نفي وزير الثقافة الفنان فاروق حسني حدوث تدخل في منح جوائز الدولة لأحد بعينه، أو تدخله بإقناع أعضاء المجلس الأعلي للثقافة بالتصويت لاسم ما، وأكد أن جوائز الدولة شرف في عاتق رئيس المجلس الأعلي للثقافة. جاء ذلك في رده علي مداخلة قدمها الشاعر جميل عبد الرحمن، في لقاء عقد صباح أمس الأول علي هامش الدورة الخامسة والعشرين "اليوبيل الفضي" من مؤتمر أدباء مصر، والذي تقيمه الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت عنوان "تغيرات الثقافة.. تحولات الواقع" بالمسرح الصغير بدار الأوبرا. جميل عبد الرحمن أكد علي حجب جوائز الدولة عن أدباء الأقاليم؛ وقال: لأنهم لا تربطهم علاقات بأعضاء اللجان فلا يصوتون لصالحهم، وأن أحد البارزين في الدولة يصوت لأحد الأدباء فيقوم باقي أعضاء اللجنة بتأييد الفائز بحسب توصية". وزير الثقافة أكد اهتمام الوزارة بالأقاليم، واستشهد بنفسه حينما صعد سلم الوزارة من أحد قصور الثقافة. كما أكد علي أن حضوره لهذا المؤتمر لمدة 23 عاما، يعني أن المؤتمر حقيقي وجاد وفعال، وقال: اليوم أجد المؤتمر أكثر شبابا، وكانت دعوتي لإقامة المؤتمر هذا العام في القاهرة لأنها عاصمة كل فرد منا"، وأتمني ألا تكون الأسئلة التي توجه لي مكررة كعادة كل عام. وفي مداخلاتهم قال الكاتب يسري العزب، صاحب فكرة انعقاد مؤتمر أدباء مصر في الأقاليم: السلطة في مصر سلطة مصرية ولا يمكن أن تكون احتلالا وعلينا أن نشد علي أيديها ثم نطلب منها ما نشاء! وطالب أحد أعضاء نادي أدب 6 أكتوبر من الوزير ضرورة تطبيق نظام التأمين الصحي علي الأدباء، وأوصي الأديب قاسم مسعد عليوة باعتبار الوحدة الوطنية مشروعا قوميا يلتف حوله الجميع، ورد الوزير: من الممكن أن تخصص إدارة بالهيئة لتكون مختصة بالمؤتمر فقط، أما عن الوحدة الوطنية وقد طالبت سابقا بتشكيل لجنة تابعة للمجلس الأعلي للثقافة تتكون من رجال الأزهر والكنيسة تكون مهمتها الثقافة الدينية، لكنني هوجمت هجوما شديدا. وأشار الشاعر جميل عبدالرحمن إلي أن مشروع إقامة متحف سوهاج لم يتقدم خطوة للأمام، وطالب بإنشاء قصور ثقافة بقري ومراكز الصعيد لتصبح بؤرا للتنوير، كما تعجب من عدم ذكر اسم الراحل عبدالعال الحمامصي وهو ممن نادوا بفكرة المؤتمر في بداياته مع عبد الفتاح رزق وآخرين من أدباء الأقاليم. وتساءل الكاتب زكريا عبد الغني عن أسباب التراجع الثقافي في الربع قرن الأخير، واستشهد بحوادث الثأر التي تقع بالصعيد. لكن الوزير عقب علي ذلك مؤكدا أن وظيفة وزارة الثقافة إقامة المعاقل والدور والمتاحف، أما تربية الإنسان فهي تربية اجتماعية مرتبطة بالنشأة. وأكد الأديب سمير الفيل أن الكتب السلفية تتسلل إلي التعليم وطالب بالتعاون بين وزارة الثقافة ووزارة التعليم، وقال إن أنشطة الوزارة تقتصر علي العاصمة ومطلوب نظرة إلي الأقاليم، كما لفت الانتباه إلي انقراض دور السينما بالأقاليم. وقدم الدكتور جمال التلاوي أمين عام المؤتمر، في كلمته أربعة طلبات لوزير الثقافة أولها تحويل كتب الترجمة إلي سلسلة ثابتة، مع ضرورة الاعتراف بترجمة أعمال المميزين من مصر وبخاصة الأقاليم التي تضم قامات إبداعية لا تقل عن مترجمي القاهرة، وقال التلاوي: اخترنا الشاعر محسن الخياط لتكون هذه الدورة باسمه وسنصدر كتابا عنه، بالإضافة إلي كتب الترجمة التي سنصدرها والتي تضم مختارات من شعر الفصحي والعامية، والتي ستنشر في الأقاليم المختلفة، لقد اعتمدنا علي نوادي الأدب المركزية في مختلف محافظات مصر، واكتشفنا فيها مترجمين متخصصين، واعتمدنا أيضا علي مترجمين آخرين من دول عربية شقيقة، فالترجمة في هذا التوقيت ربما تمثل أمنًا قوميا، ففي ظل تشويه الآخر لصورتنا يجب أن نتوجه إليه مباشرة. كما طالب التلاوي بتوفير بعض منح السفر والإقامة للأدباء في أكاديمية الفنون بروما والتي يحصل عليها الفنانون التشكيليون، وأن تعتمد الهيئة العامة لقصور الثقافة حق ترشيح أدباء مصر لجوائز الدولة، وأن يوفر