حرمان المرأة من الميراث، الزواج القبلي، جرائم الشرف، موقف الشريعة الإسلامية من اتفاقية السيداو والمادة 60 من قانون العقوبات، هي قضايا رئيسية تصدرت أجندة المؤتمر السنوي الأول لمشروع مناهضة العنف ضد المرأة الذي عقده مركز قضايا المرأة المصرية برئاسة عزة سليمان مؤخراً للإعلان إشهار أول اتحاد نوعي يحمل اسم المشروع حيث استعرض عدة دراسات بحثية متخصصة في هذا الشأن وشارك في إعدادها نخبة من أساتذة الجامعات والمهتمين بقضايا المرأة. وكشفت دراسات المؤتمر عن عدة مفاجآت تتعلق ببعض الحقائق المجتمعية المهمة أبرزها الفهم الخاطئ للنص الديني وخطورة تغليب الموروثات والعرف علي الحقائق الدينية إضافة إلي وجود اتفاق كبير بين مبادئ الشريعة الإسلامية ومواد اتفاقية السيداو والمطالبات بتقييد استخدام الرأفة في جرائم الشرف تحقيقاً للعدل. الشريعة والسيداو تري د. آمنة نصير أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر أن اتفاقية جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بالسيداو تتفق إلي حد كبير مع ثوابت الشريعة الإسلامية مؤكدة علي ضرورة الانفتاح علي هذه الإتفاقية وعدم النظر إليها باعتبارها نتاجاً لثقافة الغرب خاصة أن فيها الكثير مما يتفق مع شريعتنا مشيرة إلي أن سوء الظن بهذه الاتفاقية يعود إلي التأثير السلبي الذي تركته الحقبة الاستعمارية في نفوس الشعوب الإسلامية. وتوقفت آمنة عند نص المادة (16) والتي تمنح المرأة الأهلية القانونية وحقوقها في العائلة والزواج والمسئوليات المتساوية في إطار الحياة الأسرية معتبرة إياها من أخطر مواد الوثيقة لأنها تتصادم مع الشريعة الإسلامية من عدة وجوه أولها خصوصية مفهوم الشريعة الإسلامية في الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وقوامة ووصاية وولاية وحقوق وواجبات الزوجين وحقوق الأولاد بالإضافة إلي أنها جاءت من ثقافة الغرب ونمط حياتهم الأسرية. وأوضحت إنه علي سبيل المثال بالنسبة للمادة الثالثة من السيداو، وهي خاصة بالتدابير المناسبة لكفالة تطور المرأة في الميادين المختلفة، إنها تقود إلي تقدم المجتمع الذي يرتكز علي الفهم الصحيح للشريعة الإسلامية في كل ما كفلته لحقوق المرأة والتي لا تقل في هذه الميادين عن الرجل، بينما تري أن الشريعة الإسلامية كانت أسبق من القوانين المعاصرة في حماية وصيانة كرامة المرأة فيما يتعلق بالعمل علي منع الاستغلال الجسدي للمرأة كما ورد في المادة 6 من الاتفاقية. جرائم الشرف لا شك أن جرائم العرض والشرف هي من أشد الجرائم خطراً في المجتمع، وقد اهتم المؤتمر باستعراض ثلاث دراسات تحليلية في هذا الشأن حيث كشفت د. مديحة عبادة أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة سوهاج خلال دراستها إلي تحمل عنوان «التحرش الجنسي وزنا المحارم» أن 76% من عينة الدراسة قد تعرضن لشكل أو أكثر من أشكال التحرش الجنسي سواء داخل الأسرة أو خارجها. في حين أن د. محمود عبد الرشيد أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنيا لفت من خلال دراسة تحليلية استعرضها إلي ارتباط جرائم الشرف بالرجال والشباب لذا فإن غالبية الضحايا في تلك الجريمة تقع في الفئة العمرية من 15 - 35 عاماً. المادة 17 أما د. شكري الدقاق أستاذ القانون الجنائي ورئيس محكمة الجنايات طالب بوضع قيود في استعمال الرأفة في جرائم الشرف قائلاً إن المادة (17) من قانون العقوبات المصري تمثل مشكلة حقيقية في هذا الشأن لأنها تعطي القاضي سلطة استعمال الرأفة في أقصي درجاتها عندما ينزل القاضي بالعقوبة درجتين عن العقوبة المقررة أصلاً مستطرداً إن هذه النوعية من الجرائم لا تقتصر آثارها علي المجني عليها فقط وإنما تنصرف إلي عائلتها وأقربائها ويؤدي إلي جرائم أخري. وحظر الدقاق من الآثار المترتبة علي انتشار جرائم الاغتصاب مما يؤدي إلي ظهور نماذج من العاهرات المعاديات للمجتمع مضيفاً إلي أن أهم أغراض العقوبة هو تحقيق العدالة من ناحية وتحقيق الردع العام لذلك فإن استعمال الرأفة في جرائم العرض رغم ثبوتها في حق المتهم لن يؤدي إلي الحد من الظاهرة. الميراث عصام الزناتي عميد كلية الحقوق جامعة أسيوط قال إن عدم توريث المرأة بمحافظة أسيوط لا يعد ظاهرة، ففي داخل القرية الواحدة يمكننا أن نلاحظ وجود ظاهرة وانحساره قائلاً إن ازدياد نسبة المتعلمين يسهم بالضرورة في الحد من الظاهرة مضيفاً أن جهل المرأة بقواعد الميراث وعدم معرفتها بحقوقها يشكل أحد العوامل التي تكرسها، وطالب الزناتي بضرورة نشر مفهوم الدين الصحيح وتحديد موقف الشريعة الإسلامية من الميراث لافتاً إلي أن بعض النسوة قد يشاركن في تكريس الحرمان كما هو حال الأم تتواطأ لقصر الميراث علي أبنائها الذكور. الزواج القبلي أثارت قضية الزواج القبلي جدلاً ساخناً بين المشاركين في المؤتمر ففي الوقت الذي أكد فيه الباحث وحيد الدسوقي خبير التنمية البشرية بمركز قضايا المرأة قائلاً إن 78% من عينة الدراسة التي أعدها بعنوان «الزواج القبلي بالإكراه» قد تم إجبارهن علي هذا النوع من الزواج بالرغم من عدم تكافؤ الفرص في المستوي العلمي والاجتماعي، إلا أن الناشطة أماني الوشاحي رفضت حديثه قائلاً أنا أؤيد الزواج القبلي مستطردة هذا ميراث أجدادي.