انخفاض مؤشرات البورصات الأوروبية بقيادة أسهم السفر والترفيه    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال يستهدف كل المناطق التي زعم مسبقا أنها آمنة    الدنمارك: حذرنا مرارا من الهجوم على رفح ويجب تغيير النهج    سيراميكا يهزم مكادي ويتأهل لدور ال16 من كأس مصر    ختام فعاليات القوافل التعليمية لدعم طلاب الثانوية العامة بالوادي الجديد    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «لسة عندي أحلام عايز أحققها»    قومية سوهاج تقدم عرض اللعبة ضمن موسم مسرح قصور الثقافة بالصعيد    الخميس.. قصور الثقافة تقيم حفل أغاني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بمسرح السامر مجانا    محافظ الإسماعيلية يشيد بدور مجلس الدولة في فض المنازعات وصياغة القوانين    الأزهر للفتوى يقدم مطويَّةً فقهية توعوية للحجاج وللمعتمرين    نائب رئيس جامعة جنوب الوادي يتفقد لجان امتحانات نهاية العام    وزارة البيئة تطلق برنامج تدريبي لبناء القدرات في مجال التكيف مع التغيرات المناخية    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    تأجيل إعادة إجراءات محاكمه 3 متهمين بفض اعتصام النهضة    تعرف علي مناطق ومواعيد قطع المياه غدا الاربعاء بمركز طلخا في الدقهلية    خالد عبدالغفار: يجب تسريع وتيرة العمل للنهوض بصحة سكان إقليم شرق المتوسط    جمال رائف: الحوار الوطني يؤكد حرص الدولة على تكوين دوائر عمل سياسية واقتصادية    روسيا: لم نتلق وثائق رسمية من بولندا بشأن قيود مفروضة على تحركات دبلوماسيينا    أرسنال ومانشستر سيتي يسيطران على تشكيل الموسم بتصويت الجماهير    بيت الزكاة والصدقات ينتهي من المسح الشامل لقريتين في بورسعيد    «عياد»: «دليل التوعية الأسرية» نتاج للتعاون بين الأزهر والكنيسة و«الصحة»    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    رئيس الوزراء يتابع جاهزية المتحف المصري الكبير وتطوير المناطق المحيطة    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    "حاميها حراميها".. عاملان وحارس يسرقون خزينة مصنع بأكتوبر    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    تشكيل الدوري الإنجليزي المثالي بتصويت الجماهير.. موقف محمد صلاح    أفريقيا فى قلب مصر.. القاهرة ساهمت فى تدشين «الوحدة الأفريقية».. و«عبد الناصر» من الآباء المؤسسين.. مصر تعود إلى الدائرة الأفريقية فى عهد السيسى.. والشركات المصرية تدشن العديد من المشروعات فى القارة    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    الطب البيطرى: تحصين 144 ألفا و711 رأس ماشية ضد الحمى القلاعية بالجيزة    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    الجنايات تعاقب عامل بالسجن 3 سنوات لإدانته بالاتجار في الحشيش    سياح من كل أوروبا.. شاهد رحلات جولات البلد على كورنيش الغردقة    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    حل وحيد أمام رمضان صبحي للهروب من أزمة المنشطات (تفاصيل)    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    مع اقترابهم.. فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الثلاثاء 28-5-2024    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    فيلم السرب الأول في شباك تذاكر أفلام السينما.. تعرف على إجمالي إيراداته    مواعيد مباريات الثلاثاء 28 مايو - كأس مصر.. ودوري السلة    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية    وزيرة الهجرة تلتقي أحد رموز الجالية المصرية في سويسرا للاستماع لأفكاره    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    نقطة ضعف أسامة أنور عكاشة.. ما سبب خوف «ملك الدراما» من المستقبل؟    مصرع شخص صعقا بالكهرباء داخل منزله بقرية شنبارة فى الشرقية    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    وزير الصحة يبحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال    دويدار: الجزيري أفضل من وسام أبو علي... وأتوقع فوز الزمالك على الأهلي في السوبر الإفريقي    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    مدرب الألومنيوم: ندرس الانسحاب من كأس مصر بعد تأجيل مباراتنا الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحدث في بيوت الفنانين منزل ومرسم حامد سعيد يستغيث بوزارة الثقافة و«اليونسكو»
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 07 - 12 - 2010

بعد وفاته بأربع سنوات، تحول منزل ومرسم الفنان حامد سعيد، رائد الفن المصري الحديث، الذي كان مركزا للإشعاع الفكري والثقافي ومثالا للبيت التراثي المصري الأصيل يتوسط المزارع والحقول، إلي بيت قديم تسحقه الأبنية، صعدت بجانبه من كل اتجاه لتمحو ذاكرته ووجوده. كان "بيت الفن والحياة" أول إبداعات المعماري الشهير حسن فتحي بأسلوب القباب، واستحق لتفرده أن يكون أحد أهم عشرة بيوت في مصر، عاش فيه ومارس فيه الرسم، الفنان حامد سعيد، أحد رواد الفن المصري الحديث، وصاحب دعوة الحفاظ علي التراث والفنون المصرية القديمة، والذي اشتهر بأعماله المرسومة بالقلم الرصاص. كان سعيد مديرا لمراسم الأقصر، وللجنة التفرغ للفنانين والأدباء بوزارة الثقافة عام 1962، كما كان رئيسا لجمعية محبي الفنون الجميلة، أسس جماعة الفن والحياة، وأشرف علي مركز البحوث الفنية، وهو أول من أدخل رسم المناظر الخلوية في التعليم العام.
