كتبت: مي أبو زيد - رحاب لؤي - تغريد الصبان فاز «كاتب الصحراء»، الروائي الليبي إبراهيم الكوني (ولد 7 اغسطس 1948) بجائزة «الملتقي الدولي الخامس للرواية العربية» في دورته الخامسة، التي فاز بها من قبل كل من: السعودي عبد الرحمن منيف والسوداني الطيب صالح والمصري إدوار الخراط، واعتذر عنها في دورتها الثانية صنع الله إبراهيم. الكوني الذي قابل الحضور إعلان فوزه بالجائزة مساء أول أمس بالتصفيق الحاد، رغم تسرب خبر الفوز قبلها بساعات قليلة، قام بالتبرع بقيمة الجائزة وقدرها مائة ألف جنيه لأطفال قبيلة «الطوارق» بكل من دولتي مالي والنيجر، وهي القبيلة نفسها التي ينتمي إليها، مكررا موقفه عندما تبرع من قبل عام 2002 بقيمة جائزة «التضامن الفرنسية مع الشعوب الأجنبية» لصالح دعم القضايا العربية. الكوني، صاحب الخمسة وأربعين عملا ما بين رواية وقصة ونصوص سردية، أكد في كلمته أن تبرعه نابع من إيمانه بأن «التنازل عن العطية درس مستخلص من عطايا هذه الأرض»، وأيضا «لإنقاذ ضمير المبدع ككبش فداء، لتحويله لرسول خلاص للمستضعفين ولتوحيد الثقافات». وقال أيضا: «إذا الجوائز منحت عن استحقاق لأديب شهيد حقيقي وليس مزيفا، ستصير تاج إكبار علي رأس المانح، أما إذا منحت لشهيد مزيف، تنقلب وسام عار علي صدر المانح». وعن حيثيات حصول الكوني علي الجائزة بالإجماع، بعد أن فاضلت لجنة التحكيم بين 23 منجزا روائيا لكاتبات وكتاب، قال الناقد السوري صبحي حديدي، عضو لجنة التحكيم: «انشغل الكوني بتطوير مشروع روائي طموح وأصيل، يبدأ من استنطاق فضاءات الصحراء في شتي عناصرها الطبيعية والبشرية والروحية والأسطورية، ويبلغ في هذا درجة رفيعة من المزج البارع بين المحسوس والرمزي وبين الواقعي والمتخيل وبين المادي والروحي، وفي توظيف الخرافة الشعبية والحكاية الشفوية وطقوس العيش وشعائر الحياة والموت». وتابع: «اخترع الكوني ما يمكن اعتباره أنثروبولوجيا سردية مركبة وفية للبشر والشجر والحجر، مثل وفائها لتلك المجازات الفاتنة، التي يكتنزها باطن الصحراء السحيق والغامض». وأكد: «تفادت روايته الوقوع في الكثير من إغواءات تنميط الصحراء، سواء عبر تفريغها إلي مدي ميتافيزيقي مبهم تارة أو اختزالها إلي بيداء استشراقية سطحية تارة أخري، لقد انهمك في تطوير لغة بالغة الثراء، وهو أحد أكبر المنخرطين في التجريب الجسور وأمهر مسخري تفنيات الرواية الجديدة».