هذا هو ما نشعر به عند حلول يوم العيد.. يوم الإجازة والفرحة.. يوم الزيارات واللقاءات التي يطول انتظارها بين الأصدقاء وبين العائلات. ويعتبر العيد من الأيام التي لا يزال يحرص المصريون علي الحفاظ علي شكلها التقليدي القديم من خلال فكرة انتهاز فرصة العيد للقاء الأهل والأصدقاء.. الذين تمر أيام كثيرة دون أن نراهم. ألحظ دائماً أن الناس تنتظر العيد لتفرح.. ليس فقط لأنهم محتاجون لأن يفرحوا، بل لأن ضغوط الحياة اليومية جعلت من الفرح أمنية يتمني الكثير منا الحصول عليها ولا يقدر.. للدرجة التي تجعل الأمر وكأن العيد وقفة للفرح.. فاصل قصير نشحن به بطارية نفسياتنا حتي تنفعنا عندما نعود لضغوط الحياة ومشاغلها بعد انتهاء إجازة العيد. (إحنا محتاجين نفرح): عبارة أصبح يرددها كثير من الناس.. الخروج والتنزه والزيارات والطعام من مظاهر الفرحة ومن الأسباب التي تجعل أطفالنا ينتظرون مجيء العيد بفارغ الصبر. إذ يرتبط الفرح والسعادة بالمشاركة الاجتماعية في كافة المناسبات الدينية والوطنية.. والمشاركة هنا تعني الإسهام في توطيد العلاقات بين أبناء مصر. وأكاد أقول إن مظاهر الاحتفال بالعيد هي الوجه العملي لعملة المواطنة بعيداً عن الوجه النظري والتفسيرات الأكاديمية والتحليلات السياسية التي نسمعها كل يوم. صارت الضغوط الحياتية اليومية التي يعاني منها الإنسان المصري تكبل وقته ولا تسمح له بالتفاعل الحقيقي مع أصدقائه سوي خلال أيام الأعياد.. فتتجدد فيها علاقاتنا الاجتماعية سواء علي مستوي العائلة أو علي مستوي الأصدقاء من خلال الزيارات الودية، أو الاتصالات الهاتفية، أو حتي مجرد الرسائل القصيرة. فتصير الأعياد بالإضافة إلي قيمتها الأصلية، حالة من الإنتعاش الاجتماعي للعلاقات الإنسانية المفقودة. مهما يقولون عن مكاسب شركات الاتصالات بسبب رسائل واتصالات الأعياد سنبقي علي عاداتنا في الاتصال وإرسال الرسائل وتمني الأمنيات الطيبة بعضنا لبعض بمناسبة العيد.. وسنفرح بتلقي تلك المكالمات والرسائل حتي لو كانت مكررة، وحتي لو كانت لا تحوي سوي عبارة (كل سنة وانت طيب).. وإن كانت العبارة تفرحنا من أصدقائنا إلا أنها بصراحة شديدة ستفقد معناها الجميل بسبب المتسولين وأنصاف المتسولين الذين يستخدمونها (حتي بدون عيد).. فتجد عامل النظافة في الشارع، والبواب، وصبي السوبر ماركت، وفرّاش المكتب لا يعرفون سوي هذه العبارة ويرددونها كل يوم.. بدلا من أن يقول لك: (صباح الخير)، يبادرك ب (كل سنة وانت طيب يا بيه).. وكلك نظر يا بيه.. إذا كان هذا في العيد فأنت بالطبع تعرف ما عليك عمله: (تخرج من جيبك العيدية)، ولكن إن لم يكن هذا يوم عيد فلا توجد عيدية، ماذا تفعل؟.. عموما حتي (العيدية) لا تنجح في أن تذهب منا فرحتنا في الأعياد.. ويفرح بها من يعطيها ومن يتلقاها.. في العيد نفرح، ويكون للرسائل والاتصالات والزيارات والعيدية معان جميلة.. وكل عيد ونحن جميعا في فرحة..