علي الرغم من حجم الاختلافات الجوهرية بين الحكومة والمعارضة في مصر حول كثير من القضايا فإن هناك شيئاً واحداً تدركه كل من الحكومة والمعارضة ويتفقان عليه، وهو أن المواطن المصري قد سقط ضحية لنظرية "مفيش فايدة" التي يروج لها كثيرون، ولا شك أن الخاسر الأكبر من شيوع هذه النظرية هي مصر كلها. وسائل الإعلام بجميع أنواعها لا تنشر سوي البؤس واليأس والعجز.. البرامج الحوارية لا تركز علي ما تم إنجازه، ولكن تركز وبشكل كامل علي "نصف الكوب الفاضي".. المقالات الناجحة هي تلك المقالات التي يشكك أصحابها في كل شيء.. لا اعتراف بتغييرات جوهرية تتم علي أرض الواقع، ولا نظرة أمل إلي المستقبل.. الكل يدعم نظرية الفشل، ونظرية إننا نرجع إلي الوراء! وبطبيعة الحال، لا ألوم أحزاب المعارضة وجماعات التغيير علي نجاحهم في نشر هذه الدعوة، وإن كانت هذه الدعوة في مجملها تضر بمصالح الوطن ولن تحقق لهم أهدافهم، ولكن ألوم كل إعلامي وكل وسيلة إعلامية لم تستطع أن تنشر الأمل بين الناس، وسمحت للآخرين بأن يشككوا في كل ما يتحقق علي أرض مصر.. وكعادته، كان الرئيس مبارك واعياً بهذه المشكلة، ومدركاً لحجم التأثيرات السلبية المترتبة عليها.. ولهذا ركز في خطابه أمام المؤتمر السنوي للحزب الوطني علي هذه النقطة، وأكد عليها وعلي ضرورة التصدي لها.. إذ خاطب الرئيس الأجهزة الرسمية بقوله "إن شيئا لا ينجح أكثر من النجاح ذاته.. ولقد حقق الحزب من النجاح خلال السنوات الماضية.. ما يلهمنا خلال المرحلة المقبلة. وأقول لكم جميعا.. إن تحرككم لابد أن يظل في الشارع المصري.. ومع الناس.. اعملوا من أجلهم.. اشرحوا لهم برنامج الحزب وتوقيتات تنفيذه.. قولوا لمن لم تصلهم بعد ثمار النمو والتنمية.. إنها في الطريق اليهم.. انشروا الأمل وتصدوا للمشككين.. فبالأمل والعزيمة تبني الشعوب مجتمعاتها.. وتصنع الأمم مستقبلها". نعم مطلوب من الجميع "تسويق الأمل" وزرعه بين الناس، وتسويق النجاح ودفع الناس إليه، فلا شيء يشجع الناس علي النجاح سوي إحساسهم بالنجاح.. وإن كنت أخشي أن يتم بدلاً من تسويق الأمل تسويق الأحلام والأوهام.. هناك شعرة رقيقة بين أن تأمل وتحلم وبين أن تعيش في الوهم.. شعرة رقيقة ولكنها كافية لتحطيم جميع الجهود والإنجازات... أيها الإعلاميون، وأيها المسئولون: اغرسوا الأمل في قلوب الناس وساعدوهم علي تحقيقه في الواقع.