اسئل أي شخص تتوسم فيه الثقافة والمعرفة عن اسم رئيس وزراء سويسرا.. لن تجد أحداً يستطيع أن يجاوبك حتي لو كان سويسرياً!. أما عن مركز رئيس الاتحاد السويسري وهو مركز تشريفي فلا أعتقد أن هناك كثيراً من السويسريين يعرفه أو يهتم بوجوده الشرفي. منصب ملكة بريطانيا التي تملك ولا تحكم هو أيضا تشريفي ولكن كل شخص في العالم يعرف اسم المكلة ورئيس اتحاد دول «الكومنولث» تمام المعرفة ولها مقام ومحبة كبيران عند غالبية الشعب البريطاني وأيضا خارج بريطانيا خصوصا في الولاياتالمتحدة فهناك شعبية كبيرة للعائلة المالكة رغم كل ما تسمع من انتقادات. أما فيما يخص سويسرا «ملك» سويسرا إذا كان له وجود فليس له أي أثر محسوس.. لكي يفهم الإنسان الوضع الخاص لسويسرا يجب أن يكون عنده خلفية جيدة عن تاريخ الاتحاد السويسري.. وبحكم أن عائلتي امتلكت من عشرات السنين منزلاً علي حدود سويسرا اقتربت من هذا المجتمع ما فيه الكفاية بحيث إنني أستطيع أن أفهمه إلي حد معين وفي عدد من المقالات أريد أن أعطي المجتمع السويسري والنظام السياسي والاجتماعي السويسري ماله وما عليه من وجهة نظري المتواضعة وفي حدود فهمي للأمور. أريد من كل هذا فقط لألقي الضوء علي أشياء قد تكون لها أهمية لمصر واهتمامي بهذه المواضيع ما كان ممكناً أن يكون لو لم يكن ذلك ذا أهمية لمصر.. فمصرنا هي البداية ومصر هي الهدف.. ولكي يعرف الإنسان مكانه من المجتمع الدولي لابد أن يفهم هذا المجتمع بقدر الإمكان. لا يمكن أن يفهم الجزء إلا من خلال الكل وحتي نستطيع أن نتكلم عن النظم الديمقراطية يجب أن ننظر لأقدم نظام ديموقراطي ما زال قائماً في أوروبا وهي سويسرا إذاكان الإنسان يعيش في هذا المستوي المرتفع من رفاهية وثقافة وأمان حتي من الحروب حيث إن سويسرا دولة محايدة من مئات السنين علي الرغم من أن سويسرا لا يهتم فيها أحد باسم الوزراء أو رئيس الوزراء إذن لابد من سويسرا وليس «فيينا» هي ما يجب أن تتغني بها «أسمهان» وتقول «دي سويسرا روضة من الجنة». الحقيقة سويسرا بلد عظيم ولكن هو أبعد ما يمكن عن الجنة وبه من المشاكل المختلفة ما يكفيه وسوف أتطرق في مقالاتي هنا إلي رأي رجل أعرفه حق المعرفة وهو معماري سويسري تحول إلي كاتب وأديب كبير وحصل علي جائزة نوبل في الأدب. كان هذا الكاتب الكبير «ماكس فرش» يعتبر بلده من أسوأ البلاد في ضيق الأفق والعنصرية وكتب قصة مروعة «أندورا» يصف فيها إجرام الحكومة السويسرية في معاملة اليهود اللاجئين إليها خلال الحرب العالمية الثانية. ونكمل غدًا