خبراء: النقل عن الصحف الإسرائيلية كارثة وبعض الصحفيين أميون أجيال متعاقبة ناضلت من أجل حرية الكلمة والصحافة إيماناً بحق القارئ في الحصول علي المعلومات وحق المواطن والإعلامي في التعبير عن آرائهما ومع الاعتراف بارتفاع هامش الحرية إلي سقف غير مسبوق بفعل عوامل عدة من بينها النظام السياسي الداعم لحرية الرأي وإصرار المواطن والإعلامي علي حق الحرية وتعدد وسائل ووسائط الاتصال والإعلام فإن أصواتا الآن ظهرت تنادي بضرورة أن يقابل الحرية مسئولية وفي هذا الملف نرصد ونحاول معالجة التجاوزات إيماناً منا بأن الالتزام بالمهنية والمعايير الأخلاقية هو الضمانة الأولي للحفاظ علي الحرية والارتفاع بسقفها إلي عنان السماء.. التجاوزات تجاوزت السب والقذف والتشهير إلي اختلاق أخبار كاذبة وخلط الرأي الشخصي في الصحف والمواقع الإلكترونية بالخبر بل والأهم هو تهاون بعض الصحف في نشر إعلانات تتناول سباً وقذفاً دون ضوابط، والأخطر هو منح أشخاص صفات خبير استراتيجي ومفكر ودكتور لمجرد مجاملة المصدر أو إيهام القارئ بأن صاحب الرأي السياسي المتفق مع المطبوعة ذو حيثية وأهمية والأهم من ذلك هو تبعية بعض الوسائل الإعلامية وترديدها لمصطلحات تصقها الميديا الغربية بأيادٍ صهيونية كأن يسمي جيش الاحتلال الإسرائيلي جيش الدفاع وأن تطلق علي المستعمرات مستوطنات. قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية أمس الأول بوضع لافتات تحمل مصطلحات وأسماء عبرية علي الطرقات والمواقع المقدسة في البلدة القديمة بمدينة القدس وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن إسرائيل تواصل سياسة التهويد.. إسرائيل وضعت لافتات تسمي المسجد الأقصي بجبل الهيكل وباللغة العبرية «هربايت».. حرب المصطلحات تزداد اشتعالاً وما هي إلا حلقة جديدة في مسلسل التضليل الإسرائيلي.. والمؤسف أن الانتباه جاء متأخرًا.. فالعديد من وسائل الإعلام والصحف العربية وقعت في فخ الانسياق خلف ما تصيغه إسرائيل من مصطلحات مضللة لقلب الحقائق، وترسيخ مفاهيم مزيفة في عقلية متلقي الرسالة الإعلامية.. فأصبحنا نجد وكالات أنباء عربية وصحفا تستخدم مصطلحات جيش الدفاع الإسرائيلي، واعتداءات فلسطينية، ومستوطنات، بينما المصطلحات الحقيقية جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية والمستعمرات الإسرائيلية. في الاجتماع الأخير للجمعية العمومية لاتحاد وكالات الأنباء العربية 22 ديسمبر 2009 أوصي المجتمعون بضرورة تسمية الأشياء بمسمياتها في البرقيات التي ترسلها وكالات الأنباء العربية لمواجهة الحملة الصهيونية الشرسة الهادفة إلي تهويد المعالم الفلسطينية، وفي الزيارة الأخيرة للدكتور عكرمة صبري مفتي القدس السابق لنقابة الصحفيين بداية الأسبوع الماضي ناشد وسائل الإعلام العربية وخاصة الصحافة المصرية محاربة سياسة التهويد بالتمسك بالأسماء العربية للمواقع والمدن الفلسطينية، فيما أعلن مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين أن النقابة ستقوم بإعداد معجم بالأسماء الحقيقية للمواقع الفلسطينية وإرساله إلي جميع الصحف المصرية قومية وخاصة وحزبية علي أن يكون الالتزام بتسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية جزءا من ميثاق الشرف الصحفي ويعرض من يخالفه للمساءلة النقابية.. فهل التزمت وكالات الأنباء العربية بما أوصت به جمعيتها العمومية؟ وهل ستفعل النقابة المصرية توصيات النقيب؟ وهل ستلتزم الصحف، وغير ذلك بالمصطلحات التي تتطلب التدقيق لما تحمله من مضامين إعلامية بالغة الخطورة؟! مطلوب تدريب الإعلاميين عبدالله حسن رئيس اتحاد وكالات الأنباء العربية ورئيس مجلس إدارة وتحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط يري أن وسائل الإعلام العربية مازالت أثيرة المصطلحات التي يرسخها الإعلام الغربي والإسرائيلي بدليل إطلاق مصطلح مستوطنات علي المستعمرات.. وأضاف حسن: لقد ناقشنا تلك القضية في الاجتماع الأخير لاتحاد وكالات الأنباء العربية، والتزمت وكالات الأنباء بتسمية الأشياء بمسمياتها في برقياتها ورسائلها التي ترسلها، لكن في الوقت نفسه لم تتخلص بعض وكالات الأنباء العربية من التأثر بالمصطلحات الإسرائيلية، وهذا يتطلب تدريبا وتثقيفا للعاملين بغرف الأخبار والديسك بالوكالات لتلافي تلك الأخطاء. وشدد حسن علي أن تلك القضية ستتم مناقشتها وما تحقق من توصيات اجتماع القاهرة في الاجتماع المقرر له 6 يونيه المقبل في بيروت، ونوه حسن إلي أن بعض الدول لديها تمثيل تجاري مع إسرائيل، وسياستها العامة تحول دون الالتزام مستطردًا: لكن ذلك لا يعطيها حق استخدام المصطلحات الإسرائيلية التي تطلق علي الضفة الغربية اسم يهودا والسامرة.. ونوه حسن إلي أن الخطورة الأكبر تتمثل في لجوء بعض الصحف العربية والمصرية إلي النقل عن الصحف الإسرائيلية خاصة ما تنشره من تقارير عن مصر والعرب، لا تخلو من دس توجهات معينة تخدم المصالح الإسرائيلية وهذه كارثة متسائلاً: هل صحف إسرائيل ستكون حريصة علي مصر أو العرب؟ بالطبع لا. يجب التوحد فى مواجهة التهويد محمد الشبه رئيس تحرير نهضة مصر، يري أنه إذا كان الهدف من اصدار المعجم الذي تحدث عنه النقيب، ترسيخ المبادئ المهنية، فلابد من الالتزام بما يأتي به، أما إذا كان فرض توجهات سياسية فإن لكل جريدة اتخاذ ما تراه مناسبًا مع معتقداتها وقناعاتها. وأضاف الشبة فيما يتعلق بشأن الاحتلال الإسرائيلي فإن الصحف العربية تتعامل مع القضية وفقا لقناعاتها ولابد من توحيد التوجهات لمقاومة عمليات التهويد اعلاميًا وثقافيا، كما تفعل صحف الغرب التي تستخدم مصطلحات تعكس مساندة لإسرائيل في بعض الحالات. وأوضح الشبه أننا بشكل عام في الصحافة والاعلام نعاني ما يمكن تسميته بفوضي المصطلحات التي لا تعكس مفاهيم محددة أو وعيا بمدلولاتها، مثل الخصخصة، اقتصاد السوق، والعلمانية التي يظنها البعض مرادفًا للكفر، مستطردا كما أن هناك مصطلحات ستشهد اشكاليات خلافية وفقا لقناعات القائمين علي كل صحيفة مثل عمليات المقاومة هل هي استشهادية أم انتحارية؟ ثقافة الإعلاميين تدهورت فريدة النقاش رئيس تحرير جريدة الأهالي تؤكد أن علي الاعلام أن تتضافر جهوده لإحياء الذاكرة العربية لمدينة القدس، معتبرة أن الالتزام بالمسميات العربية للأحياء الفلسطينية مهم جدًا لكنه ليس كل ما يمكن فعله لإنقاذ القدس، فالمشروع الصهيوني يتطلب مقاومة شرسة في جميع المحافل ومنها الجانب الاعلامي فلا يجوز للاعلام المصري والعربي ترديد مصطلحات اسرائيلية تعكس عقيدة الاحتلال الاسرائيلي. واعتبرت النقاش أن وقوع الاعلام العربي في تلك الأخطاء يرجع إلي تدهور ثقافة عدد من العاملين بالاعلام وتراجع الاهتمام بالقضايا العربية، مضيفة أن المحتل الاسرائيل لديه اعلام يقظ فعندما استخدم العرب مصطلح حق العودة للاجئين الفلسطينين، استخدم اعلام اسرائيل نفس المصطلح زاعمًا أن لليهود حق العودة إلي فلسطين. ليست ظاهرة الدكتور فاروق أبو زيد رئيس لجنة الممارسات الصحفية بالمجلس الأعلي للصحافة وعميد كلية الاعلام بالجامعة الحديثة للعلوم والتكنولوجيا يري أن أزمة استخدام المصطلحات التي يطلقها الاعلام الاسرائيلي ليست ظاهرة، مضيفًا: كل صحيفة تستخدم المصطلح الذي يتفق وقناعاتها ولا يمكن اصدار قوانين تلزمها بشيء محدد، فهناك من يستخدم مصطلح المقاومين، وآخر يطلق عليهم المقاتلين وفقا لكل صحيفة وسياستها. وأوضح أبو زيد: يجب علي الصحف في الوقت ذاته تدقيق المصطلحات والالتزام بما يخدم المصالح الوطنية والقومية ويعكس للحقيقة والموضوعية منوهًا إلي أن إسرائيل تطلق مصطلحات تخدم أهدافها ويروجها الاعلام الذي يخدم المصالح الصهيونية مضيفًا ونحن ندرس لطلاب الاعلام أهمية التدقيق في البرقيات التي ترسلها وكالات الانباء الغربية للتأكد من دقة المعلومات واعادة صياغتها بما يتفق وقناعاتنا من مصطلحات أصلية وهذه القضية ألف باء صحافة لكن المشكلة في أن بعض الصحف ووسائل الاعلام الأخري تسمح لمن يعانون أمية اعلامية بالعمل في الاعلام وهذا يحملها المسئولية فكل صحيفة ينبغي أن يكون بها ديسك مركزي يضبط المصطلحات.