تخيل الأعياد بدون إجازات! سيكون هذا بمثابة العبث.. إذ إن الإجازات هي ما تجعلنا نشعر فعلا بوجود الأعياد.. فالإجازة هي الاختلاف عما هو سائد.. كسر الروتين.. الأيام التي تعبر سريعا لأنها الأجمل والأفضل.. الإجازات هي فرصة تقوية أواصر الإنسانية التي لا تتسع لها أيام العمل العادية وتكاد إجازات نهاية الأسبوع أن تلفظها أيضا.. والإجازات هي الوقت بدل الضائع في مباراة الحياة.. واستراحة بين الفصول للممثلين علي خشبة مسرح الدنيا.. وتمثل الإجازات بالنسبة لبعض الناس فرصة للانطلاق.. فيخرجون ويسافرون ويكتشفون أماكن جديدة، أو يزورون معالم متنوعة، أو يذهبون إلي مناطق يحبونها ويستمتعون بها.. وآخرون ينتظرون الإجازات للقاء الأقارب والأصدقاء وللبقاء مع الأسرة لوقت أطول لا يتوفر أثناء أيام العمل.. وقد يخرج هؤلاء مع أصدقائهم أو يستقبلون عائلاتهم في زيارات وسهرات منزلية وخاصة في أيام الأعياد وفرصة الولائم العائلية.. أما الجديد في الإجازات فهي أنها أصبحت بالنسبة لكثيرين فرصة للنوم والكسل.. ويعتقد أصحاب مبدأ النوم في الإجازات أن أيام العمل هي أيام النشاط والخروج من المنزل وقيادة السيارة للعمل في الشوارع المجنونة والبقاء خارج البيت طوال النهار وبعض الليل أيضا وقلة ساعات النوم والإرهاق العصبي والجسدي والنفسي.. وعلي ذلك تصبح الإجازة بما أنها نقيض العمل فرصة للبقاء في المنزل وعدم قيادة السيارة وعدم القيام من النوم مبكرا، بل عدم الصحيان أصلا.. وهي فرصة للكسل وعدم النظر في الساعة ولا معرفة الوقت.. والإجازة هي الفرصة النادرة للراحة بكل معانيها.. ويري قليلون من الناس أن الإجازات أو علي الأقل بعض وقتها هي فرصة للحاق بالحياة وتعويض الأعمال المؤجلة.. فهي فرصة لإصلاح السيارة، وأعمال صيانة السباكة بالمنزل، وتغيير المصباح الذي يحتاج التغيير منذ شهر، وترتيب المكتبة المنزلية، واستذكار وحدة العلوم الخاصة بالنبات مع الابنة الصغيرة لأنها لم تفهمها في المدرسة.. وهو اتجاه مختلف تماما مع أصحاب فكرة الإجازة هي النوم.. ولكنها شكل آخر من أشكال الاستفادة من الإجازات.. ومهما اختلفت نظرة الناس لمفهوم الإجازة؛ فسحة أم زيارة، راحة أم عمل، تبقي الإجازة أياما سعيدة لكل الناس لأنها تحمل نوعا من الاختلاف.. من التوقف لصنع شيء مختلف حتي لو كان هو النوم.. وتبقي للجميع مميزات الإجازة وخصائصها كما هي: الشوارع أكثر هدوءا وجمالا.. واجهات المنازل والمباني تنطق بالخمول بنوافذها المغلقة.. الناس أكثر سعادة وأقل هموما ولو إلي حين.. اليوم الأول في الإجازة هو الأفضل.. واليوم الأخير فيها هو الأسوأ.. لأننا غدا سنعمل.. ولا تصدق من يقول أنه سعيد لأن الإجازة انتهت، مهما كانت أسبابه.. ما أحلي الإجازات وما أجمل الأعياد.. وكل عيد وكل إجازة والجميع بخير وسعادة.. ولينعم الجميع: المسافرون والمدعوون والنائمون والآكلون والعاملون بإجازة مثمرة ووقفة هادئة لشحن البطارية جيدا لحين العودة من الإجازة..