القرش الأبيض كان زمان (ينفع في اليوم الأسود).. أما الآن فالقرش الأبيض (جعل اليوم أسود) في شرم الشيخ.. ليس يوما واحدا بل عدة أيام.. هاجم القرش الأبيض السياح مصيبا بعضهم وأخيرا متسببا في قتل السائحة الألمانية العجوز.. لوث الدم الأحمر المياه الفيروزية الهادئة في شرم الشيخ وارتفعت علامات التحذير والخطر ومنع المصريين والأجانب من نزول البحر إلي حين القبض علي القرش الأبيض الذي قلب الأيام وجعلها سوداء.. كل من ذهب إلي شرم الشيخ ونزل شواطئها يعلم جيدا أن الشكل السطحي للبحر والهدوء الظاهري له ليس إلا قشرة خارجية تذخر تحتها الأعماق بحياة نشيطة لعالم بحري يصلح لنسج الأساطير وتأليف القصص الخيالية وأفلام الأكشن والرعب.. ولا تقتصر تلك المظاهر الحيوية علي أعماق البحر البعيدة إذ إنها تبدأ في الظهور بعد خطوات قليلة من خط البحر الساحلي.. فمع الشعب المتشابكة تختفي الأسماك الغريبة بألوانها العجيبة لتظهر فجأة ثم تعود للاختباء.. وبالرغم من سحر المناظر البحر أحمرية، لا يمكن إخفاء الخوف من غموضها وغرابة مخلوقاتها.. بل ربما يكون السحر والخوف هما سبب الجذب الأول للمصريين والأجانب للذهاب إلي شرم الشيخ.. ومثلها مثل أي محمية بحرية تتعرض شرم الشيخ إلي بعض الحوادث كأسماك سامة، أو حوادث غرق، أو غيرها من نتائج المغامرات البشرية أو التقلبات الطبيعية.. ولكن هجوم أسماك القرش علي الناس ليس من الحوادث العادية في شرم الشيخ.. فمن بين عدة مئات من أنواع أسماك القرش توجد أربعة أنواع فقط تهاجم الإنسان منها القرش الأبيض الذي يعتقد أنه الجاني وهو المتهم الأول في هجمات شرم الشيخ.. وتعيش القروش هادئة في مناطق يعرفها الغواصون جيدا ويهتم السائحون بتصويرها تحت سطح البحر ولكنها لا تهاجم ولا تأكل البشر.. ومن المعروف أيضا أن لحوم البشر ليست شهية الطعم بالنسبة للقروش لأنها قليلة الملح وهم لا يستسيغونها كثيرا.. فما السبب وراء تلك الهجمات؟ هل هي الشائعات عن وجود جثث حيوانية في البحر ربما وضعها صائدو القروش لجذب تلك الأسماك وصيدها، وأن رائحة الدم قد جذبت القروش الآكلة ليس هذا فحسب بل استفزتها لمهاجمة الإنسان؟ يبدو هذا منطقيا ومقنعا مع الأخذ في الاعتبار أن تلك القروش لم تكن تهاجم الغطاسين من قبل، وبطبيعتها لا تحب طعم البشريين.. وربما يكون صيد القرشين اللذين اعتقد البعض أنهما السبب وراء الهجمة الأولي هو السبب في الهجوم الثاني الذي راحت ضحيته السائحة الألمانية.. علي كل حال، لا ينبغي أن ننظر للأمر كله بشكل سلبي.. فالحراك السياحي الذي وضع شرم الشيخ علي عناوين الأخبار يعود الفضل فيه للقرش الأبيض.. وسوف تنتهي المسألة برمتها إن آجلا أو عاجلا وستعود الأجواء البحرية لطبيعتها الخلابة الخطيرة المخيفة الساحرة كما كانت دائما في خلجان شرم الشيخ.. ولكن الدور الأكبر يبقي علي القائمين علي السياحة هناك، إذ يجب عليهم بعد الخروج من هذا المأزق أن يستثمروا تلك الأحداث في شكل تذكاري سياحي يعيد للمقولة قيمتها ويجعل للقرش الأبيض نفعا حتي في اليوم الأسود..