الاغتراب الصحفي مصطلح لم يعرفه الفلاسفة وعلماء الاجتماع، رغم انشغالهم بدراسة مدلول المصطلح ومجالاته فهناك الاغتراب السياسي والاجتماعي وأقساه النفسي، إلا أن المصطلح امتد إلي مهنة الصحافة عندما أصبح هناك قطاع فاقد للهدف لا يستطيع توجيه سلوكه بناءً علي معتقداته، فعندما يريد تحقيق هدفه فعليه تجنب العمل بالمعايير المتعارف عليها اجتماعياً وأخلاقياً، بل بأساليب أخري مغايرة، والسبب في ذلك تصدع وانهيار علاقات العمل الطبيعية وانتشار البيروقراطية حتي في الكيانات النقابية. تحقيق مستوي دخل يكفل حياة كريمة واستقلالية الكلمة لأرباب الأقلام هدف مشروع، والاحتماء بالمظلة النقابية لا يقل أهمية، بل بات في مهنة الصحافة مكملاً للهدف الرئيسي مع تدني مستوي الأجور في العديد من الصحف واعتماد عدد ليس بالقليل علي بدل التكنولوجيا والتدريب المرتبط بعضوية النقابة، توجد أزمة حقيقية في مهنة الصحافة، تنبع في الأساس من شروط القيد بجداول النقابة، الأمر الذي تمخض عنه قطاع يمارس المهنة لسنوات بكفاءة وحرفية عالية ولا يمكنهم الحصول علي عضوية النقابة والتي تعد في القانون ترخيص مزاولة المهنة واعترافًا بشرعية الصحفي، في حين تضم الجداول من لا يمارسون المهنة ومن يخلطون الإعلان بالتحرير ومن دون مستوي الكفاءة المطلوبة. هذا الخلل جعل قطاعًا من الصحفيين يشعر بالاغتراب فهم لا يستطيعون تحقيق أهدافهم من خلال موهبتهم وكفاءاتهم، فمن يريد عضوية النقابة عليه أولا الحصول علي عقد تعيين في صحيفة وتأمينات اجتماعية، وغير ذلك من الشروط، ومن يريد تحقيق هدف العيش الكريم أمامه خياران إما "تفتيح الدماغ" وجلب إعلانات للحصول علي نسبة، أو العمل تاجر شنطة يكتب لأكثر من صحيفة ربما متناقضتين في السياسات والتوجهات الفكرية، ومن رحم ربي يعمل في الصحافة المكتوبة والتليفزيونية للكسب المشروع وقلة يعضون علي النواجذ متمسكين بقيم المهنة وأخلاقياتها يخلصون لأفكارهم ومعتقداتهم. العلاج يكمن في تعديلات تشريعية علي قانون النقابة، يجعل من الكفاءة المعيار الوحيد للقيد، من خلال تشكيل لجنة دائمة تضم عددًا من شيوخ المهنة 5 في التحرير ومثلهم من المصورين والمخرجين الفنيين يتم انتخابهم من الجمعية العمومية مع أول انتخابات تجري عقب تعديل قانون النقابة تصرف لهم مكافأة شهرية من ميزانية النقابة جزاء وقتهم المستقطع لهذه المهمة، بحيث لا تدخل الحسابات الانتخابية في عملية القيد فلا تحابي اللجنة الابتدائية ولا تزايد عليها لجنة القيد الاستئنافية. وبذلك تكون لجنة القيد دائمة مختارة دون ترشح من أعضائها منفصلة عن مجلس النقابة ويكون مسموحًا لكل من مارس المهنة ومر علي نشره أعمالاً صحفية بانتظام عام بالمثول أمام لجنة القيد مع استحداث سجلات يسجل بها أسماء الراغبين في ممارسة المهنة مع نشر أول عمل وفي ذات الوقت منع كل من دون ذلك من انتحال صفة الصحفي واتخاذ إجراءات قانونية بحقهم ومن يفشلون في اجتياز اختبارات اللجنة، علي أن تنشأ النقابة معهد تدريب يدر عليها دخلاً ويؤهل الراغبين في ممارسة المهنة. وبذلك ستكون عضوية النقابة مرهونة بالكفاءة، ولن يمارس المهنة غير الحاصل علي العضوية، وبالتالي سيرتفع اجر الصحفي لندرته، ولن تستطيع صحف بير السلم أن تصدر وسيعود الأيمان بالكفاءة ويتقلص الشعور بالاغتراب.. المقترح له تفاصيل يمكن فتح نقاش موسع بشأنها إذا خلصت النوايا لإصلاح المهنة.