رؤساء تحرير تحت الطلب يبيعون أسماءهم لصحف صفراء دون ممارسة دور فعلي أجيال متعاقبة ناضلت من أجل حرية الكلمة والصحافة إيماناً بحق القارئ في الحصول علي المعلومات وحق المواطن والإعلامي في التعبير عن آرائهما ومع الاعتراف بارتفاع هامش الحرية إلي سقف غير مسبوق بفعل عوامل عدة من بينها النظام السياسي الداعم لحرية الرأي وإصرار المواطن والإعلامي علي حق الحرية وتعدد وسائل ووسائط الاتصال والإعلام فإن أصواتا الآن ظهرت تنادي بضرورة أن يقابل الحرية مسئولية وفي هذا الملف نرصد ونحاول معالجة التجاوزات إيماناً منا بأن الالتزام بالمهنية والمعايير الأخلاقية هو الضمانة الأولي للحفاظ علي الحرية والارتفاع بسقفها إلي عنان السماء.. التجاوزات تجاوزت السب والقذف والتشهير إلي اختلاق أخبار كاذبة وخلط الرأي الشخصي في الصحف والمواقع الإلكترونية بالخبر بل والأهم هو تهاون بعض الصحف في نشر إعلانات تتناول سباً وقذفاً دون ضوابط، والأخطر هو منح أشخاص صفات خبير استراتيجي ومفكر ودكتور لمجرد مجاملة المصدر أو إيهام القارئ بأن صاحب الرأي السياسي المتفق مع المطبوعة ذو حيثية وأهمية والأهم من ذلك هو تبعية بعض الوسائل الإعلامية وترديدها لمصطلحات تصقها الميديا الغربية بأيادٍ صهيونية كأن يسمي جيش الاحتلال الإسرائيلي جيش الدفاع وأن تطلق علي المستعمرات مستوطنات. قيام عدد من الصحفيين بوضع أسمائهم كرؤساء تحرير لعدد من المطبوعات الصفراء وصحف «بير السلم» مقابل مبالغ مالية شهرية دون ممارسة دور فعلي أو اشراف من أي نوع علي تلك المطبوعات، هو أحد أبرز القضايا المسكوت عنها في الصحافة المصرية. مبالغ مالية فالقانون يشترط لاصدار صحيفة حاصلة علي ترخيص من المجلس الأعلي للصحافة أو ترخيص أجنبي أن يكون رئيس تحريرها يحمل عضوية النقابة جدول المشتغلين، لذلك يلجأ ملاك بعض الصحف إلي الحصول علي أسماء أعضاء نقابيين كرؤساء تحرير علي الورق فقط مقابل مبالغ مالية وهو الأمر الذي يسهل صدور مطبوعات لا تشتمل علي أي نوع من أنواع المهنية لتتحول إلي نشرات ابتزاز وإعلانات موسمية. صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة يري أن رئيس التحرير هو المسئول عن كل ما ينشر أمام الرأي العام كما أنه شريك في المسئولية أمام القانون سواء أذن هو بالنشر أو قام بذلك أحد معاونيه، لذا لابد من الاطمئنان لما تنشره هذه الجريدة تأكيدا علي معني المسئولية الاجتماعية للصحفي، بجانب التأكد من عدم استخدام المادة المنشورة في اعمال التربح أو الابتزاز والتهكم، وبالتالي هناك مسئولية مالية أيضا. مخالفات قانونية ومهنية وارجع عيسي وجود هذه النماذج إلي احتياج بعض الصحف إلي رئيس تحرير وهو ما يعني ضرورة أن يكون هذا الصحفي حاملا لكارنيه عضوية النقابة، غير أن هذا ليس مبررًا في أن يفرط الزملاء في مسئوليتهم المهنية، لافتًا إلي أن استمرار هذا النوع من العمل الصحفي يسيء للمهنة ويسهل ارتكاب مخالفات مهنية وقانونية تحت غطاء الصحافة فإذا تحولت سلطة رئيس التحرير إلي وسيلة تربح فلن يكون عندها داع لوجود النقابة نفسها. وطالب عيسي نقابة الصحفيين بتوعية الصحفيين ولفت أنظارهم إلي خطورة الأمر علي مستقبل المهنة. يري عباس الطرابيلي رئيس تحرير جريدة الوفد السابق