هنا تجري "روزاليوسف" تحقيقا، جمعنا فيه آراء بعض الفنانين الذي ترددوا علي هذا البيت، وبعض جيرانه حيث قال أحد سكان المنطقة والذي رفض ذكر اسمه: كان حامد سعيد يأتي كل يوم أربعاء، ليشرح الفن لكل فرد صغير وكبير، يقيم المحاضرات، ويجمع الناس ليري ماذا فعلوا الأسبوع الماضي، فقد أراد سعيد أن يقيم في هذا البيت حديقة للطفل، وأن يبني هرما معكوسا؛ يعلم الأطفال الفراعنة كيف بني بيوتهم.
وقد تحدث الفنان مع الدكتور محمود شريف محافظ القاهرة الأسبق، وتقرر ألا تقام أية مبانٍ في هذه المنطقة، وخصص المحافظ وقتها قطعا من الأراضي للأشخاص الموجودين، وبعد أن مات سعيد، بدأت المباني تظهر عن طريق التحايل علي هذا القرار، دون أن ندري كيف صدرت رخص البناء، لدرجة أن بعض أقاربه بدأوا في تقسيم هذه الأرض، التي لا تزال تتواجد فيها زوجة الفنان الراحل مدام إحسان خليل، مؤكدين أنهم سيدخلونها داراً للمسنين، لمرضها بالزهايمر. أما رضوان المسئول عن البيت فرفض الحديث، أو حتي اطلاعنا علي البيت من الداخل.
الفنان الدكتور محمود مبروك، أكد أن وزير الثقافة الفنان فاروق حسني وافق علي زيارة بيت الفن والحياة، وأبدي استعداده بأن يأخذ البيت كمتحف لوزارة الثقافة، وقال لنا إن هذا البيت مهم للفنانين كي يروا التراث الفرعوني والإسلامي والقبطي، وذكر وقتها أن سعيد من أندر المفكرين المصريين الذين يعبرون عن أهمية التراث المصري، وحدث ذلك قبل وفاة حامد سعيد بعامين.
وأضاف مبروك: عندما بدأنا في تنفيذ هذا القرار وجدنا مشكلة عدم وجود أوراق رسمية للأرض وللبيت، الذي بناه حسن فتحي عام 1942 وسط أراض زراعية، ويعتبر أول تجريب له في تشييد بناء من الطوب النيء، وتكرارا لتجربة قرية "الجرنة" في الأقصر، وهو موثق في كتاب " القصور المصرية والفيلات من عام 1808 إلي عام 1960 ، كأحد أهم عشرة بيوت في مصر، فهو نموذج مهم يجمع بين شيئين، الأول أن من صممه هو المعماري الرائد حسن فتحي فلا يجب أن يتملكه أحد، والثاني أنه بيت لحامد سعيد أحد أهم رموز الحركة التشكيلية المصرية، كما أن سعيد وافق علي أن يمنح البيت بعد وفاته إلي وزارة الثقافة، علي أساس أن يكون متحفا دائما لجمعية ومركز الفن والحياة، وأن يقام في حديقة البيت مدرسة للأطفال يتعلمون فيها الفنون والتراث، وكان هدفه نبيلا وواضحا،
وهو أن يستمر الفكر المصري في الفن، كما أن أسرته وافقت بدون أي شروط علي إبقاء البيت وأن تمنحه للدولة بكل مقتنياته، لكن بعد وفاة حامد سعيد انفصلت الدنيا عنه، ونسي الموضوع، وكل فنان استرد أعماله من البيت، كما أن لوحاته ورسوماته انتقلت إلي مكتبة الاسكندرية، وهي مهمة جدا؛ لأنه سيأتي جيل آخر يبحث عن حامد سعيد، فالكتب القليلة التي كتبها ذات قيمة عالية جدا في مجال التراث الفني والحضارة المصرية.
وأوضحت الفنانة الدكتورة عايدة عبدالكريم: البيت كان بالنسبة لي نموذجاً؛ لأنه أول بيت انشأه المعماري حسن فتحي الذي جمعته بالفنان صداقة، بالطين والقباب، وكان بيتا مثاليا، بالطبع الفنان الراحل كان صاحب عطاء عظيم، فهو كان مؤمنا برسالة، وهي الشخصية المصرية، فمن كان يتوسم فيه قدرته علي الاستيعاب والفهم كان يهتم به ويرتبط به، وكان البيت يحتوي علي نماذج فنية حياتيه كالكتب، التماثيل، المشربيات، فوانيس نحاس صنعت بصيغ فنية، كما أن كل شيء في البيت كان له معني وارتباط بالحضارة المصرية الأصيلة سواء الفرعونية أو القبطية أو الإسلامية، بالإضافة إلي ما كان ينشد له بوجود حضارة حديثة ولكن نابعة من الجذور.
