كشفت دراسة ميدانية لوزارة التربية والتعليم عن وجود 63 عاملاً اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا وراء تسرب طلاب الإعدادي من المدارس، وأوضحت أن المحافظات التي ترتفع بها نسبة التسرب هي القليوبية ومطروح وسوهاجوأسيوط والمنوفية والأقصرودمياط والمنيا وبني سويف والبحيرة. وأكدت الدراسة الصادرة عن المركز القومي للبحوث التابع للوزارة أن الفقر له تأثير كبير في زيادة التسرب خاصة مع زيادة اعتماد الأسر علي إسهام أبنائهم في نفقات المعيشة بالإضافة لضعف العائد من التعليم وزيادة نسبة البطالة بين الخريجين. أشارت الدراسة إلي أن التكاليف غير المباشرة مثل الزي المدرسي والمستلزمات تمثل عبئًا كبيرًا علي الأسرة في حين تراجع تأثير المصروفات الدراسية علي التسرب بسبب قيام المجتمع الأهلي والخاص بتسديدها. وعن العوامل الاجتماعي أوضحت الدراسة أن وجود مشاكل أسرية وضعف متابعة الأسر لأبنائها يعدان من أكثر الأسباب إسهاما في التسرب من التعليم. ويأتي في المستوي الثاني تدني مستوي تعليم الوالدين وعدم توافر وجبة غذائية مناسبة لحاجة التلاميذ، وعدم وجود بنية محفزة علي الاستمرار في التعليم في حين لم يؤثر الزواج المبكر بنسبة كبيرة في زيادة التسرب بسبب التشريعات التي صدرت مؤخرا لرفع سن الزواج وتأخر سن الزواج في المجتمع عامة. أما عن الأسباب التعليمية والتي كانت الأكثر عددا حيث وصلت إلي 15 عاملاً فيأتي علي رأسها زيادة كثافة الفصول ما يحد من استفادة الطلاب وعدم قدرة الأسر علي دفع تكاليف الدروس الخصوصية وضعف أساليب علاج التلاميذ المتعثرين دراسيا وكذلك صعوبة المناهج المقررة من وجهة نظر التلاميذ وعدم قيام الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بمواجهة مشاكل التسرب وقلة الاهتمام بالأنشطة التربوية التي تدفع التلاميذ إلي البقاء بالمدرسة وقلة الوسائل التعليمية التي تيسر الفهم. جاء في المستوي الرابع من أسباب التسرب ضعف الرعاية الصحية المقدمة للطلاب حيث كشفت الدراسة أن 31.5% من عينة المتسربين لديهم مشاكل صحية. وأكدت أن العوامل المتعلقة بالطالب نفسه متعددة منها وجود رفاق سوء، وكراهية للتعليم، وتحمل المسئولية الاقتصادية عن الأسرة وتفشي ظاهرة التدخين والإدمان وضعف الدافع والطموح، وكثرة الأبناء مع تعدد الزوجات وضعف الحالة الاجتماعية وضعف القيادات المدرسية وتخبط القرارات وعدم وضوح رؤية مستقبل التعليم، وكذلك التهاون في محاسبة التلاميذ، وعدم وجود ارتباط بين المناهج وبيئة التلاميذ وعدم وجود صلاحيات لإدارة المدرسة في التعامل بجدية مع التلاميذ والمتسربين ورهبة التلاميذ من الاختبارات المتكررة طوال الشهر وزيادة عدد المواد الدراسية وعدم قدرة المدرسة علي جذب الطلاب وضعف مخرجات المرحلة الابتدائية وعدم إجادتهم القراءة والكتابة، عدم مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ وعدم اهتمام المدرسة بحصد الغياب في كل حصة. وبسبب ارتفاع أجور بعض الحرف بالمحليات يتسرب الطلاب للعمل بها وأيضا تسهم قلة المواصلات بين المنزل والمدرسة وغياب الرقابة والإشراف من المجالس الشعبية والمحلية والمشاركة الاجتماعية عامة في زيادة نسبة التسرب. وكشفت الدراسة عن أن انتشار حالات الطلاق وزيادة عدد الإخوة في الأسرة سبب رئيسي في زيادة التسرب بالقليوبية في حين يأتي بُعد المسافة بين السكن والمدرسة والاختلاط بين البنين والبنات في الإعدادي وقلة خبرة معلمي التعاقد في نقل وتوصيل المعلومات أهم أسباب التسرب في محافظة مرسي مطروح. أما محافظة سوهاج فتلعب فيها العادات والتقاليد دورًا كبيرًا بالنسبة لتعليم الفتيات، وأيضا ضعف الحالة الاقتصادية وذهاب الطلاب إلي المدرسة دون وجبة إفطار وتشابه هذه الظروف كثيرا مع ما يحدث في محافظة أسيوط بالإضافة إلي ارتفاع أجور العمال الحرفيين والزراعيين وارتفاع تكاليف مجموعات التقوية، أما السبب البارز في ارتفاع نسبة التسرب بالمنوفية فهو اصطحاب أولياء الأمور لأبنائهم للعمل معهم في المدن الجديدة، وفي الأقصر يعد العائد الكبير من حركة السياحة وانتشار ألعاب «الفيديو جيم» خاصة مع عدم وجود رقابة من المدرسة أو الأسرة. وفي محافظة دمياط ترتفع يومية الطالب في ورش الموبيليا إلي 100 جنيه وهو ما زاد من سيطرة النزعة المادية علي أولياء الأمور والطلاب أنفسهم وفي محافظة البحيرة يعد انخفاض سن الزواج من أهم أسباب التسرب بين الطلاب. وقد اقترحت الدراسة عددًا كبيرًا من أساليب العلاج مشددة علي ضرورة تكاملها منها زيادة برامج التنمية وتوفير دخل مستقر لعائل الأسرة وتأكيد مجانية التعليم الإعدادي ومساهمة المجتمع المحلي في كفالة أبناء الأسر الفقيرة والتأكيد علي عدم عمالة الأطفال أقل من 15 سنة وتوفير الرعاية الصحية الكاملة لتلاميذ الإعدادي وتوفير وجبات غذائية ساخنة مشبعة للطلاب ما يضمن زيادة نسبة تركيزهم والتنسيق مع وزارة النقل لتوفير وسائل نقل مناسبة لضمان وصول التلاميذ إلي مدارسهم أو تسليم كل تلميذ اشتراك مواصلات مجانيا، وتدريب تلاميذ الإعدادي علي بعض المهن والأعمال المنزلية لمساعدة أسرهم ماديا وتنظيم برامج مسائية للطلاب المتسربين وتكييف العام الدراسي بما يتناسب مع المواسم الزراعية وعدم إلزام أو تكليف أولياء الأمور بأي أعباء إضافية وزيادة أعداد المدارس المخصصة للفتيات فقط ومنع العقاب البدني نهائيا وتطبيق الاستقلال الذاتي للمدرسة الإعدادية طبقا لظروف المنطقة الزراعية ووضع مناهج لها علاقة ببيئة التلاميذ.