عندما كنا صغاراً، وكانت تكنولوجيا الاتصال علي غير ما نعهده حالياً، كانت الزيارات العائلية، واللقاءات الشخصية، والسهرات الدافئة، معلماً من معالم الأعياد .. كنا ننتظر العيد، وأي مناسبة أخري، حتي تجتمع الأسر، ويتلاقي الأصدقاء، ويتقابل الأصحاب .. المهم أن يكون هناك اتصال، وأن يكون هناك تواصل .. واليوم زادت إمكانيات الاتصال، وقلت فرص التواصل .. في ليلة العيد، أمسك بجهاز الموبايل واكتب رسالة، في الغالب فيها إفيه أو ابتسامة سريعة، وأرسله بلمسة واحدة إلي قائمة الأصدقاء والمعارف .. واتصل بعدد معين من الأهل ممن لا يجوز إرسال رسالة لهم، أو رؤساء العمل ممن لا يفضل أن تقوم بمجرد إرسال لهم .. في نصف ساعة من الليل قم بهذا الطقس .. ثم نم بعد ذلك فقد أنهيت مهمتك بسلام... أو اسهر قليلاً لكي تقرأ الردود علي الرسائل التي أرسلتها، وحتي تقارن بين الرسائل التي تستقبلها، وتحدد أيها " أكثر طرافة" وتجديداً .. وإذا أردت التوفير، فادخل علي أحد مواقع الإنترنت، من التي تسمح لك بإرسال الرسائل القصيرة علي المحمول .. واكتب رسالتك القصيرة وأرقام التليفونات التي تريدها .. ثم أطلقها في عنان سماء الإنترنت .. لتهبط علي رءؤس الأصدقاء والأحباب بعدها بقليل .. وإذا كنت من الكسالي أو من البخلاء، فلا ترسل لأحد شيئاً .. وانتظر بعد العيد، واسأل كل من تقابله .. هل وصلتك رسالتي؟ .. وبالتأكيد سيكون رده بالإيجاب منعاً للإحراج من ناحية، أو لعدم التأكد من ناحية أخري .. ومن سيقول لا .. فتعجب أمامه، وقل له يبدو إن شبكات التليفون المحمول في العيد لا تعمل بكفاءة.. وفي كل الأحوال، لا عليك فقد وصلت تهنئتك بالعيد علي أي حال .. ففي الزحمة لا يدري كثيرون من أرسل ومن لم يرسل! ولا يهتم كثيرون بسبب تقليدية الحدث بمن أرسل أو بمن لم يرسل وإذا كنت ممن عاشوا أيام الفقر الاتصالي والثراء التواصلي، فلا عليك سوي أن تغمض عينيك وتسترجع الذي مضي، وفي الاسترجاع بعض السلوي، وفي الذكريات الجميلة بعض التسلية .. أو فافتح جهاز التليفزيون وشاهد حفلاً ل" عمورة"، أو " تامورة" حتي تفيق من هذه اللحظات الجميلة .. أو وهذا هو الحل المفضل لدي كثير من الناس " اطفي النور ونام" .. كل سنة وحضراتكم طيبين.