أسوأ شيء يمكن أن تتعرض له بعد العمل الإرهابي الذي وقع أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية هو أن يشعر مسيحيو مصر بالخوف وعدم الاطمئنان.. هنا يكون الذين خططوا ودبروا ونفذوا هذا العمل الإرهابي البشع قد حققوا أهدافهم الدنيئة والشريرة.. لا تزعجنا حدة الغضب التي انتابت أعداداً من شباب المسيحيين.. فالكارثة كبيرة، والمصاب جلل، كما أننا لا نفتقد الحكماء والعقلاء الذين يقدرون علي توجيه هذا الغضب ضد من يتربصون بوحدتنا واستقرارنا ويحاولون وأد وإجهاض جهودنا للنهوض ببلادنا وصناعة مستقبل أفضل لها، ومكانة أعظم بين الأمم. لذلك.. فإننا نحن جميعا.. نحن المصريون بكل أطيافهم وانتماءاتهم الدينية والسياسية مطالبون بالعمل علي بث الطمأنينة في نفوس كل مسيحي مصري ونزع الخوف من قلبه، وجعله يشعر بأنه آمن في وطنه وأن حياته مصونة في بلده، وأمر طيب بالطبع أن نشارك جميعا مسلمين ومسيحيين في الاحتفال بعيد الميلاد المجيد.. إنه عيد ميلاد النبي عيسي عليه السلام الذي نجله ونحترمه ويحضنا ديننا الإسلامي علي ذلك مثلما يحض ديننا المسيحي عليه، وأمر طيب أيضا أن ننتفض جميعا ضد الإرهاب والارهابيين لنعلن رفضنا لأي أعمال إرهابية تطال أيا من أبناء هذا الوطن أو منشآته الدينية.. حتي يفهم الإرهابيون أنهم لا مكان لهم بيننا. وأمر طيب كذلك أن نسعي بخطي أسرع لمواجهة التطرف والمتطرفين الذين يساهمون بتطرفهم في صنع الإرهابيين، وخلق البيئة المواتية لنجاح الأعمال الارهابية فهذه هي البداية الضرورية لتحقيق النصر في معركتنا الجديدة ضد الإرهاب، حتي إن كان الذين خططوا ونظموا ودبروا موجودين بالخارج. كل هذا طيب وضروري ويتعين القيام به.. بل يجب أن يستمر ولا يفتر حماسنا له مع مرور الوقت، وتراجع حدة الغضب التي أصابت صدورنا جميعا بسبب هذا العمل الإرهابي الوحشي الذي صدمنا في الدقائق الأولي من عمر عام جديد، أملنا أن يكون أفضل مما سبقه وخططنا لنحقق فيه انطلاقة اقتصادية وسياسية.. لكن يبقي قبل ذلك كله أن تبدو الدولة قوية ومتماسكة في مواجهة هذا الإرهاب.. الذي أطل بوجهه القبيح مجددا علينا ويهدد وحدتنا واستقرارنا. ولقد كانت البداية قوية بالفعل للدولة بخروج الرئيس مبارك علي شعبه مهددا بالثأر للضحايا الذين اغتالهم الإرهابيون متوعدا بقطع رأس الأفعي. والمهم أن يعزف الجميع في الدولة علي هذا اللحن الرئاسي القوي وأن يكونوا عندما تقتضيه المسئولية الآن.. أي يكونوا علي قدر كبير من الشجاعة في مواجهة الإرهاب والإرهابيين والمتطرفين. لا مجال الآن للتردد في مواجهة التطرف الذي تسلل إلي إعلامنا ويفسد علينا حياتنا ويثير الفرقة بيننا ويقوض وشائج العلاقات المشتركة المتينة بيننا والتي ظلت علي مدي التاريخ، ولا مجال الآن للتردد في مواجهة كل تحرك ضد وحدتنا الوطنية أو يسيء لرموزنا الدينية.. وبالطبع سوف تكون المواجهة بالقانون. ولا مجال أيضا الآن للتردد في البحث بشكل عاجل عن حلول لأي مشاكل طائفية تراكمت خلال السنوات السابقة. هكذا تكون الدولة قوية.. وهكذا تكون مدنية بحق.. وهكذا تبث الطمأنينة في نفوس الإخوان المسيحيين.