منذ ما يقرب من عام صدر قرار الدكتور علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي بغلق المطاحن التي تعمل بالحجارة بسبب اعتمادها علي "قنطرة" من معدن الرصاص الذي يختلط بالدقيق ويضر بصحة الانسان. وبعد أسابيع قليلة .. قرر المهندس سامي عمارة محافظ المنوفية غلق 100 مطحن قديم.. وتم إرسال انذارات الي اصحابها لتوفيق اوضاعهم وتحديث هذه الماكينات.. واسرعت مكاتب التموين بالمحافظة في غلق وتشميع المطاحن دون ابداء اسباب لاصحابها مما اثار استياءهم خاصة وان اهالي معظم القري مازالوا يعتمدون علي هذه المطاحن بشكل رئيسي في توفير رغيف الخبز. وقام بعض اصحاب المطاحن برفع دعوي قضائية امام المحاكم لتضررهم من القرار بعد ان وصفوه ب"التعسفي" فيما لجأ البعض الآخر الي التجمهر امام ديوان عام المحافظة للمطالبة بإعادة فتحها والابقاء علي المعدات القديمة فيها خاصة بعد ان فقد العديد منهم مصدر رزقهم واصبحوا بدون عمل. موسي الجمال "صاحب احد المطاحن" يقول ان الماكينات الجديدة التي من المفترض ان يتم استبدال المعدات القديمة بها صناعة صينية وتعمل بقطع حديدية سرعان ما تتآكل مع الطحن المستمر وتختلط بقاياها بالدقيق مما يشكل خطرا علي صحة الانسان خاصة وانها تتسبب في الاصابة بامراض الكلي وتسمم الدم. واضاف "الجمال" ان قنطرة الرصاص التي تعتمد عليها المطاحن القديمة بعيدة تماماً عن حجر الطحن ولا يحدث اي احتكاك بينها وبالرغم من ذلك فأصحابها علي استعداد تام لمعالجة الماكينات واستبدالها بقنطرة من اي معدن آخر. ويشير صبحي راضي "من اصحاب المطاحن" الي ان الماكينات القديمة تقوم بطحن الحبوب مثل القمح والذرة والشعير والفول والعدس والحلبة بدون اية اضرار صحية بعكس ما اشاعه البعض عن اختلاط الرصاص بالدقيق اما المطاحن الحديثة فتؤدي غرضاً واحداً فقط هو طحن القمح. ويوضح حسام تدري انه يملك مطحنين احدهما جديد والاخر قديم مؤكداً ان غالبية الاهالي تفضل المطاحن القديمة لانها تعطي درجات متعددة من الطحين تستخدم لغذاء الانسان والحيوان والطيور في الوقت الذي ينتج عن الماكينات الحديثة نوع واحد فقط. ويلفت فرج ابراهيم "صاحب مطحن" الي ان الحجر المستخدم في الطحين يستعمل ايضا في فرم الطعمية والسمسم وزيت الزيتون والبوهارات ولم يثبت ضرره علي صحة الانسان متسائلاً : لماذا اقتصر القرار علي مطاحن القمح فقط ولم يمتد الي باقي المطاحن التي تستخدم نفس الحجر؟ ويقول جمال عباس أحد أصحاب المطاحن ان قرار التحديث يحتاج الي مبالغ كبيرة خاصة وان سعر الماكينة الواحدة يصل الي 50 الف جنيه وتعمل بقوه 50 حصان فقط ويبلغ استهلاكها من الكهرباء 20 الف جنيه والتي تمثل 5 اضعاف التيار الذي تستهلكه المطاحن القديمة فضلا عن كثرة اعطالها وندرة قطع غيارها. واشارت رشيدة أبوالفتح "من الاهالي" الي انها تفضل الماكينات القديمة لانها تعطي انواعاً متعددة من درجات الطحين بعكس الجديدة التي لا تعطي غير "الدقيق والردة" موضحة ان القرار ادي الي عزوف الاهالي عن طحن الحبوب والاتجاه الي الرغيف المدعم. ويوضح رمضان محمد "موظف" ان الاهالي يعتمدون بشكل اساسي علي الماكينات القديمة لانها تعطي وفرة في الدقيق بعكس الحديثة التي تنتج دقيقا غير صالح للخبز لكثرة عيوبه. وتضيف غالية السيد "ربة منزل" انها مصابة بالسكر وكذلك زوجها ونجلها ويأكلون درجه معينة من انواع الطحين في الماكينات القديمة وهو "السن الاسود" الذي لا تنتجه المطاحن الحديثة. فيما قال عبد اللطيف طولان "عمدة قرية شماطيش" انه التقي بالمحافظ لعرض شكاوي اصحاب المطاحن حيث تقرر تشكيل لجنة فنية لدراسة الماكينات القديمة تضم فنيين من المحافظة ووزارة التضامن كما وعده بمنح قروض ميسرة من بنك ناصر الاجتماعي لاصحاب المطاحن الراغبين في تحديث الماكينات. ان من يريد التحديث سيكون هناك مهلة لتوفيق الاوضاع واعطاء قروض من بنك التنميه وبنك ناصر. من جانبه اكد عزت حمزة وكيل وزارة التضامن بالمحافظة إنه يتم غلق المطاحن المخالفة لمدة تتراوح مابين 6 أشهر الي عامين بالاضافة الي دفع اصحابها غرامة مالية تصل الي 50 ألف جنيه طبقاً لقرار وزير التضامن الاجتماعي رقم 63 لسنة 2009 لافتاً إلي أنه تقرر منح مهلة لا تزيد علي 3 أشهر لأصحاب المطاحن لتوفيق أوضاعها إلا أنهم لم يمتثلوا للقرار.