أن هناك الكثير من الخطايا التي ترتكب في حق الصحافة من بينها تولي منصب رئيس تحرير دون أن تكون هذه السلطة فعلية وإنما طمعًا في المال، وفي بعض الحالات يقاس ما يتقاضاه هؤلاء شهريا بالآلاف، بجانب حصتهم في الإعلانات والبدلات وغير ذلك من الأمور، واصفًا ذلك بأنه بدعة ظهرت في عصر صغار الصحفيين، الذين يجب عليهم أن يترفعوا عن مثل هذه الأمور فالصحافة ليست مصدرًا للتربح فهناك قواعد وأخلاقيات يجب الحفاظ عليها. وأوضح الطرابيلي أن المؤسسات الصحفية إذا حسنت من أوضاعها ومرتبات الصحفيين بها ستتغير الصورة، خاصة أن الوجه الآخر لهذه الصحافة المتخفية هو أن يعمل نظير أجر قليل جدا، لافتًا إلي شيوع كثير من الأخطاء علي رأسها تطبيق مبدأ تبادل الخدمات هو السائد. عبد المحسن سلامة وكيل نقابة الصحفيين يري أنه لا يوجد صحفي محترم يقبل بأن يستخدم «كمحلل» لبعض الصحف من خلال وضع اسمه علي الجريدة كرئيس تحرير لا يؤدي دوره مقابل «قرشين» يأخذهم ثم يمضي لافتًا إلي أن هذا الأمر غير شائع لكنه محدود للغاية خاصة بالصحف الصادرة بترخيص أجنبي محذرًا من انتشاره كون ذلك يضر بمصداقية العمل الصحفي ككل. حامل كارنيه فيما قال عبد النبي عبد الستار أن من يلجأ لهذا العمل ليس بصحفي لكنه مجرد حامل كارنيه يقوم بتأجير عضوية النقابة لمن يدفع مؤكدًا علي عدم وجود أي اسم لامع بين الصحفيين يلجأ لمثل هذه الأمور التي تهدر كرامة المهنة وتنحصر في مجموعة أعضاء اكتفوا بعضويتهم للنقابة دون ممارسة المهنة من الأساس سواء كان محررًا أو رئيس تحرير. واستطرد عبد الستار قائلاً «استمرار هؤلاء دون تفعيل لمنصبهم قد يسقطهم في مجموعة مشكلات كبيرة مرتبطة بأخطاء مهنية أو قضايا نشر لا يعلم عنها شيئًا» واصفًا الصحف التي تلجأ لمثل هذا الأسلوب بأنها «دكاكين» تعتمد علي الابتزاز في المقام الأول بغرض الحصول علي إعلانات رخيصة، لذا ينبغي علي النقابة أن تضع حزمة من الاشتراطات لتولي منصب رئيس التحرير يكون من بينها ألا يكون رئيس تحرير المطبوعة قد مر عليه 10 سنوات عضوا داخل النقابة حتي يكتسب خبرات مهنية كما يمكنه صنع رصيد صحفي يخشي عليه من مثل هذه الممارسات . أين أجهزة الرقابة فيما كشف أيمن سلامة رئيس تحرير جريدة الأمة الأسبق عن مفاجأة بتأكيده علي أن بعض المتخصصين في اصدار الصحف صاحبة الترخيص الأجنبي يستغلون أسماء أعضاء النقابة ويضعونها كرؤساء تحرير علي ترويسة المطبوعة دون علمهم مستغلين القصور القانوني حيث لا يستطيع العضو اللجوء للقانون لمقاضاة مالك الصحيفة لأنها لا توزع في السوق من خلال شركات توزيع كما أنه لا يعلم مقرا ولا عنوانا لصاحب الرخصة الأجنبية فهي في الغالب تصدر وتطبع في مطابع مخالفة للقانون، محملا أجهزة الرقابة علي المصنفات المسئولية داعيًا إلي تفعيل القانون بحق كل من يصدر مطبوعة بدون ترخيص قانوني. وأضاف سلامة: بعض المطابع التي يطلق عليها مطابع بير السلم لديها معرفة ببعض الأسماء من الصحفيين الذين سبق لهم طباعة صحف لديها وبالتالي تستخدم أسماءهم دون علمهم كما أن الصحفي الذي يوافق علي وضع اسمه مقابل مبلغ مالي يفاجأ في الشهر التالي بأن المالك لا يدفع له شيئًا لأن تلك الصحف لا تملك مصادر تمويل بل تصدر كلما حصلت علي بعض الاعلانات.