اقترب موعد الانتخابات البرلمانية وتكثر الأحاديث الخاصة بالمشاركة السياسية الفعالة في مواسم الانتخابات.. وبالرغم من أن الترشح والانتخاب ليسا المظهر الوحيد للمشاركة السياسية إلا أنهما اثنان من أبرز مظاهرها التي يمكن رصدها من ناحية، وتتجلي أمام العامة من ناحية أخري.. وقد يكون لكل انتخابات برلمانية أهميتها وأوجه تميزها علي خريطة السياسة الداخلية والخارجية حسب المتغيرات المصاحبة لها، ولكن تبقي مظاهر مشتركة يسهل قياسها، وتصعب معرفة أسبابها ألا وهي المشاركة الشعبية الفعلية والفعالة في عملية الانتخابات. ومن الواضح أن هذا الأمر لا يهتم به مجتمع بعينه أو بلد دون آخر.. فهو همّ كبير في جميع المجتمعات المتقدمة وغيرها.. وتقوم عدة أبحاث بدراسة أسباب انعدام المشاركة السياسية أو انعدام فاعليتها.. وذلك لمحاولة التعامل بشكل علمي مع المسببات وبالتالي الحصول علي مشاركة أكثر إيجابية من المجتمع في عملية الانتخابات.. وتقول الأبحاث إن أكثر أسباب انعدام فاعلية المشاركة الانتخابية هي: الانتماء للهيكل الاجتماعي في أدوار منمطة مقررة سابقا.. مثل المرأة التي تعتبرها مجتمعات كثيرة علي أنها التابع المعاون للرجل وتحصر أدوارها في الاهتمام بالأسرة والقيام بأعمال المنزل ومساعدة الرجل إذا كانت هناك حاجة لذلك.. وحتي إذا قامت بالعمل يكون في مواقع محدودة لا تتخطاها لأن المجتمع يعتبرها لا تقوي إلا علي تلك الأعمال فقط.. وبالتالي لا تتخطي مشاركة المرأة السياسية في كثير من المجتمعات مرحلة المشاهدة، أو علي الأكثر الانتخاب التابع للاختيار الذكوري.. أي تذهب المرأة لصناديق الانتخاب لا لتختار من تقتنع بتمثيله لها، بل من يختاره الرجال. كما تخضع الأقليات العرقية أو الدينية للقاعدة ذاتها.. فتصبح مشاركتها السياسية مرتبطة بدورها في الهيكل الاجتماعي الخاص بانتمائها العرقي أو الديني أو الطائفي أو غير ذلك مما يميز الأقلية التي تنتمي إليها.. وحينئذ تصبح المشاركة السياسية للتعبير لا عن قناعة كل فرد بتمثيل ما، بل للتأكيد علي التوجه الذي تفرضه أوضاع الأقلية وإرادتها.. وفي حالة عدم اقتناع فرد ما أو مجموعة أفراد بالتمثيل الذي اتفقت عليه الأقلية التي ينتمون لها، يصبح الخيار الوحيد أمامهم هو الامتناع عن التصويت حتي لا يقفوا في وجه الإرادة الجماعية، وفي الوقت نفسه لا يقومون بالتصويت لمن لم يختاروه. عدم الانتماء لحزب سياسي أو جماعات مهنية أو اجتماعية أو نواد رياضية، أو أي مؤسسات تدعم المشاركة المجتمعية بأي صورة وفي أي أنشطة.. إذ تخلص الأبحاث إلي أن عدم الانتماء المؤسسي يعزل الفرد عن الحياة المجتمعية بما في ذلك الجانب السياسي، ويزيد من احساسه بالذاتية والعزلة وعدم التفاعل مع قوي المجتمع ولا التأثر بها ولا التأثير فيها. أما أكبر أسباب انعدام المشاركة السياسية الفعالة وأكثرها انتشارا علي مستوي العالم أجمع هو تنامي الشعور الشعبي بعدم جدوي الانتخابات.. وهي حالة تتسبب فيها كثير من الظروف والملابسات وتحتاج إلي أن نفرد لها مقالا خاصا.