الدعم المالي الكافي لتحويل مجلة القصة التي تصدر عن نادي القصة من إصدار ربع سنوي إلي شهري علي اعتبار أنها المجلة الوحيدة المتخصصة في مجال الأدب. وذكر التلاوي أنه تم في الدورات السابقة للمؤتمر اقتراح بعض التوصيات التي نفذ بعضها، ولم ينفذ البعض الآخر منها، وأشار إلي الظروف القاسية التي عقد في إطارها هذا المؤتمر من عيوب تسيطر علي الثقافة المصرية، وأكد علي كون المؤتمر حصنا للمثقفين، وأقر رفض كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني. وتابع التلاوي: كنا ندرك أننا أصبحنا ضد التيار، وقررنا أن نكون موضوعيين، وأن نبدأ بما وقف عنده زملاؤنا لأنهم قدموا جهدا كبيرا لا يجب أن ينكر، كما أخذنا ما قدمه بعض الصحفيين في الصحف، وحددنا توجهاتنا، وكانت استراتيجيتنا أن نبدأ بالجمعية العمومية لتساعدنا بالمشورة، وأدركنا ضرورة تغيير اللوائح حتي نصل للشكل الأمثل، وواجهتنا قضية الاختلاف حول المصطلحات ودلالاتها. وقال الدكتور أحمد زايد، رئيس المؤتمر: عنوان المؤتمر هذا العام يدعو إلي تأمل عالمنا المعاصر، ودراسة التغيرات التي طرأت عن قرب ومدي تأثيرها علي المجتمعات، وهي التأثرات التي تطرقها العولمة والتي تؤثر في كثير من المقومات الثقافية للمجتمعات كما تفرض ظروفًا جديدة لدور الثقافة في المجتمع، وانتشار ظاهرة الشغب الثقافي وعدم الثقة وتآكل رأس المال الاجتماعي، ونحن نحتاج تأمل أسئلة كثيرة فيما يتعلق بالثقافة من بينها: أين سيقف المثقف وسط هذا الزخم الاستهلاكي؟ وكيف يتم تحصيل المثقفين إزاء وحشية هذه الثقافة الاستهلاكية؟ والتي تجنح لتحويل الثقافة إلي تجارة والعكس وتحويل كليهما لسياسة؟ وكيف ينظر المثقفون إلي أدوارهم في المجتمع؟ هل ما زالت التفرقة بين المثقف والمثقف العضوي قائمة؟ وكالعادة في جميع مؤتمرات هيئة قصور الثقافة التي أقيمت في عهد الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة، استعرض مجاهد الانجازات التي قدمتها الهيئة خلال العام السابق، وبدأ حديثه بهذا المؤتمر الذي يراه قد أنتج كتابا عن الخياط، وثلاثة أخري مترجمة إلي الإنجليزية، بالإضافة إلي الانتهاء من ترجمتهم للرومانية والإيطالية في شهر مايو المقبل، قال إنها ترجمات ستصل إلي الأقاليم وكل عواصم العالم، وكأن أدباء الأقاليم لا ينقصهم غير الترجمة، وأحصي مجاهد عدد النوادي الأدبية، وما أنتجته سلاسل الهيئة من إصدارات. وعلي هامش المؤتمر قام القاص قاسم مسعد عليوة (بورسعيد) بتوزيع بيانين علي حضور المؤتمر، ناشد الأول "كل مخلص في هذا الوطن أن يتضامن مع الحملة التي يقودها خمسمائة مثقف من أبناء محافظة بورسعيد، وبدأت منذ أكتوبر الماضي، للحفاظ علي تراثها المعماري، وأن يعاضد جهودهم ويساندهم وهم يبحثون عن حلول عادلة وسريعة، محلية ودولية"، وجاء فيه " هدف الحملة هو صد الهجوم الوحشي، الآخذ في اجتياح كل ما هو قيم وجميل في المدينة لصالح القماءة والتشوه وفقدان الهوية؛ وفي سبيل تحقيق أهداف الحملة، عقدت الندوات والمؤتمرات والمعارض وتم الاتصال بالمسئولين وتحققت نجاحات معقولة في زمن وجيز، وآخر هذه النجاحات الترتيب لعقد مؤتمر في ديوان عام محافظة بورسعيد يوم 22 ديسمبر الحالي بالتعاون مع جهاز التنسيق الحضاري الذي نسجل له ولرئيسه الأستاذ سمير غريب اهتمامه بنشاط الحملة وتعاونه معها". أما البيان الثاني فيدعو فيه عليوة أدباء مصرلبذل الجهد من أجل تحويل مؤتمرهم إلي مؤسسة ذات شخصية اعتبارية، وجاء فيه: الفنان فاروق حسني، صرح غير مرة بأن هذا المؤتمر ما هو إلا مؤسسة، لكن إجراءً قانونياً يصدر به تشريع من مجلس الشعب، أو قرار من رئيس الجمهورية؛ أو لائحياً يصدر به قرار من رئيس مجلس الوزراء أو الوزير، لم يتخذ ولم يعلن عن النية في اتخاذه، وما من ضمانة حقيقية لاستمرار هذا المؤتمر سوي تحويله إلي مؤسسة لها شخصيتها الاعتبارية؛ والوصول إلي هذه الموسسة لن يتحقق بغير أحد الطريقين، أحدهما خاص والآخر عام.