داري العيون .. داريها!

عيون المرأة المنقبة حرام إذا كانت مثيرة!
(1)
أحاول جاهدًا أن أفهم الفتوي التي أصدرها الشيخ مطلق النابت من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأن المرأة المنقبة واجب عليها أن تغطي عينيها، إذا كانت مثيرة!
لم يكتف الشيخ بذلك، بل أكد أنه أصدر أوامره لأعضاء الهيئة بأن يصدروا الأوامر لأي امرأة بأن تغطي عينيها فورًا إذا كانت مثيرة للفتنة.
جاءت تصريحاته في أعقاب مشاجرة بين أحد أعضاء الهيئة وأحد الأزواج الذي كان بصحبة زوجته، ولما رفض الزوج الأوامر، أخرج العضو سكينًا وطعنه في صدره وظهره.
(2)
دخل الزوج المستشفي بعد أن وصلت الإصابة إلي رئته، والسؤال هنا: ما هي مواصفات العيون المثيرة الواجبة التغطية؟.. ومن الذي يحدد ذلك.. وما حكم العيون التي يراها البعض مثيرة والبعض عادية؟
للتأكد من فتنة عيون المرأة، يجب أن تنظر لها مرة أو مرتين، وأحيانًا أن تدقق النظر.. ومن يفعل ذلك يرتكب ذنبًا، لأن النظرة الأولي له والثانية عليه.
قد يصادف الحظ العثر أحد الأزواج إذا التقي اثنين أو أكثر من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واختلفوا حول عيني زوجته.. ماذا يفعل هذا الزوج المسكين؟
(3)
المسألة ليست بسيطة ولا سهلة، وتحتاج دورات تدريبية لأعضاء الهيئة، مزودة برسوم توضيحية حول «فتنة العيون» وبالطبع هناك مذاهب واتجاهات فقهية كثيرة ومتعارضة.
أحيانًا تكون الفتنة في لون العينين، والنقاب يظهر فتنة المقلة السوداء أكثر من المقلات الملونة، وكم من شاعر عربي ولهان سلبت العيون عقله، وأسكنته الجنون.
أسطورة الغناء العربي محمد عبدالوهاب له أغنية شهيرة يقول فيها «داري العيون داريها.. والسحر باين فيها».. والسحر حرام، والسحرة مأواهم جهنم وبئس المصير.
(4)
أشهر قتيل للعيون هو مسيلمة الكذاب، وكانت زوجته «ليلي» هي صاحبة أجمل عينين في الجزيرة العربية، وعندما أسره خالد بن الوليد، لمح عيني ليلي من وراء أستار الخيمة، فصاح مسيلمة: «قتلتني هذه».
كان مسيلمة قد لمح إعجاب خالد بعيني زوجته حسبما ورد في عبقرية خالد لعباس محمود العقاد فعرف أنه هالك لا محالة وتحققت مخاوفه ولقي حتفه.
عينا ليلي أيضًا هما اللتان لحستا عقل امرئ القيس، فهام علي وجهه في الصحراء، يبحث عن عينيها في وجه القمر، وكانت نوبات الجنون تزداد ضراوتها كلما غاب القمر.
(5)
الفتوي صعبة التنفيذ، لأن من بين اعضاء هيئة الأمر بالمعروف أنفسهم رجالا قلوبهم ضعيفة، كما أن بينهم أصحاب قلوب غليظة.. فماذا يفعل مرهفو الحس؟
معيار فتنة العيون لا يعتمد فقط علي سحرها وجمالها، ولكن علي نوع النظرة الثاقبة التي يرميها عضو الهيئة الموقر علي المرأة، وأحيانًا يري ما لا يراه غيره.
المسألة ترتبط إلي حد كبير بدرجة إشباع العضو، وهناك فوارق طبيعية بين العازب والمتزوج، وبين العازب المؤدب والمتزوج «البصباص» القرفان من زوجته النكدية.
(6)
الطامة الكبري تقع علي رأس الزوج الذي يصاحب زوجته صاحبة العيون المثيرة، التي يتم ضبطها متلبسة بالفتنة في الأسواق، فيتم توبيخه وتقزيمه وأحيانًا ضربه.
مثل هذا الزوج سوف تصيبه عقدة مزمنة من عيني زوجته، لأنها جلبت عليه المصائب، ربما لن يستطيع النظر إليها، ويلعن اليوم الذي رآها فيه.
هل يدخل «الرمش» في القياس، وأحيانًا تكون الرموش مثل السيوف، خصوصًا بعد حدوث تقدم هائل في فنون «المسكرة» والرموش الصناعية السادة والملونة.
(7)
بالفعل، أنا مع «الشيخ مطلق» في أن المرأة إذا ارتدت النقاب تركز كل فتنتها وأنوثتها وسحرها في عينيها.. إنها الغموض والمجهول والرغبة والضوء الذي يأتي من أعماق الليل.
حتي لو غطت عينيها فسوف تختزل سحرها في صوتها، أو في مشيتها أو في حركات يديها.. فكيف يطلب منها أن تغطي كل هذه الأشياء.. ولماذا تخرج من بيتها أصلاً؟
هناك نساء عظيمات.. طبيبات ومهندسات ومدرسات وأساتذة جامعة وعالمة ومفكرة وشاعرة وأديبة.. فلماذا لا يهتم بعض الشيوخ إلا بجسد المرأة، وينكرون عقلها؟
E-Mail : Karam_gabr@rosaonline.net