كتب: بيل كلينتون منذ عشر سنوات وبينما يستعد العالم لإحياء ذكري اليوم العالمي لمرض الإيدز، كنت أنا أستعد لأترك منصبي كرئيس للولايات المتحدةالأمريكية. وكان العالم قد بدأ حينها فقط ادراك مدي خطورة تفشي مرض الايدز.فنحو 36 مليوناً من رجال وسيدات وأطفال مصابون بمرض الايدز ولكن عدداً من يتلقون العلاج فقط 000 200 شخص.فالتمويل حينها لم يكن يقترب من المستويات المطلوبة للحيلولة دون انتشار المرض وتحوله إلي مستوي الوباء. وعلي مدار العقد الماضي شهدت مجالات العلاج والتمويل تقدما ملحوظاً وفي العام 2008 فقط بلغ مجموع الاستثمارات حوالي 15 مليار دولار خصصت لمكافحة المرض في الدول النامية، في إطار برامج خطة الرئيس الطارئة لإغاثة مرضي الإيدز (بيبفار)، فيما لم تتجاوز الزيادة قبل ثلاث سنوات مجموع 6 مليارات دولار. وعندما زرت جنوب أفريقيا لمتابعة كأس العالم في صيف 2010، رأيت واحداً من أروع الأمثلة علي هذا التقدم. ويضم هذا البلد وحده أكبر عدد من المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة - الإيدز - علي مستوي العالم. وعلي مدي سنوات طويلة لم تقدم لهم الحكومة سوي القليل لمكافحة المرض، ولكن هذا العام التزمت جنوب افريقيا بخطة علاجية تقضي بتوقيع الاختبارات علي عشرات الملايين من المواطنين، ومضاعفة أعداد الأشخاص المقدم لهم العلاج. ويشرفني دعوتهم ل"مبادرة كلينتون العالمية" للعمل معهم علي تحقيق ذلك الهدف المنشود. وتلك الإجراءات الجديدة التي تعكس حالة الطوارئ، والهدف المشترك في أفريقيا ومناطق أخري حول العالم لمكافحة المرض، وهو ما لم يكن موجودا قبل عشر سنوات. وسارعت مجموعة الدول المانحة، والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل و الملاريا، فضلاً عن المنظمات غير الحكومية- مؤسستي ألتون جون، وجيتس- إلي تقديم مساهمات كبري تساعد علي تنمية الوعي والاهتمام والالتزام بما يضمن انقاذ الملايين من الأرواح. وبرغم تلك الجهود لا يحظي بالعلاج سوي ثلث المحتاج من المصابين، فنحن نخاطر بفقد حياة الكثيرين ما لم توجد سبل جديدة للتغلب علي الانخفاض في تمويل الحكومات بسبب الأزمة المالية العالمية. فنحن في حاجة ملحة إلي إنقاذ المزيد من الأرواح بالأموال التي لدينا. ويعد أسلوب جمع المساهمات الصغيرة - بشكل ودي- من أفضل الطرق المستخدمة في تنمية الاستثمارات. ولقد حققت الحكومة الفرنسية تقدما مذهلاً في هذا المضمار من خلال تحصيل رسوم الخدمة لتذاكر الطيران. وتستخدم الأموال التي يتم جمعها وتحصيلها في تمويل المرفق الدولي لشراء أدوية لعلاج الايدز وأمراض أخري في الدول الفقيرة. ولهذا نحاول الآن تطبيق التجربة في الدول الأخري بمنح الركاب المسافرين الفرصة لتقديم مساهمات تطوعية عند شرائهم تذاكر الطيران.وفي نفس الوقت علينا بذل المزيد من الجهد وتدشين أفضل طرق التنسيق للتمويل بين المانحين والحكومات الوطنية. بما يعني التأكيد علي مطالبة الدول المانحة بالعمل علي تحسين نظامهم الخاص بما يتيح لهم فرصة إنفاق نسبة أكبر من أموال المعونة علي الدول المستفيدة. وبفضل الجهود التي قامت بها مؤسستي بالتوازي مع منظمات اليونايتيد وصندوق التمويل الدولي وبيبفار ومؤسسة جيتيس،انخفضت تكاليف العلاج بالعقاقير المضادة للفيروسات ARVs ونجحت في الحد من ارتفاع تكلفة