تعرف مصانع الأسمدة في الأوساط المهتمة بالبيئة بأنها مصانع شديدة التلوث للبيئة المحيطة بها ورغم ذلك يتجمع العديد من أهالي قري مركزي الفتح ومنقباد حول مصنع اسمدة أسيوط أحد أبرز الملوثات في مصر وتتعدد أضراره من تبوير الأراضي الزراعية حوله أو إصابة المواطنين وماشيتهم بأمراض تنفسية، والسؤال هو لماذا لا يتم نقله ولما لا تلاقي شكاوي المواطنين إلا مناقشات من كل حين لآخر داخل المجلس المحلي. "روزاليوسف" دخلت المصنع وتجولت لترصد بالصور منافذ تلويث البيئة القاتلة للعاملين في المصنع أولاً ثم لما حوله من إنسان وحيوان ومياه، فبمجرد الدخول تجد التربة تكسو أرضية المصنع الذي تبلغ مساحته حوالي 65 فداناً ورغم الأبخرة الملوثة المنتشرة في أجواء المصنع إلا أنه لا يرتدي أحد من العاملين بالمصنع أي أقنعة واقية وتقتصر الوقاية علي المسئولين بالمصنع المتواجدين داخل مكاتب مكيفة ومحاطة بالزجاج المغلق طوال اليوم. أول منفذ ينقل انبعاثات المصنع إلي خارج الأسوار هي المداخن العالية والتي تسببت أكبرها في اختناق لجميع الأهالي منذ عامين وقررت إدارة المصنع إغلاقها، هذا بالإضافة للغازات والأبخرة التي تتسرب أثناء عملية التصنيع في جميع وحدات المصنع والتي تحتوي علي حمض الكبريتيك المركز. أما طريقة تخلص المصنع من مخلفاته فتعد من أخطر الملوثات التي رصدناها خاصة لأنها تتعلق بالإنسان مباشرة وتتمثل في المياه التي تستخدم في تخشين حبيبات الأسمدة ويتم صرفها في النيل مباشرة عبر فتحات كبيرة خارج المصنع ويسبقها بوابات ضخمة تمنع من الوصول إلي هذه الفتحات، ولكن الأخطر هو حجز كميات من هذه المياه لتربية الأسماك في أحواض خصصت لصرف مياه التبريد وتباع هذه الأسماك إلي العاملين بالمصنع بمبالغ رمزية. أما أكبر منفذ للتلوث فتمثل في عملية التعبئة المكشوفة والتي تسمح بتطاير حبيبات الأسمدة الفوسفاتية خارج أسوار المصنع. واقعة أخري كشفها لنا مسئول البيئة بالمصنع عن طريق الصدفة فأثناء جولتنا داخل المصنع وجدنا غرفة مكتوبًا عليها مخزن النفايات الخطرة التي أنشأها المصنع بناء علي تعليمات جهاز شئون البيئة ولكن من الداخل لا يحتوي إلا علي بعض بطاريات السيارات الفارغة والتي أكد مسئول البيئة بالمصنع أن الغرفة في مرحلة الإنشاء وأنهم يتخلصون مع مخلفاتهم الصلبة بالبيع الي احد المتعهدين إلا أن وزارة البيئة حذرتهم من ذلك وطلبت منهم تخزين هذه المخلفات لحين نقلها إلي المدفن المخصص لذلك. علي رشاد عبدالعال - مدرس - من أهالي قرية جزيرة الأكراد الملاصقة للمصنع قال إن المصنع له أضرار علي الإنسان وعلي الحيوان وأيضا علي التربة الزراعية فنزرع البرسيم مثلا فنجد أن الأوراق تحترق ويحدث تآكل لملابسنا عند تنشيرها، وبالنسبة للحيوانات يحدث لها نفوق مبكر وبالتالي لا تعيش هنا الحيوانات لأكثر من عام ويؤثر تلوث المصنع علي سقوط أوراق النباتات، أما الإنسان فأغلب أهالي القرية مصابون بالربو مضيفاً: اشتكينا مرات عديدة وتأتي الجهات المسئولة وترش الشوارع والشجر بمواد كيميائية كل فترة ولا يحدث شيء. أما صلاح عبدالعال - مدرس- فأشار إلي قطعة الأرض المجاورة للمصنع والتي تم إقرارها لبناء مدرسة قائلا هيئة الأبنية حين أتت لتعاين شاهدت التلوث فرفضت بناء المدرسة رغم عدم وجود مدارس بالقرية هذا بالإضافة لمساحات كبيرة حول المصنع تم تبويرها بسبب تلوث المصنع. وأوضح صابر أحمد عمدة جزيرة الأكراد أنه منذ عامين زاد التلوث عن حده وسبب اختناقًا لجميع الأهالي وتجمهرنا أمام المصنع وأتت قوات الأمن والجهات التنفيذية وطالبنا بمواجهة هذا التلوث وتحسن الوضع ولكن ليس بصورة كاملة، مشيرا إلي أن الوحدة الصحية للقرية تم تطويرها منذ عامين وإمدادها بأجهزة تساوي ملايين الجنيهات وما زالت في الكارتونة بحجة عدم وجود عمالة مدربة علي هذه الأجهزة. وحذر محمد علي الريس عضو مجلس محلي قرية الأكراد من كارثة أخري سيتسبب فيها المصنع في حالة تشغيل محطة مياه الشرب الجديدة التي تبعد عن صرف مياه المصنع ب1500 متر فقط مما يوقع ضررًا علي المياه المستخدمة في هذه المحطة. ومن جانبه اعترف عبدالرؤوف جبر مدير المصنع بصرف المياه في نهر النيل بل أكد أنهم شيدوا أحواضًا من هذه المياه لتربية الاسماك وبيعها للعاملين في المصنع، وردا علي شكاوي الاهالي من التلوث قال إن المصنع موجود منذ عام 1964 والأهالي جاءوا وتجمعوا حوله ورغم ذلك تم إحلال وتجديد العديد من وحدات الإنتاج وزراعة أشجار حول سور المصنع للتقليل من تسريب الأبخرة خارج المصنع.