عبد الحليم غني لرموز الوطن وليس لأشخاص عادت شيرين عبدالوهاب إلي عشها الهادئ في حضن الطرب والموسيقي والغناء فأي غياب لا يمكن أن يقتل موهبة خرجت من صلابة الأرض وعمق الإحساس.. إنها الفنانة التي انتظرناها طويلاً لتعوضنا عن اختفاء أمهات الطرب العربي إذا تجمع بين دفء «وردة» وتألق «نجاة» وهدوء فايزة أحمد وشقاوة سميرة سعيد بل وتفاجئنا بأنها الوريثة الشرعية لكل فتيات الوطن بدءاً من حورية حسن حتي العندليب صاحب الكلمة السحرية التي الهب بها وجدان الناس. تحدثت شيرين عبدالوهاب عن مشوارها الفني في برنامج «واحد من الناس» بكل ما لديها من صدق وتلقائية وأكدت أنها عندما غنت للرئيس لم يكن ذلك نوعاً من النفاق بل كان نوعاً من الانتماء للوطن لأنها تعتبر أن لديها مسئولية تجاه بلدها لا يمكن أن تتأخر عنها وهذا أمر طبيعي في كل الدنيا ولكنها لا تعرف لماذا واجهها البعض بالاعتراض مع أنها لم تؤد إلا أغنية واحدة بينما غني عبدالحليم عشرات الأغاني للرئيس عبدالناصر ثم الرئيس السادات. وردت شيرين علي عمرو الليثي عندما قال إن هناك من اتهم عبدالحليم بالنفاق لأنه غني لرئيسين مختلفين فقالت إن عبدالحليم كان يغني للرموز الوطنية وليس للأشخاص وهو الأمر الذي قامت به لأن أغنيتها للرئيس كانت بدافع الحس الوطني تجاه البلد الذي عاشت فيه والرئيس الذي ولدت في عهده. كشفت شيرين عن تجربتها مع الأغنية وكيف أنها رحبت بالفكرة عندما طرحها عليها أنس الفقي وقد دافعت «روزاليوسف» عن وجهة نظر شيرين عندما هاجمها إبراهيم عيسي وكان ذلك اقتناعا منا بموقف شيرين التي تحمل حباً وصدقاً بالإضافة إلي أنها المطربة الأكثر شعبية في مصر ولا يمكن أن تفصل بين فنها وجمهورها أو بين شخصيتها ومشاعر الناس وهي تفعل ذلك بناء عن وجهة نظر واضحة وهي رفع سقف الانتماء والمسئولية. وأجمل ما في شخصية شيرين أنها عندما تتحدث عن مصر تنسبها لنفسها فهي لا تقول إلا بلدي وأهلي وتغلف كلامها بأثواب الفخر والاعتزاز ومثل هذه الفنانة التي تقدر المسئولية وتتصرف بإيجابية لا يمكن أبداً أن تكون من دعاة التخاذل واليأس ولعن الظروف والأقدار بل غرست في نفوس الجميع وردة أمل بيضاء وقالت إنها خرجت من بين جموع الناس وعاشت في القلعة ومنشية ناصر واستطاعت أن تفرض موهبتها وهي ليست مع دعاة اليأس بل تري أن التفاؤل هو بوابة الخروج إلي الحياة. وتؤكد شيرين أنها كانت تواجه العديد من المشاكل التي تتعلق بانقطاع المياه لذلك تضم صوتها إلي صوت كل مطرب أو مطربة لديه رغبة في أن يسهم في حل مشاكل البسطاء وأعلنت أنها أول من يقوم بإحياء حفل غنائي في إحدي المحافظات يعود ريعه لخدمة الناس وطالبت شيرين المسئولين بأن يتقوا الله في مصالح العباد وأن يهتموا بها حتي تصبح حضارتنا اسماً علي مسمي بعد أن بدأت العديد من الدول تسابقنا في اللحاق بركب التقدم. استمعت إلي حديث شيرين عبدالوهاب وأدركت أن الفتاة الصغيرة ابنة العشرين عاماً قد نضجت كثيراً واستوعبت العالم من حولها واستطاعت أن تلخصه في بضع كلمات فلم تعد فنانة فقط ولا مواطنة مصرية فقط بل فيلسوفة تكشف عن أبعاد القضايا وتحزن كثيراً لآلام البشر عندما تقسو عليهم الأيام. شيرين عبدالوهاب هي الرد الكافي علي من يقولون إن مصر لم تعد تقدم لفن الطرب العربي أية مطربات فهي مطربة بعشرات فنانات الفيديو كليب وعندما تغني تبهر من يسمعها. شيرين عبدالوهاب وهي تتحدث عن حياتها الشخصية تؤرخ لها بما حفظته من أغان وهذا يعتبر دليلاً علي أننا أمام فنانة تستعد لتنصيب نفسها خلال الأعوام المقبلة لتكون ملكة علي عرش الطرب وهي تقترب خطوة خطوة.. وتعمل من أجل ذلك في صمت وهدوء وستحتل شيرين مكانتها ليس في مصر وحدها بل ستبسط نفوذها الفني علي الآفاق.