خبر نشرته جريدة الدستور يوم الجمعة الماضي ذكرت فيه ان الدكتور احمد رائف القيادي السابق بالجماعة كشف من ان ميزانية الجماعة التي خصصتها لدعم مرشحيها البالغ عددهم في انتخابات مجلس الشعب المقبلة 178 مرشحاً، بلغت رقم ستمائة مليون جنيه بواقع ثلاثة ملايين جنيه للمرشح الواحد لتغطية تكاليف حملته الدعائية بين ناخبيه في دائرته الانتخابية وذلك علي مستوي الدوائر التي قررت الجماعة خوض الانتخابات فيها، في حين انها كانت مائة وخمسين مليون جنيه في انتخابات عام 2005 الماضية، وافاد القيادي السابق بأن ذلك الرقم ال600 مليون جنيه - هو حصيلة اشتراكات الاعضاء العاملين بالجماعة ، حيث يدفع كل عضو عامل نسبة من 3% الي 7% من راتبه كاشتراك شهري. الرقم المعلن جد خطير، ومخيف ومثير لتساؤلات عديدة، تستوجب البحث.. حيث ان الجماعة تضم بين افرادها مستويات اجتماعية مختلفة تتأرجح بين الغني الزائد والوسطية في الدخل ، يمكن القول ان متوسط دخل العضو فيها هو خمسمائة جنيه مصري شهرياً، وإذا اخذنا متوسط الاشتراك بواقع 5% من المرتب يصبح المبلغ المقتطع من مرتب العضو هو 25 جنيهاً شهرياً، ومعني توافر 600 مليون جنيه من واقع الاشتراكات الشهرية ان عدد اعضاء الجماعة يبلغ 24 مليون عضو علي مستوي محافظات جمهورية مصر العربية، وهذا الرقم يمثل نسبة 30% من تعداد سكان الوطن بما يضمه من شيوخ وشباب وسيدات وايضاً الأطفال، و ذلك امر مستحيل الحدوث!! بالنظر الي الوازع الديني المتأصل في مواطني الشعب المصري من ابناء الدين الاسلامي الحنيف، وحرص الكثيرين منهم علي زيارة مساجد آل البيت الكريم ، ومداومة اكثرهم علي وضع النذور في الصناديق المخصصة لذلك في كثير منها، وبمعرفة ان آخر احصائية لكميات اموال صناديق النذور بلغت 14 مليون جنيه فقط، وهي المبالغ النقدية التي يسقطها الأفراد داخل الصندوق بكامل ارادتهم، يتضح انه لا وجه للمقارنة بين حجم اموال الصندوقين.. صندوق الجماعة الذي يتلقي التبرعات في صورة الاشتراكات، وصندوق النذور الذي تتجمع فيه اموال اهل التبرعات ايضاً!! السؤال الذي يفرض نفسه الآن.. من اي طريق تحصلت الجماعة علي كل تلك المئات من الملايين لتدعم مرشحيها بواقع ثلاثة ملايين جنيه لكل منها.. هل هناك من افرادها من يعمل خارج الوطن بنوعية مربحة جداً من نوعيات النشاط الاقتصادي التي تتيح له ان يتكسب ليتبرع ببضع عشرات من الملايين من مكسبه كمساهمة للجماعة الأم في مصر مساهمة منه في دعم مرشحيها في انتخابات مجلس الشعب المصري، وليعتبر ذلك التبرع كنوع من انواع زكاة ماله الوفير .. ام ان هناك جهات اكثر قوة من الجهات الفردية انظمة حكم مثلاً - يمكنها التبرع بعدة عشرات من ملايين اوراق النقد ذات اللون الأخضر دون ان يسبب لها ذلك التبرع خللاً في موازنتها العامة. تم تحديد مبلغ الدعاية الاعلانية لكل مرشح من مرشحي القوي السياسية المختلفة للانفاق علي اوجه الاعلان عن ترشحه وبيان برنامجه، في حين ان المبلغ الذي تم رصده لكل مرشح من مرشحي الجماعة يبلغ اكثر من خمسة عشر ضعفاً لما تم تحديده، فاذا كان اقل من ربع الثلاثة ملايين يكفي ويزيد لصناعة وتوزيع جميع أشكال المواد الدعائية للمرشح ، فهل سيتم استخدام الجزء الأكبر المتبقي كدعاية "شخصية مباشرة" تصل الي شخص الناخب نفسه. لقد مضت عدة ايام و لم أقرأ اي توضيح او تفسير حول صحة تصريحات قيادي الجماعة السابق التي نشرتها جريدة الدستور.. هل هذه الأرقام حقيقية، ام انها وهمية، أو انها حقيقية ولكن مبالغ في تقديرها. ظروف شعبنا الاقتصادية صعبة، ومن يرصد الملايين لشراء ارادته خاسر، انه شعب ذكي ذكاء الفطرة، سيتماشي مع الجميع، ولن يغضب احداً منه، ثم يدلي بصوته لمن يتأكد انه خير من يمثله فعلاً، سوف ينتخب من رآه سائراً الي جانبه في الشارع يستمع اليه وينصت ثم يتخذ قرار التنفيذ لما يحقق مصلحته، ولا يملك قرار التنفيذ الا سلطة التنفيذ.. صندوق الانتخابات اقوي وأشد تأثيراً من صندوق التبرعات والاشتراكات والنذور، فهو الصندوق الحقيقي الذي سيحسم المعركة الانتخابية المقبلة. رئيس تحرير مجلة ابطال اليوم الصادرة عن مؤسسة اخبار اليوم