من خلال ثلاثة فنانين أقيم مؤخرا بقاعة خان المغربي معرض بعنوان "3 رؤي معاصرة" للفنانين عمر الفيومي، عاصم شرف، شريف عبد البديع، تنوعت خلالها الأعمال الفنية المعروضة بين التصوير والنحت. تناول الفنان عمر الفيومي الجسد الإنساني بحركاته المختلفة بأسلوب يميل إلي الواقعية من حيث النسب مع نوع من التحريف والاستطالة معتمدا علي رسم الأجساد الآدمية من خلال ألوان مصمتة، ترك فيها لحدود تلك الأجساد العارية تماما مهمة رسم مجمل لوحاته، مبتعدا عن تفاصيل الوجوه والملامح، تباينت خلالها الألوان المستخدمة بين الأسود والأزرق الغامق لتشكيل الجسد، واستعمل الألوان الفاتحة في رسم خلفيات أعماله بطريقة متداخلة أضفت عليها إحساس الحلم. ظهر في أعمال الفيومي استلهامه لرسوم الحضارات القديمة علي الكهوف وغيرها من حيث التبسيط في رسم الشخوص الآدمية، ومن حيث تلخيص منظور الأشخاص وجعلها تقف كل مجموعة علي حدة في تكوينات حركية فوق بعضها دون أن تتداخل خطوطها، ونجده أحيانا أخري يدمج بين تكويناته وتتداخل خطوطها، لكن تبقي لكل منها شخصيتها المستقلة. كما قدم الفيومي من خلال المعرض مجموعة من أعماله النحتية بتقنية اللحام، من خلال استخدام بقايا الحديد الخردة في تشكيل عمل فني، كان فيها الجسد الآدمي أيضا هو البطل، وجعل لشخوصه عالمها الخاص، نجدها أحيانا مبتورة الأطراف وفي وضع حركي يعبر به عن المحاولة والمقاومة لفعل رغم العقبات والصعوبات التي تواجهه، ونجده أحيانا أخري يستخدم عيدانا معدنية يشكل بها وبثنياتها أطراف أبطال لوحاته، بما تحمله من استطالة وتحوير في الشكل، ونجده دائما قد جعل تلك الأجساد وقد التصقت بتكوينات علي شكل كرسي يعبر بها عن محاولة النهوض والتحرر. وكان الجسد الإنساني أيضا هو محور أعمال الفنان عاصم شرف، الذي اختار لها وسيطا مختلفًا، فقد استعمل الفنان عجائن الورق لصنع لوحات من التصوير هي أقرب لفكرة النحت البارز، وقد أضاف الفنان لتلك العجائن خليطا من عيدان النباتات الجافة معطيا لها إحساسا طبيعيا، وكأنه يقصد بهذا الخليط التلميح بالعودة إلي الطبيعة، وقد زاوج في أعماله تلك بين شخوصه التي تسبح في فضاء أعماله وبين خرائط لقارات العالم جعل بعض منها جزءًا من تلك الأجساد، وكأنه يعيد رسم خرائط الأعراق، وقد راعي الفنان الهروب بلوحاته خارج إطار التقليدية، فحافظ علي وجود ثنيات وقطوعات مختلفة في حدودها الخارجية. أما الفنان شريف عبد البديع فقدم في المعرض أعمالا في مجال التصوير نقل من خلالها رؤيته الفنية وعوالمه السحرية، تسبح فيها عناصر لوحاته، وكأنها في دوامة تتطاير خلالها الأجساد الرموز والموتيفات، التي نلحظ من خلالها أجسادًا آدمية وأجساد طيور وحيوانات، لتجتمع تلك العناصر التي يغلب علي معظمها الألوان الداكنة خاطفة الأبصار، إلي مركز اللوحة الذي يجيء في وسطها، وكأنها طاقة من نور.