وأضافت عايدة: كان بيته متحفا يجتمع فيه الدارسون والفنانون، والأراضي التي كانت حوله هي ملك لأقارب سعيد، وكانت الأرض التي أمام البيت عبارة عن غابة نخل بديعة، كنا نحلق بأرواحنا عند زيارة هذا المكان، وهذا كان انطباعي، وكنت اهتم بالذهاب إلي هناك كل أسبوع، علي الرغم من أنني كنت أمشي علي أنبوب مياه لأصل للبيت، وكان ينظم لنا رحلات للعديد من المناطق الأثرية، وكنا جماعة نقوم بتأمل القيم الجمالية الفنية التي تحمل معاني وتأثير الشخصية المصرية؛ وكنا نأمل جميعا أن يستمر هذا البيت لتأدية دوره، وأن يكون مكانا للرواد.
وتابعت: استجبنا لزوجة حامد سعيد حينما طلبت منا استرداد أعمالنا التي اهديناها له؛ وبذلك لم يصبح في البيت النموذج المتحفي والأعمال التي تحمل الروح المصرية، فزوجته اعتكفت في المكان وكانت لا تريد أن تقابل أي اشخاص بعد وفاته، كما أنها أهدت أعماله جميعها لمكتبة الإسكندرية.
وأشار الفنان الدكتور ياسر منجي إلي أن حامد سعيد كان غزير الإنتاج قائلاً : له آلاف الاسكتشات واللوحات الزيتية وعشرات الدراسات، كما كان الفنان يمارس النحت، وذلك يدعو للتساؤل: إن لم يكن هذا التراث بداخل بيته، أين ذهب؟!!، هل تم بيعه؟، أم أخذه آخرون؟، ومن أخذه هل كان بغرض الحفظ؟ أم بغرض التوثيق.
يواصل: تاريخ حامد سعيد الفني والثقافي يوجب علي من تبقي علي قيد الحياة من ذوي قرابته وتلاميذه ومحبيه ومريديه توضيح هذا الأمر، وما يمتلكونه من وثائق وصور وتسجيلات كافية بأن يضع يدنا علي التصور المبدئي لكم هذا التراث، لنتساءل: كم تبقي من تراث حامد سعيد.
وأكمل منجي: البيت حاليا أصبح مجاورا للمشتغلين في السمكرة والميكانيكا، وأحيانا يتم إسناد بعض أجزاء السيارات علي سور البيت المصنوع من البوص، إذا أضفنا لذلك عبث الأطفال، وتشوين مواد البناء الخاصة بالمتاجر الملاصقة للمنزل؛ ولذلك هذا الكيان الضعيف الهش بدأ ينهار؛ وهذا يفسر وجود سور من الطوب الأحمر، بناه الموجودون في البيت بداخل السور الأصلي، وهذا متنافي تماما مع فلسفة بناء حسن فتحي، وهي فلسفة بناء العمارة بخامات طبيعية ملتحمة بالطبيعة، وهو ما عرض هذه الفلسفة للتدمير، بفعل المحيطين بهذا الكيان الثقافي العريق، فبالرغم من أن المحيطين بالبيت بسطاء إلا أنهم مدركون من هو حامد سعيد، ولم يشفع لهم هذا الإدراك أن يحافظوا علي هذا المكان الذين يعرفون خصوصيته.
وقالت الفنانة إيمان إبراهيم إحدي المترددات قديما علي البيت: عندما كنت طالبة كنا نقوم بزيارات لبيوت الفنانين ليتعرف الطلبة علي الفنانين وحياتهم وفنهم، وكان بيت سعيد وسط مساحة خضراء كبيرة جدا، كنا نتلهف وقتها كطلبة علي رؤية هذا البيت، وطريقة معيشة حامد سعيد، وطريقة أكله وشربه، كان شخصا هادئا يتحدث معنا بهدوء، وكنا لأول مرة نري بيتا من بيوت حسن فتحي التي كنا نراها في الكتب، فكانت تجربة مفيدة جدا لنا، وكان البيت بقدر بساطته نظيفا للغاية، به راحة كبيرة، الإضاءة الطبيعية تدخل البيت من الفتحات الموجودة في السقف، والزجاج الملون، وفتحات التهوية الطبيعية، لكننا لو دخلنا هذا البيت حاليا بالطبع لن نجد هذا.
ورأي الناقد محمد حمزة أهمية تنازل ورثة حامد سعيد عن هذا البيت لوزارة الثقافة كي تتخذه متحفا لها، فهذا يذكرنا ببيت أم كلثوم حينما باع أرضها الورثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.