«نائب عن الشعب» ما أعظمها مهمة وما أخطرها مسئولية، فنائب الشعب هو أحد رجال السلطة التشريعية الموكول إليهم مهام التشريع والرقابة، نعم التشريع.. حيث سن جميع القوانين الحاكمة والمنظمة لشئون المجتمع هذا بجانب المهام الرقابية علي أداء السلطة التنفيذية. وحتي يستطيع النائب القيام بالمهام الموكولة إليه علي أكمل وجه فقد منحه الدستور والقانون حزمة من الأدوات يستطيع من خلالها تمثيل الشعب تمثيلا مشرفا، بيد أن مهمة تمثيل الشعب شرف لا يدانيه شرف لكنه في نفس الوقت مسئولية أظنها ثقيلة وصعبة في مجتمع كالمجتمع المصري له ما يميزه عن غيره من المجتمعات، وبالطبع فإن المسئولية وهذا المنصب يحتاج إلي مواصفات شخصية فريدة وبالطبع لا تتوافر في كثيرين. والدليل علي ذلك أن الأحزاب تأخذ وقتا ليس بالقصير في البحث والتنقيب عن أشخاص يصلحون للقيام بمهمة تمثيل الشعب شريطة أن يكون لديهم الشعبية الكافية التي تضمن لهم النجاح في الانتخابات واعتقد أن أولي الصفات الشخصية التي يجب أن تتوافر فيمن يصبو إلي تمثيل الشعب هي أن يكون شخصا خلاقا ومبدعا ومبتكرا فنحن في أمس الحاجة إلي حلول غير تقليدية وغير نمطية لمشاكلنا المتراكمة وهذه الحلول غير التقليدية لن يستطيع القيام بها إلا أشخاص غير تقليديين. هذه واحدة والثانية أن يكون الشخص لديه صفات الريادة والقيادة والزعامة ومتمتعا بمهارات الخطابة واللباقة وحسن الحديث، يستطيع أن يحاور ويتحاور مع من يختلف، يستطيع أن يشرح وجهة نظر حزبه الذي ينتمي إليه ويصل بأفكاره إلي القاعدة العريضة من الشعب، إن من يمثل الشعب لابد وأن يكون لديه رؤية واضحة لأجندة العمل الوطني يستطيع من خلالها استشراف المستقبل مهتديا بقراءة واضحة للتاريخ المصري العريق. إنني في أمس الحاجة إلي قراءة صحيحة للتاريخ فالتاريخ كائن حي علي مر الزمان يفتح ذراعيه محتضنا كل راغب في تعلم الدروس واستلهام العبر، إن ممثل الشعب يجب أن تكون لديه رؤية واضحة لمشاكل الإقليم الذي يمثله وهي بالطبع مشاكل محلية بالإضافة إلي رؤيته لمشاكل أمته ووطنه، إن تحديات جمة تواجه وطننا مصر.. تحديات داخلية وإقليمية ودولية تحتاج إلي رؤية واضحة شاملة حتي يمكننا التغلب عليها جميعا. لدينا من يتربص بوحدتنا الوطنية لدينا من يريدها دولة متطرفة لدينا من يريدها إمارة تابعة لآخرين لدينا من يريد أن يشعل حروبا في المنطقة العربية لدينا مد شيعي يريد أن يطوق المنطقة العربية من خلال جسور علي الحدود المصرية، لدينا دول للجوار في طريقها إلي التفتت والإنفصال، لدينا أزمات داخلية معظمها سلوكية وثقافية واقتصادية بيد أن التحديات ضخمة والأحمال ثقيلة ولن يستطيع حملها سوي رجال مخلصين لشعوبهم وأوطانهم. إنني أقول هذا الكلام بمناسبة وجود مجلس شعب جديد جار تشكيله وتكوينه واختياره خلال هذه الأيام وبالطبع فإن هذا المجلس عليه من المسئوليات الجسام ما يدفعنا إلي تقديم هذه الكلمات إلي كل نائب في هذا المجلس، فمصر فوق الجميع، إنني أري أن المستقبل لن يقبل أوراق اعتماد الشعوب غير المبدعة وغير الخلاقة، لذلك علينا أن ننتفض ونرتقي فوق التفاصيل والخلافات والاختلافات. دعونا من تفاصيل الانتخابات، دعونا من الاستغراق طويلا في رصد التجاوزات أو الأخطاء دعونا كذلك أن ننظر إلي المستقبل بكل أبوابه المتسعة متسلحين بروح التفاؤل والأمل والطموح، علينا أن نعلم أن مصر في حاجة إلي جهود كل ابنائها بصرف النظر عن مواقعهم ومستوياتهم وتوجهاتهم، العمل العام ليس حكرًا علي فصيل دون آخر، العمل العام أبوابه مفتوحة أمام الجميع، لكن علينا أن نكون صادقين ومخلصين ونحن نتعامل مع القضايا الوطنية، علينا أن نبتعد عن الخلافات والاختلافات فمساحة ما نتفق عليه أكبر كثيرًا من مساحة ما نختلف عليه، إنني في ختام هذا المقال أري دورًا كبيرًا ومسئولية كبيرة ملقاة علي عاتق نواب الشعب الذين علي أعتاب شغل «وظائف غالية» وأتمني ألا تكون «وظائف خالية».