العلاج لدرجة وصلت إلي أقل من 200 دولار للشخص سنويا. فضلا عن تحقيق انجازات رائعة في توفير خدمة توقيع الاختباراتCD4 والتي تتيح للأطباء تقييم مدي استجابة المرضي للعلاج. إلي غير ذلك من الاختبارات المعملية والتي انخفضت هي الأخري بنسبة تصل إلي أكثر من 50%. مع هذا لا نزال في حاجة إلي تذليل باقي العقبات مثل الاتفاقيات التجارية التي تمنع المصنعين من توريد العقاقير المضادة للفيروسات ARVsلدول العالم النامي. كما أننا بحاجة للعمل بشكل جيد علي تجنب الإفراط في التخزين ونقص الأدوية وانتهاء صلاحية المخزون. لذا يتحتم علينا العمل علي تنسيق تدفقات التمويل بشكل أفضل بين الجهات المانحة والحكومات الوطنية لضمان أن الموارد تلبي الأولويات الأكثر إلحاحا. وكانت حكومة رواندا قد طالبت شركاءها المنفذين تقديم ميزانية وبيانات مفصلة عن حجم الإنفاق،بما أتاح للحكومة الإطلاع علي بيانات تلك المناطق التي تعدت فيها نسبة المساعدات الخارجية المقدمة للفرد الواحد 15 دولاراً سنوياً، من تلك المناطق التي لم تتعد فيها قيمة المساعدات المقدمة للفرد 4 دولارات فقط. وبناء علي هذه البيانات نجحت وزارة الصحة الرواندية في توقيع اتفاقات مع عدد من الشركاء لضمان توزيع أكثر عدالة وكفاءة للموارد. ولهذا ينبغي علي الحكومات الأخري أن تتبع نفس منهج الحكومة في رواندا. فعلي سبيل المثال توفير المضاد الحيوي لجميع المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة منذ بداية تشخيصهم بالمرض في جنوب الصحراء الأفريقية وهو ما يمكن خفض عدد الوفيات جراء الإصابة بأمراض شائعة مثل الالتهاب الرئوي والإسهال بتكلفة تصل إلي 0.37 دولار لكل مريض سنويا. وهو ما يجب أن يكون المعيار الأساسي للرعاية الصحية كذلك الوقاية من السل الذي يكون السبب المباشر في وفاة أربعة أشخاص من بين المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة.كما أن مضادات مثل أيزونيازيد يمكن أن يقلل عدوي السل بين المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة. وأخيرا، فينبغي علينا جميعا مواصلة حث الدول المانحة والمؤسسات مثلما فعلت أنا وبيل جيتس أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي لمراجعة الميزانية بهدف تخفيض النفقات العامة.فإذا تم خفض تكلفة المستشارين من الدول المانحة فيمكن انفاق المزيد من المساعدات لإنقاذ الأرواح. هذه ليست سوي عدد قليل من السبل التي نستطيع من خلالها زيادة أثر جهودنا في الوقت الذي لا يواكب فيه التمويل الاحتياجات المتزايدة. وعلينا أن نواصل البحث عن إيجاد سبل للقيام بالمهام علي نحو أفضل وأسرع وبتكلفة أقل. وعلي سبيل المثال، في اجتماعنا مبادرة كلينتون العالمية عام 2006 شركة ليف اي شتراوس اند كو التزمت بمد جميع العاملين فيها وعائلاتهم بعلاج الايدز ومرض نقص المناعة المكتسبة فضلا عن تقديم المشورة والرعاية والوقاية الصحية والتعليم لأكثر من 40 دولة حيث تعمل الشركة. فهذا هو اليوم العالمي للإيدز.. وعلي الرغم من الازمة الاقتصادية وزيادة التنافس علي أموال المساعدات، فنحن نستطيع إنقاذ الكثير من الأرواح بمنح المزيد من الأشخاص الفرصة لتقديم المساعدة وبذل المزيد من الجهد. الريس الثاني والأربعون للولايات المتحدةالأمريكية نقلا عن الإندبندنت البريطانية ترجمة مي فهيم