19468 هو رقم الخط الساخن المخصص من وزارة التنمية الإدارية للإبلاغ عن أي حالة فساد في أي جهة أو مصلحة حكومية. وهو خط يسمح باستقبال أي شكل من أشكال الفساد في الجهاز الإداري للدولة، بداية من اكتشاف أي موظف حكومي لأي فساد في عمله، ومروراً بأي محاولة يتعرض لها الموظف الحكومي لرشوته في مقابل الحصول علي غير حقه، وصولاً لتعرض أي مواطن للابتزاز أو طلب الإكرامية أو التقاعس في الحصول علي حقه بسبب أداء الموظف الحكومي. إن ما سبق هو تطور في شكل الأداء الإداري التقليدي ومضمونه... غير أنه في الوقت نفسه يجب أن يتواكب ذلك مع إعادة النظر في أجور بعض العاملين في الجهاز الحكومي.. خاصة ممن لم يتم عمل أي تطوير لمرتباتهم.. لكي تكون وسيلة مواجهة الفساد وسيلة حقيقية وفعالة، وتتحول آلية التبليغ عن الفساد ومعاقبة مرتكبيه أداه فعالة لردع أي فاسد أو مرتش. إن هذا الأمر في تقديري - قد وصل لدرجة الخطر التي لا يمكن التنبؤ بنتائجها وتبعياتها.. لأن الفساد البيروقراطي في الطبقات الإدارية الأدني قد وصل للذروة التي لا يمكن ردعها بسهولة في ظل معاناة تلك الفئة من توفير حاجتهم الأساسية. وهو ما يجعلني لا أعتقد أن تلك الفئة ستتنازل بسهولة عن تلك الوسيلة للرشوة تحت مسمي (الإكرامية) بسهولة.. بسبب ما تعانيه من مشكلات في هياكلها الوظيفية. لا أعتقد أيضاً بحسن نية أولاً وبشكل طبيعي وتلقائي ثانياً.. أنه يوجد موظف يريد أن يكون فاسداً أو يصبح كذلك.. لأن الموظف الذي ينتظر (سيجارة) أو 50 جنيهًا لا يدخر تلك الأموال في حسابه الخاص في البنك.. غير أن الظروف المعيشية الصعبة و(الحاجة) وضيق اليد.. تجبر الموظف العادي علي اللجوء لأساليب غير شرعية أو غير قانونية لسد الاحتياجات الأولية.. ولا يعني هذا الكلام ذ بالطبع ذ الدفاع عن (الرشوة) لأن تلك (السيجارة) أو الخمسين جنيهاً هي شكل من أشكال الفساد في نهاية الأمر. لابد أن تبدأ حركة الإصلاح والتغيير في الجهاز الإداري للدولة بالربط بين توفير الحياة الكريمة للموظف الحكومي العام.. في مقابل تفعيل آليات الردع ضد الرشوة والفساد. وقبل كل شيء، أعتقد أن محاربة الفساد ومواجهته هو أمر يجب إدماجه ضمن ثقافة الشعب المصري قبل أن يكون مجرد وسيلة حكومية لضبط الأداء الإداري. ومن الطبيعي أيضاً، أن يصدر متزامناً مع كل تلك الجهود السابقة قانون (محاكمة الوزراء) لأنه سيكون بمثابة تطبيق عملي لمنظومة المواطنة.. لأنه إذا طالبنا بالمساءلة.. فهكذا تكون القوانين، وإذا طالبنا بالشفافية.. فهكذا تكون علاقة الموظف العام بالدولة.. حتي ولو كان موظفاً بدرجة (وزير). ويتسق مع ما سبق.. دعوة وزارة التنمية الإدارية بتخصيص خط تليفوني رقمه 19468 للتبليغ عن حالات الفساد.