السودان من أكثر البلدان التي تعمل فيها منظمات اغاثية، حيث بلغ عدد المنظمات العاملة في السودان نحو 192 منظمة أجنبية تعمل بطاقة تقدر بأكثر من1000 من الموظفين والعمال الأجانب.. ومع تزايد مخيمات النازحين سواء في معسكرات دارفور أو في خيام الايواء التي أعدت للنازحين من الخرطوم الي الولايات الجنوبية قبيل الاستفتاء فإن هناك حاجة أكبر للدعم الفوري خاصة الغذائي مع موجة ارتفاع الأسعار الجنونية في الجنوب. وهناك اتهامات لعدد من هذه المنظمات بأنها تتخذ من أزمة السودان كعكة تجمع بها أموالا ضخمة من كل أنحاء العالم تحت ستار مساعدة السودان، وتتهم حكومة الخرطوم تلك المنظمات بأنها لا تقدم مساعدات جيدة وليست بالقدر التي ترفع بها التقارير الي رئاساتها للمحاسبة، وتقول إن هناك الكثير من المنظمات الغذائية تنفق علي نفسها من مصاريف إدارية ونفقات اعداد ورواتب اضعاف المبالغ المخصصة للأهداف الإنسانية التي جاءت من أجلها. ودائما ما شككت الحكومة السودانية في مهمة تلك المنظمات واهدافها حيث اعتبر مسئولون بالحكومة أن منظمات الاغاثة تتعامل مع موضوع توزيع المواد الغذائية من منظور البزنس الذي اصبح ظاهرا في معظم أعمال هذه المنظمات، وتتعمد هذه المنظمات تأخير توزيع المواد الغذائية الي أن يحل موسم الحصاد، ويجد المزارع الذي كدح طوال العام بأن السوق مترعة بمواد غذائية تباع بأرخص الأثمان، بما يجعل المزارعين مرتبطين أكثر بالمساعدات. وأوضح د.الوليد سيد رئيس مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة أن المنظمات الانسانية في السودان لها أجندات غير الانسانية، وجزء كبير منها يتبع اجهزة استخباراتية لدول خارجية خاصة المعادية للسودان مثل أمريكا. وقال إن كثير من العاملين في تلك المنظمات يحملون الجنسيات الاسرائيلية بجانب جنسيات أخري، وهدفهم الاساسي هو الاساءة للسودان، مشيرا إلي أن مخططهم الاساسي هو الانفصال وبينما هم علي أعتاب تحقيق هذا الهدف فهم يريدون انفصال بصورة عدائية بما يعيد الحرب بين الشمال والجنوب مرة أخري، لانهم يستهدفون اثارة القلاقل وتشتيت السودان وتفتيته. وأضاف إن جزءاً من تلك المنظمات يعمل في إطار أممي وينتشر في أماكن كثيرة مثل دارفور بعد الدور الذي لعبته من قبل الجنوب، وقال إن ذلك الأمر دفع الرئيس عمر البشير إلي طرد كثير من تلك المنظمات من إقليم دارفور، معتبرا أنها تلعب دوراً معادياً لوحدة السودان. يأتي ذلك في الوقت الذي تتزايد فيه حالة من التوتر في شمال السودان، خاصة بين الجنوبيين الذين لم يوفقوا أوضاعهم قبل استفتاء تقرير المصير ، وبعدما نجحت ولايات الجنوب العشر في ترحيل أكبر عدد ممكن من الجنوبيين الذين يقطنون في الشمال، والذين هاجروا من الجنوب منذ عشرات السنين بسبب الحروب الداخلية، ووفقا لبرنامج زمني محدد يسمح لهم بتسجيل أسمائهم ضمن الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء والاعتماد عليهم ككتلة مؤثرة في موقف الشمال المطالب بالوحدة. الجنوبيون اضطروا إلي ترك الخرطوم والرحيل تحت ضغوط متنوعة من أصوات جنوبية في الشمال، ومخاوف من استهدافهم، في حالة إذا ما تم الاستفتاء، وانتهي إلي الانفصال.. وعليه مثلت عودتهم لديارهم عبئا جديدا علي حكومة الجنوب خاصة فيما يتعلق بتوفير احتياجات المعيشة الاساسية. ودفع ذلك حكومة الجنوب للاستعانة بجهود عديد من المنظمات الاغاثية التي تساعدها في توفير شئون المعيشة لهؤلاء النازحين وتقديم المعونات لهم. وعبرت عدة أسر جنوبية رصدت «روزاليوسف» أحوالهم المعيشية في الشمال عن قلقها من الوضع الراهن، واعتبروا أن موقف الاستفتاء يحيطه غموض كبير قد يتطور إلي حرب مشتركة بين الطرفين، وهناك ازواج قرروا أن يتركوا زوجاتهم وأولادهم للعودة إلي الجنوب في حين يستمرون هم في الشمال بسبب ظروفهم العملية، وآخرون قرروا البقاء، وفريق ثالث يفضل الرحيل في هذه الفترة لحين استقرار الأوضاع حتي لو علي حساب عمله.